|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
ياسين المصري
2022 / 6 / 18
يقول الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو: « لسنَا ننشد عالماً لا يُقتل فيه أحد، بل عالماً لا يمكن فيهِ تبرير القتل!»
***
بدأ البشر بمعرفة الآلهة مع إدراكهم المتزايد للظواهر الشريرة الناشئة عن تواجدهم مع بعضهم البعض، مثل الكذب والسرقة والقتل والزنا … وكذلك تلك التي تسببها لهم الطبيعة من أضرار كالزلازل والبراكين والفيضانات …، فصنعوها بأنفسهم أو اتخذوا رموزًا لها من الشجر والحجر والنار والشمس والقمر وبعض الحيوانات … التي سميت (أصنام أو أزلام). بلغ عددها حتى الآن من 8000 إلى 12000 إله، بعضها آلهة للخير والبعض الآخر للشر، وما زال الكثير منها يقوم بعمله حتى اليوم!:
https://ar.myubi.tv/923-how-many-gods-are-there-in-all-religions-combined
وبلغ عددها لدي المصريين القدماء وحدهم أكثر من 1500 إله معروفة حاليًا بالإسم تمثِّل الظواهر الطبيعية والاجتماعية والمفاهيم المجردة كالخبر والشر.
https://ar.wikipedia.org/wiki/قائمة_الآلهة_المصرية
وضع البشر آلهتهم في معابد خاصة بها، ونسجوا لها ديانات وطقوس وصلوات وراحوا يتضرَّعون إليها ويناجونها ويتقرَّبون منها بالتضحيات والتبرعات المختلفة. بالطبع كان وما زال هناك دائمًا من لا يؤمن بتلك الآلهة ولا يعتد بطقوسها على الإطلاق، ويعتبرها مجرد محاولة عبثية لإنقاذ البشرية وحمايتها من الظواهر الشريرة في حياتهم والتي غالبا ما يتسببون فيها.
***
خلال الأسرة الثامنة عشر في الفترة من حوالي 1549/1550 إلى 1292 ق. م.، والتي بلغت فيها مصر القديمة أوج قوتها، غيّر الملك أمنحتب الرابع اسمه إلى إخناتون (أي المخْلِص لآتون أو الروح الحية لآتون) في السنة الخامسة من حكمه، ونقل عاصمة ملكه إلى تل العمارنة، وأحدث ثورة في المعتقدات الدينية للمنطقة، إذ أعلن توحيد الآلهة في إله واحد هو الإله ”أتون“، معتبرا إياه إله الشمس الأوحد الذي لا شريك له، وأن نوره يفيد جميع الأجناس البشرية وغيرها، وأطلق نشيد المشرق الذي جاء فيه:
يا من يضيء المشرق بنوره
فتملأ الأرض بجمالك
أيها الجميل القوى الرائع العلى فوق الأرض
تعاليت فامتد نورك على الأرض
أيها الظاهر الباطن
يا من إذا استويت في غرب الكون
باتت الدنيا في ظلام يشبه الموت
فإذا الناس في المضاجع
وإذا رءوسهم في غطاء
فإذا ما أحمر شفق الصباح
طلعت على الكون شمسا
فإذا الدنيا وقد أضحت نهارا
وإذا الأرض تتهلل: وإذا الناس أيقاظ
أيها الواحد الأحد الذي لا إله غيره
خلقت الأرض على هواك أيها الواحد الأحد
لك الخلق من ناس وحيوان ودابة
(موقع مصر الخالدة نسخة محفوظة 15 نوفمبر 2016 في الأرشيف الرقمي:( واي باك مشين Wayback Machine).
دام حكم أخناتون 17 عامًا، وبعد وفاته في عام 1334 أو 1336 ق.م.، تعددت الآلهة مرة أخرى وعاد الرهبان إلى فتح معابدهم من جديد، إلا أن جماعة من العبرانيين التقطوا طرف الخيط الأخناتوني، وقاموا بتشكيل الديانة السماوية أو الإبراهيمية التوحيدية الأولى (اليهودية)، وأطلقوا على إلهها إسم (الله أو الوهيم او إيل او يهوه). وغيَّبوه في السماء بوصفه الإله الواحد الأحد، ليمكنهم الحديث بإسمه وبالنيابة عنه، وجعلوه شبيهًا بأخلاقهم، يتسم بالأنانية، وينتهج العنف ضدَّ العصاة والمذنبين من عباده. أعقبتها الديانة، المسيحية كمحاولة لتخفيف غُلَواء اليهودية، وأسمت إلهها (الله او الرب)، ثم جاءت الإسلاموية في عين المكان واكتفت بإسم (الله) فقط، وهو إسم مأخوذ ببساطة من كلمة (الإله) بعد حذف الألف الوسطى، (البرنامج الذي أكتب به الآن يقوم بذلك تلقائيًا!). أعدَّت كل منها كتبها المقدسة، وصنعت رموزها ومعابدها ومدارسها ومؤسساتها الخاصة بها، وأصبح المؤمنون بها بعبدون الأوهام والأحلام بدلا من الأصنام والأزلام!
عن كتاب اليهودية المقدس (العهد القديم)، تقول أستاذة الفلسفة ودراسات المرأة في جامعة ميتشيغان إليزابيث أندرسون (-1959 ) في كتابها: "إذا مات الله فهل كل شيء مباح؟: « إنه يحتوي على تعاليم جيدة وتعاليم شريرة"، وهو "غير متسق أخلاقياً"» (ص. 336).
Elizabeth Anderson, "If God is Dead, Is Everything Permitted?" In Hitchens, Christopher (2007)، The Portable Atheist: Essential Readings for the Nonbeliever، Philadelphia: Da Capo Press،.
وتنتقد أندرسون الأوامر التي أعطاها الله للرجال في العهد القديم، مثل: قتل الزناة والمثليين جنسياً و"الأشخاص الذين يعملون يوم السبت" (سفر اللاويين 20 :10؛ سفر اللاويين 20: 13؛ سفر الخروج 35: 2، على التوالي)؛ وارتكاب التطهير العرقي (خروج 34: 11- 14، سفر اللاويين 26: 7- 9)؛ وارتكاب الإبادة الجماعية (العدد 21: 2-3، العدد 21: 33 - 35، تثنية 2: 26 - 35، ويشوع 1- 12)؛ وغيرها من عمليات القتل الجماعي ( ص. 337). واعتبرت أن الكتاب المقدس يسمح بالعبودية، وضرب العبيد، واغتصاب الأسيرات في زمن الحرب، وتعدد الزوجات (للرجال)، وقتل السجناء، والتضحية بالأطفال ( ص. 337)، كما قدمت عددًا من الأمثلة لتوضيح ما تعتبره "شخصية الله الأخلاقية" مثل: «معاقبة الناس بشكل روتيني على خطايا الآخرين ... معاقبة جميع الأمهات بمنحهن الولادة المؤلمة»، ومعاقبة أربعة أجيال من أحفاد أولئك الذين يعبدون آلهة أخرى، وقتل 24000 إسرائيلي لأن بعضهم أخطأوا (العدد 25: 1- 9)، وقتل 70,000 إسرائيلي بسبب خطيئة ديفيد في 2 صموئيل 24: 10- 15، و«إرسال اثنين من الدببة من الغابة لتقطيع اثنين وأربعين طفل إلى قطع»، لأنهم شتموا شخصا ما في 2 ملوك 2: 23- 24. (ص. 336 - 337)،
كما انتقدت ما تصفه بالدروس "البغيضة أخلاقياً" في كتاب المسيحية (العهد الجديد). إذ أن « يسوع يخبرنا أن مهمته هي جعل أفراد الأسرة يكرهون بعضهم بعضًا، بحيث يحبونه أكثر من أقربائهم» (متى 10: 3 -37)، وأن « التلاميذ يجب أن يكرهوا والديهم وإخوتهم وزوجاتهم، وأطفالهم» (لوقا 14 : 26)، وأن بطرس وبولس « يرفعان مرتبة الرجال على زوجاتهم، اللواتي يجب أن يطيعوا أزواجهن كآلهة» (1 كورنثوس 11: 3 ، 14: 34-5 ، أفسس 5: 22-24، كولوسي 3:18 ، 1 تيم. 2: 11- 2 ، 1 بط. 3:1). (ص. 338)، وتذكر أندرسون أن إنجيل يوحنا يشير إلى أن « الرضع وأي شخص لم تتح له الفرصة مطلقًا لأن يسمع بوجود المسيح هو ملعون [إلى الجحيم]، دون أي خطأ من جانبهم» (ص. 339).
كذلك ذكر الفيلسوف البريطاني سيمون بلاكبيرن (1944 - )، في كتابه: ”الأخلاق: مقدمة قصيرة جدا“، أن « الكتاب المقدس يمكن قراءته على أنه يمنح تصريحا لمعاملة قاسية تجاه الأطفال والمعاقين عقلياً والحيوانات والبيئة والمطلقات وغير المؤمنين والأشخاص ذوي العادات الجنسية المختلفة والنساء المسنات». (ص. 6)
وقدَّم أمثلة على الانتقادات الأخلاقية للعهد القديم، مثل عبارة: {لَا تَدَعْ سَاحِرَةً تَعِيشُ} الواردة في خروج 22 :18، والتي يقول إنها «ساعدت على حرق عشرات أو مئات الآلاف من النساء في أوروبا وأمريكا»، ويذكر أن "العهد القديم" على ما يبدو « ليس لديه أي مشاكل مع مجتمع يملك العبيد»، ويعتبر تحديد النسل جريمة يعاقب عليها بالإعدام، وأنه إله « حريص على إساءة معاملة الأطفال». وأتى بلاكبيرن بأمثلة إضافية تشكك في أخلاقيات الله هي: حظر لمس النساء أثناء ”فترة عدم نظافة الحيض“ (ليف 15: 19-24)، والموافقة الواضحة على بيع البنات إلى العبودية (خروج 21: 7)، ووجوب قتل أي شخص يعمل في يوم السبت (خروج 35: 2). ص. 12 - 10
وانتقد بالمثل ما يصفه بمواضيع مشبوهة أخلاقياً في العهد الجديد. إذ أنه لاحظ بعض "المراوغات الأخلاقية" ليسوع: أنه يمكن أن يكون "طائفيًا" (متى 10: 5-6)، عنصري (متى 15:26 ومارك 7:27)، ولا يعطي أي قيمة للحياة الحيوانية (لوقا 8: 27-33).
وأورد من العهد الجديد أقوال ليسوع توحي بالدعوة للعنف مثل نص متى 10: 34 {لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَامًا عَلَى الْأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَامًا بَلْ سَيْفًا}. وثمة أقوال أخرى ليسوع تعارض وتنبذ العنف، مثل إدارة الخد الآخر رافضاً فكرة الانتقام أو العين بالعين (متى 5:38–40)، بالإضافة لدعوة يسوع إلى المحبة والإحسان تجاه الأعداء (متى 5:44): {وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،} ويعتبر المسيحيون هذه الآية أهم المعتقدات المركزية للأخلاق المسيحية،
Blackburn, Simon (2001)، Ethics: A Very Short Introduction، Oxford: Oxford University Press،
وذهب باحث اللاهوت السويسري أولريش لوتز (1938 - 2019)، إلى أن الأفكار التي تنقلها الآية السابقة هي ما يفصل المسيحية عن جميع الأديان الأخرى. ومن الأمثلة الأخرى على رفض العنف في العهد الجديد قصة عدم رجم المرأة الزانية التي ذكرت في إنجيل يوحنا 7:53 - 8:11
Luz, Ulrich. Matthew 1-7: A Commentary. trans. Wilhem C. Linss. Minneapolis: Augsburg Fortess, 1989
اعتمدت الإسلاموية - كما ذكرنا في المقال السابق - على النصرانية التي اعتنقتها مجموعة من اليهود، إدعوا أن عقيدتهم هي الوسطية بين اليهودية والمسيحية، بعد فبركتها وإضافة عناصر أخرى من الوثنية والزرادشتية وغيرها. كان من المفترض في هذه الديانة وهي بحسب القرآن والسنة تعد دين الحق وآخر الديانات (السماوية) ونبيها آخر المرسلين، أن تكون أكثر رحمة وتسامحًا وإنسانية بالبشر من الديانتين السابقتين لها، ولكنها جاءت بعكس ذلك تمامًا، إذ أن الداخل إليها محمود والخارج منها مفقود. وأهم ما يميزها هو الكذب والكراهية للأخرين والعنف والقتل والسلب والنهب والسبي والاغتصاب، وهي جميعها مطالب من (الله) الواحد الأحد الذي لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، يرانا ولا نراه، يراقب أقوالنا وأفعالنا ويحاسبنا عليها، ويفرض مشيئته علينا من دون الاعتراض عليها!. { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الأنعام: 103)
وراح المفبركون يصفون الله بأنّه كائن شخصي لا مادي، وأعظم مما يمكن تصوره. وليس بموجود أي (ليس بمخلوق) وهو محدِث وليس بحادث، و(ليس كمثله شيء)، أي أنّه ليس له ند وليس شيئاً مادياً وليس هناك من يشابهه أو يماثله. {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الحديد : 3)
ولكي يكون عليمًا بكل شيء أسبغوا عليه خواص حِسِّيَّة، فأجلسوه على عرش (طه: 5)، يحمله ثمانية من الملائكة (الحاقة: 17)، ليراقب بالسمع والبصر ما يفعله العباد (الشورى: 11 والإسراء: 1) (هناك أكثر من 40 آية في القرآن تتحدث عن سمعه وبصره)، بل له أيدي يبسطها (المائدة: 64) ويمد يده للَّذِينَ يُبَايِعُونَ نبيه لأنهم يُبَايِعُونَه. (الفتح: 10).
أنشئت لهذا الهراء الكتاتيب والمساجد، وتولى رعايته وتسويقية مؤسسات دينية وحكومية وجمعيات ومعاهد وجامعات وكتب ورموز مقدَّسة لا تُعَد ولا تحصى، بهدف الاستفادة الشخصية من تنفيذ مشيئته بالصلاة والزكاة والتقرب منه عند الحجر الأسود والكعبة وأضرحة أولياء الله الصالحين ….
لقد وضعت الديانة الإسلاموية ركيزة ثقيلة جدا في تصورها للإله المسمَّى ”الله“، الذي خلق الكون ويتولى تنظيمه، وفرض مشيئته عليه، وتشهد كل المخلوقات بعظمته وتفرده، وتدين بالعبودية له، وتقدسه في وحدانيته و علو شأنه، وتسبح بحمده إناء الليل وأطراف النهار. وبثوا في ثناياه جميع الخصال البشرية الحسنة والسيئة على حد سواء، وجميع عوامل الترغيب والترهيب، ونسبوا إليه أقوالًا وأفعالا متناقضة ولا إنسانية، ليتمكنوا بمقتضاها من التعامل مع البشر، فهو يشتم ويسب، ويدعو للكذب وينسى ويحُضُّ على الرحمة والمحبة ويحرِّض على العنف والكراهية، ويأمر بالإحسان والتقوى والإرهاب والقتل، ويتصرف بعنصرية بين الناس، فهو غفور رحيم للمسلمين دون غيرهم، ويتبارى مع البشر في المكر، وهو خير الماكرين.
وقالوا عنه إنه هو الذي خلقنا ويعلم ما توسوس به أنفسنا وهو أقرب إلينا من حبل الوريد (ق: 16)، ويستجيب لهؤلاء الذين هم في ضيق ويدعونه. ومع أنه مسيطر وقادر على كل شيء، إلا أنه يدعو المؤمنين به إلى الطريق (الصراط) المستقيم بلا اعوجاج والجهاد من أجله، وأمر المتأسلمين أن يضحوا بكل ممتلكاتهم وبحياتهم في سبيله، ليتقربوا إليه وينعموا بخيراته في الدنيا ونعيم جناته في الآخرة. المشكلة هنا هي أنه ترك الباب على مصراعيه لكل من هب ودب أن يحدد بنفسه وبخياله الجامح معالم هذا الطريق للآخرين!
من أهم عناصر الترغيب وعد الله الأتقياء من عباده بدخول جنته خالدين فيها، لينعموا بجمالها ويبتهجوا بحسنها ويقيموا في ظلها وينالوا فيها كل ما تشتهيه أنفسهم وتقر به أعينهم، ثوابًا منه، (مريم: 63)، (المؤمنون 11)، (الزخرف 72).
وأعد لهم فيها أنهارًا من خمر، وعسل، وحور عين كأنهن المرجان والياقوت، لم يمسسْهن قبل أنس ولا جان، وخدم وولدان، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وأعظم نعيم فيها على الإطلاق النظر إلى وجهه (البقرة: 25)، (الكهف: 31 - 30)، (الواقعة: 36 - 7).
كل هذا في مقابل طاعته والجهاد في سبيله، أما العصاة، الخاضعون للشيطان، فقد وجد لهم الملفقون مصطلحًا عامًا هو (الجحيم)، الذي ورد في الكثير من المعتقدات والديانات الأخرى لتصوير العقاب للأنفس الشريرة أو العاصية. أشارت الإسلاموية إلى الجحيم باسم (جهنم) نسبة إلى وادي هانوم، الموجود خارج القدس يحيط بالبلدة القديمة، وكانت تقدم فيه ذبائح بشرية من الأطفال دون 3 سنوات من قبل الكنعانيين للآلهة الكنعانية مثل بعل ومولوخ، واستخدمه العهد الجديد بإسلوب مجازي ليشير إلى العذاب النفسي للمذنبين.
وردت كلمة الجحيم ومرادفاتها في القرآن مرات عديدة، ليعذب الله فيها من استحق العذاب، منها: (المائدة: 86)، )الانفطار: (14 - 13
وجهنم في سورتي (الكهف: 106)، و(الحجر: 43).
ومرادفاتهما مثل: النار في (البقرة: 24)، والحطمة في (الهمزة: 4-6). وسقَر في (القمر: 48). والهاوية في (القارعة: 8-11). والسعير في (الملك: 10).
ولا يخفي هذا الإله كراهيته وساديته للبشر، دون إبداء أي سبب، فيقول: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}. (السجدة: 13).
ويبدو أن نبي الأسلمة لم يرق له الوصف الإلهي لجهنم على أنها مكان شديد الحرارة فأضاف إليه أيضًا أنها مكان شديد البرودة (الزمهرير) بحسب ما جاء في كثير من الاحاديث المنسوبة له.
https://sotor.com/ما-هو-زمهرير-جهنم/
وخلال العشر سنوات الأخيرة من حياة النبي كشف إله المتأسلمين عن وجهه الحقيقي، فهو الجبار والقهار والمنتقم والمُتكبر وخير الماكرين، واتسم ميوله بالقسوة والشر. حرّض المؤمنين على قتل المخالفين نيابة عنه: (البقرة: 191 و216)، والقتال في الأشهر الحرام (النساء: 74) وقتل الذين يقاتلون في سبيل الطاغوت (النساء: 76)، وأمر بتحريض المؤمنين على القتال في سبيله (النساء: 89)، وطلب بقتل وصلب وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض للذين يحاربون الله ورسوله (المائدة: 33)، وطلبهم بالضرب فوق الأعناق ومنهم كل بنان (الأنفال: 12) أي يضربوا رؤوس الكفار، ومنهم كل طرف ومِفْصل. وفي نفس السورة طلب من أتباع محمد أن يعدوا لأعدائه ما استطاعوا من رباط الخيل لإرهابهم (39) وطلب من النبي تحريض المؤمنين على القتال (65)
أما سورة التوبة التي تعتبر آخر سورة نزلت في القرآن فهي كارثة بحد ذاتها، إذ تعكس المدى اللامتناهي للعنف والإجرام الإلهي المقدَّس، أنظر: (التوبة 5 ، 12 ، 13 ، 14 ، 29 ، 36 و73)
ونجده يأمر أتباع نبيه بألّا يضعفوا عن الأعداء ويدعوهم إلى الصلح والمسالمة، وهم القاهرون لهم والعالون عليهم: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (محمد 35)
وهكذا بدلا من يمنع هذا الإله القتل بين البشر راح يحثهم عليه ويبرره لهم، فلا عجب أن يتوالى ويتكرر على مر العصور ظهور جماعات إسلاموية مجرمة تتبنى العنف الإلهي، وإذا لم تجد عدوًا تقاتله وتقتله قاتلت وقتلت غيرها من المتأسلمين، وفي كل الأحوال، يصرخ القاتل والمقتول بأعلى صوته في وقت واحد (الله أكبر)، فالأول سيدخل جنته اللعينة لأنه جاهد في سبيله والثاني سيدخل أيضًا نفس الجنة اللعينة لأنه شهيد!
يقول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل (1872 - 1970): « لو أنجبتُ طفلا مع علمي أنه سيكون قاتلا، فأنا مسؤول عن جرائمه، ولو خلق الله البشر مع علمه بذنوبهم، فهو مسؤول عنها».
وهكذا تنضم فكرة (الله) بقوة ضمن منظومة الغباء الجمعي المسيطرة على المجتمعات المتأسلمة منذ زمن بعيد، والتي أصبح العالم بأسره يعاني منها اليوم، نتيجة لعلمنة هذا الغباء.