|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
بهاء الدين الصالحي
2025 / 11 / 5
ماذا أراد فؤاد حداد بذكره قصائده في عظماء ذلك الوطن؟ بمعنى أدق ماذا آثار ذكر هؤلاء في عقله من قناعاته التي يكونها عبر حياته؟
في قصيدة عبد المنعم رياض يمارس معنى فؤاد حداد لعبة تبادل الأدوار ما بين العقل الجمعي وما بين الأفراد الذين أرادوا بسلوكهم الفعلي تجسيد ذلك العقل الجماعي في صور البطولة التي استدعت أن يجسده فيها بقصيدة، وبالتالي تصبح الجدلية هنا بحكم التكوين الخاص بـ فؤاد حداد كان استدعاء عناوين القصائد باسماء الاشخاص تحول الأشخاص إلى فكرة مجسدة وبالتالي تناوبت الأفكار في عقله واتحدت ما بين التجسيد والتجريد لتخرج لنا القصيدة بناء مرجعيا حيث يتحول الشعر في هذه الحالة من جرعة وجدانية تتناوب بالغناء و الموسيقى إلى طاقة عقلية أو أرجوزة او حالة قياسية قابلة لأن تتحول إلى اسطورة لانها اكتملت فيها المعاني العقلية هنا تصبح اللغة أكبر من فكرة الوصف فتتحول اللغة نفسها إلى حالة من حالات التماهي مع ذلك الإبداع المتمثل في الشخصية ليصبح السؤال من هو عبد المنعم رياض وماذا صنع ليتحول الى ايقونة وذلك سؤال لن يطرح من ذلك الجيل الذي نحياه ونمارس معه التفاعل ولكنه سؤال سيوجه من الأجيال القادمة وبالتالي يسعى الشاعر لتقديم الإجابة هنا عبر تلك القصيدة وهو أمر يعكس درجة من درجات الوعي والمسؤولية والالتزام تجاه الجيل القادم.
وذلك التجسيد يأتي في قصيدة عبد المنعم رياض حيث يقول الشاعر: والشعب يسقي الأرض يعرف مقام/ القمح والحرية بين الشجر/ والشعب يقرا في الجبين والحجر /كل المعاني أصبحت إنسان. عبد المنعم رياض. اكثر من أم وأب.
تأتي الفواصل ثابتة: عبد المنعم رياض اكثر من أم وأب. لتصبح كغرض نهائي للوصف السابق عليه وبالتالي تبدو روح ملحمية في البطوله لان الفرد هنا لا يسعى لتحقيق هموم فردية بقدر ما أنه يسعى لتجسيد مجموعة القيم التي جاءت على سبيل الوصف والجمل التقريرية فيما سبق تلك اللازمة الفاصل. يمارس الشاعر عدد من الايقونات او الادوات التي يتم ممارستها في الشعر الفصيح وهي خاصية التفريع حيث يعيد إنتاج دلالة اللفظ في أكثر من بيت عبر تلك القصيدة بحيث أن مفردات القصيدة اللغوية تؤدي الى سياق موضوعي واحد وهو أن حرية الشعوب مرتبطة بقدر ما يقدمونه من تضحيات من أجل هذه الاوطان: الشعب مؤمن بالجهاد والدين /والشعب يعرف من تاريخه الليل/ والشعب يعرف من تاريخه النهار/ والشعب يسقي الأرض/ يعرف مقام القمح والحرية بين الشجر.
الشعب هنا بصيغة الفاعل وكل الأفعال التي جاءت خلف تلك الكلمة الايقونة بصيغة الفعل المضارع وهو أمر يأتي على سبيل الاستمرارية وحكمة الإتيان بهذا التكثيف في صفه الشعب انه اراد د قولا واحدا ان الشعب لن ينسى إبنا جسد قيمه وأخلاقه وقاوم على الجبهة بكل حب للأرض، هنا تأتي اللغة لتصبح نوعا من إعادة إنتاج الأحداث، يخاطب عقل المتلقي بالاصل أن القضية هنا عند فؤاد حداد هي قضية تنوير ومن هنا جاءت قيمته كشاعر أرسى قيما في مدرسة العامية لأن قيمة فؤاد حداد انه اراد اعادة تاريخ مصر من خلال شعره وكأنه اراد تقديم المانيفستو الخاص به عبر ادائه الشعري بعدما عجز عن ادائه المباشر من خلال العمل السياسي: 21 شهر بعد يوم 9 يونيو/ الدمع نور بالشرف والعزة /والحزن نور في صميم القلب. عبد المنعم رياض. اكثر من أم وأب.
تركز هنا على أداة النداء: يا سامعين / يا كلنا/ يا كل/ يا مصري. يقرر ذلك التمازج من خلال تجسيد المعنى الحقيقي لاستشهاد عبد المنعم رياض على أنه فعل طبيعي قابل للتكرار هنا تعتبر الارجوز أو الملحمة متحققة بكل شروطها ومن هنا استحقها فؤاد حداد مقولة أنه كاتب الملحمة المصرية الحقيقي،: شرع الكرامه شرع الاستشهادو ننهض مع الارض اللي تولد رياض /ونمشي بالرقبة اللي فيها التار ما نتلفتش / نطلع على شط القناة التاني/ طالع على شط القناة التاني/ قال للسمع والارض انت الباقية/ ولكل حبة خير يا امي الغاليه/ وللشهادة يا وطن أوطاني. البعد الملحمي في القصيدة أنه لم يجعل من عبد المنعم رياض بطلا مفردا اتى ما لم يؤته الآخرون بقدر ما أنه جسد انه ابنا لذلك الوطن كما يجب أن تكون البنوة، وبعد أن نزع الفرادة وأساس الجمعية في سلوك رياض كانت الضرورة الفنية لنهايات الخمس مقاطع الأخيرة من القصيدة : كل أيامنا رياض. هنا يتحول رياض من حدث الى حاله ربما كانت تلك الحالة مطلب أساسي لتجاوز الهزيمة هنا العلاقة ما بين الفرد والمجموع حيث اكتساب الفرد لخلوده من حيث تعبيره عن أفكار المجموع واحلامه هنا يكون فؤاد حداد متسق مع مبادئه ومع بنائه العقلي لتصبح القصيدة هنا نوع من النداء الثوري وليكن هنا سؤال ماذا أضاف فؤاد ما بعد بيرم التونسي؟ نستطيع الإجابة بمحاولة التفريق ما بين الطابع الجماعي للمشروع الوطني الذي مثله بيرم التونسي في بدايات القرن العشرين مع ثورة 19 ذات الصيغة التوفيقية بحثا عن حوار افضل ما بين عناصر الأمة وما بين المشروع الأيديولوجي الذي يمثله فؤاد حداد حيث تجاوزت المسألة فكرة المستعمر وأصبح المثقف ممثلا في فؤاد حداد يبحث عن تجويد ملامح الحياة داخل الدوله الوطنيه هنا الفارق ليصبح جهد الابداع أكبر وجهد الإصلاح أكبر وجهد المسؤولية أكبر وجهد المواجهة أكبر بما يستدعي الخسائر التي تطال الحرية يوما ما. ويتبدل ذلك الملمح في الجمع ما بين القمح والحرية لتطرح لنا صيغة توفيقية أنه لا يجوز التضحية بالحرية السياسية في مقابل الحريه الاقتصاديه والا فقد الطائر أحد جناحيه وفقد قدرته على التحليق.
يتبع
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |