حول المقاتلين الأجانب في الثورات ( سوريا مثالا )

صلاح بدرالدين
2025 / 6 / 5

حول المقاتلين الأجانب في الثورات
( سوريا مثالا )
جميع أنواع الثورات الاستقلالية منها مثل الثورة الامريكية ، او الثورية التحررية التقدمية منها مثل الثورة الكوبية ، او الاجتماعية الشعبية مثل الثورة الفرنسية وثورة أكتوبر العظمى ، او الوطنية الديموقراطية مثل الثورة السورية وغيرها وغيرها ، لم تقتصر على عنصر واحد معين بل على انتماءات عناصر قومية ، او دينية ، او مذهبية معينة ، وفي كثير من الحالات لم يتكون الثوار من السكان المحليين فقط ، بل وجدوا بين صفوفهم متطوعين ، ومناصرين لهم من دول واعراق أخرى ، وقد تكون لاسباب عديدة ولكن لتحقيق هدف اولي واحد ، ووحدت الثورة الجميع على طريق واحد من اجل تحقيق هدف مشترك على الأقل في المراحل الأولى ، وبعد تحقيقه اصبح الخيار مفتوحا لكل عنصر من تلك العناصر استمراره في ظل الكيان الحر الجديد ام انتقاله الى حيث يشاء .
ثورة الاستقلال الامريكية
في تورة الاستقلال الأمريكي من سكان المستعمرات البريطانية الثلاثة عشر ، يُشير ( تعبير «الآباء المؤسسون» إلى مهندسي الدستور الأمريكي الذين يعتبرون أبطالًا في الولايات المتّحدة. هؤلاء الستون رجلاً يشتركون في العديد من النقاط: جميعهم من البيض، ومعظمهم من المسيحيين.) لم يكونوا من قومية واحدة ،ينتمون الى معظم الاقوام الأوروبية ، ولم يقتصر الامر على هؤلاء بل شارك – السود – من أصول افريقية بقوة ، وكذلك السكان الاصليون من الهنود الحمر ، وبعد ان حققوا هدف الاستقلال عن المستعمر البريطاني ، توافق الجميع على ابرام العقد الاجتماعي الجديد ، وصياغة دستور الولايات المتحدة الامريكية .
الثورة الكوبية
شهدت الثورة الكوبية مشاركة واسعة من مواطني العديد من دول أمريكا اللاتينية ، وبرز بينهم اسم – الارجنتيني – من أصول اسبانية باسكية ، الثائر الاممي – ارنستو تشي غيفارا – الذي حرر العاصمة – هافانا – قبل وصول قائد الثورة – فيدل كاسترو – باسبوع ، وقد أعلنت الحكومة الثورية – غيفارا – مواطنا كوبيا تقديرا لدوره في تحقيق النصر ، كما اصدرت الحكومة الوطنية الأولى بعد التحرير قانونا يمنح الجنسية وحق المواطنة الكاملة لكل من حارب مع الثوار الكوبيين ، الى جانب رتبة – عقيد – لكل من اختار العمل في الجيش الوطني .
وفي بعض الحالات عاد المقاتلون ( الأجانب ) الى ديارهم بشكل طوعي ، وغادروا كوبا الى اوطانهم الاصلية بمحض ارادتهم مثل حالة القائد – غيفارا – الذي وجه الرسالة التالية الى رفيقه الرئيس كاسترو والشعب الكوبي : ( : أشعر أني أتممت ما لدي من واجبات تربطني بالثورة الكوبية على أرضها، لهذا أستودعك، وأستودع الرفاق، وأستودع شعبك الذي أصبح شعبي. أتقدم رسمياً باستقالتي من قيادة الحزب، ومن منصبي كوزير، ومن رتبة القائد، ومن جنسيتي الكوبية، لم يعد يربطني شيء قانوني بكوبا ) .
الثورة السورية
منذ ان انتفض السورييون ضد نظامهم الدكتاتوري المستبد ، وبعد مرحلة تحول الانتفاضة الى ثورة دفاعية خصوصا بعد انحياز جزء كبير من الجيش السوري من مختلف الرتب الى صفوف الشعب باسم الجيش الحر ، كان واضحا في العامين الاولين ان ميزان القوى يميل الى جانب الثوار ، لذلك اضطر النظام من اجل بقائه الى الاستعانة بالخارج ، فجلب جيوش الاحتلال الروسي والإيراني ، وفتح الأبواب لدخول الميليشيات المسلحة المصنفة إرهابية ( حزب الله اللبناني ، والميليشيات العراقية ، والإيرانية ، والزينبيين ، والفاطميين وووو) ، وفي الجانب الاخر أي معسكر الثورة والمعارضة المكون من مختلف التيارات الإسلامية ، والقومية ، واليسارية ، والليبرالية ، والذي كما هو معروف وبسبب ضعف وهزالة التيارات الأخرى سيطر الإسلام السياسي في ظل – المجلس الوطني السوري - على مقاليد الأمور ، خصوصا وانه كان يحظى بدعم العديد من الدول الإقليمية بينها الحكومة الإسلامية التركية ، وقطر ، والسعودية ، فارادت القوة الأكثر تنظيما بين تلك الجماعات – حركة الاخوان المسلمين – السورية استثمار الوضع لمصلحة مشروعه السياسي في ( اسلمة واخونة ) الثورة والمعارضة ، وبدات باستقبال مجموعات مسلحة وبينها عناصر راديكالية من مختلف الدول الإسلامية باسم نصرة الثورة السورية ، وبذلك أصبحت سوريا الدولة الأكثر اغراقا بالجماعات المسلحة الأجنبية ، وتحولت الساحة السورية الى ميدان لصراع القوى الأجنبية عبر الاحتلالات العسكرية لدول عظمى وكبرى ، وصغرى ، حول النفوذ ، والمصالح ، ومرتعا للميليشيات العابرة للدول والقوميات ، والمذاهب .
وكان للكرد أيضا حصة بوفود مسلحي – ب ك ك – من مركز – قنديل – وتركيا ، والعراق ، وايران ، بعد الاتفاقية الثانية المبرمة بين اللواء آصف شوكت ، ومركز قنديل بوساطة من كل من الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني ، وقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني – قاسم سليماني - .
إشكالية المقاتلين الأجانب
قبل كل شيئ يجب التمييز بين نوعين من المقاتلين الأجانب الذين حلوا بسوريا : الأول – من الذين وفدوا عبر النظام البائد ، وبناء على اتفاقيات ، وتفاهمات ، وبهدف نصرته ، والثاني – من الذين جاؤوا وحاربوا مع الثورة ضد النظام ، وهذه الفئة الأخيرة هي موضوع بحثنا الان ، حيث تناولت وسائل الاعلام ان بضع مئات من – الايغور – الصينيين الذين كانوا في صفوف – جبهة النصرة – قد تم تسوية أوضاعهم بالتفاهم بين حكومة دمشق والدول الغربية ، ودمجهم بالجيش السوري ، والمبرر ان بقاءهم افضل وأأمن من طردهم الى خارج سوريا ، إضافة الى العامل الإنساني .
وكما أرى فان تجربة الثورة الكوبية بهذا المجال نموذجا يمكن الاقتداء به حيث يترك الخيار للشخص المعني الذي قاتل في صفوف الثورة اما المغادرة ، او البقاء بشرط الخضوع لجميع بنود قوانين الدولة ، والالتزام بسيادتها ، وسلامة شعبها ، وقبول الاندماج بالمجتمع الجديد .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي