|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

إقبال الغربي
2025 / 11 / 4
بعد ان تم في مصر منع فيلم “الملحد” بناءا على دعوى قضائية قضت بالغاء ترخيصه و منع عرضه في القاعات بحجة الاساءة الى الاسلام تتالت التصريحات حول ظاهرة الالحاد في مصر و في ارض الاسلام .
فقد اقر مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة ان الازهر قام بدراسة ميدانية على ستة الاف شاب و وجد ان نسبة الالحاد بينهم وصلت الى (12.3%).
اما استاذة العقيدة الاسلامية في جامعة الازهر الدكتورة امنة نصير فقد صرحت ان اربعة ملايين مصري قد تركوا الاسلام مؤكدة ان التشدد الديني يؤدي الى الهروب الى الالحاد .
و تتضارب احصائيات الالحاد في ارض الاسلام بين التهوين و التهويل .
و قد اجرت مؤسسة الب ب س بالتعاون مع مركز الابحاث البارومتر العربي استطلاعا بين التراجع الواضح للتدين في ارض الاسلام فقد بينت الابحاث الميدانية نسب الاتدين تصل الى (13 %).
الاستطلاع، الذي شارك فيه أكثر من 25 ألفا من سكان عشر دول بالإضافة إلى الأراضي الفلسطينية في ربيع عام 2019، بين ارتفاع نسبة غير المتديين بأعلى المعدلات في دول مثل تونس وليييا والجزائر، فيما أظهر الاستطلاع أن عددا متزايدا من العرب و المسلمين يديرون ظهورهم للدين والتدين.
ووفقا لدراسة اعدها معهد غالوب الدولي عام( 2014 ) ،فيبدو ان نسبة الالحاد افي المملكة العربية السعودية وصلت في حينها الى ( %9 )،الأمر الذي اضطر السلطات الى اصدار مراسيم تعتبر
التشكيك بمباديء الاسلام ارهابا.
ومع انه من الصعب الحصول على نسب رسمية للالحاد واللادينية في المجتمعات العربية لأسباب سياسية و دينية ،فان الحقيقة التي يتفق عليها الجميع بمن فيهم رجال الدين هي ان الالحاد واللادينية قد تنامىا
بعد الربيع العربي بين اوساط الشباب والشابات في ارض الاسلام .
ان ظاهرة الالحاد ليست جديدة فقد عرف العالم العربي و الاسلامي الالحاد كحالات فردية فقد انتقد العديد من العلماء و المفكرين الدين و النبوة مثل الطبيب الشهير ابو بكر الرازي و الشاعر الفيلسوف ابو العلاء المعري
وابن المقفع و ابن الراوندي الذي هاجم نظرية اعجاز القران و سخر من طقوس الطواف و رمي الجمار في كتابه الزمرد .و تتالت بيانات الالحاد مع الكاتب المصري سماعيل ادهم الذي الف كتاب “لماذا انا ملحد” سنة (1937).
كما عرف التاريخ الاسلامي حركات اجتماعية عقائدية انتقدت بشدة الدين .
أولى هذه الثورات ثورة بابك الخرّمي التي اندلعت سنة (816) ضد الدولة العباسية و استمرت حوالى عشرين عاما ،و قد رفع بابك شعار الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وللأرض. وكان يحرّض الأجراء على تجريد بأصحاب
الإقطاعات من املاكهم ومصادرتها اعتقادا ان الحرية المطلقة في التملك و احتكار الثروات دون قيد و دون تحديد يجلب الضررللاخرين .
و قد قمعت هذه الثورة في عهد الخليفة المعتصم و قتل بابك لكن تمكنت زوجته خورامية ابنة فادة من النجاة و اسست الحركة الفكرية و الاجتماعية الخرمية المعادية للسلطة المركزية الاسلامية .
ثاني الانفاضات هي ثورة الزنج التي اندلعت في القرن التاسع ميلادي في جنوب العراق و استمرت لفترة خمسةعشر سنة وقد اعتبرتها السلطة القائمة الحادا و خيانة و زندقة لانها دعت الى مقاومة الامام الجائر و حرضت
على ضرورة الثورة عليه .
وكانت انتفاضة العبيد حركة تحرر و تمرد ضد السلطة المركزية الاسلامية و رفض لشرعيتها السياسية و الدينية و مراتبيتها الطبقية.
و قد تكون جسم ثورة الزنج من العبيد و عمال الفلاحة و العملة الاذين يتم تسخيرهم لتجفيف المستنقعات لازالة الطبقة الملحية من السباخات وقد كانو يعيشون استغلالا فضيعا و ظروف عمل لاانسانية فالتحموا بالثورة
للتحرر من سعير جحيمهم اليومي .
كان هدف الثورة اذن القضاء على المنطق العنصري السائد و انهاء استغلال الانسان لاخيه الانسان .
في القرن التاسع ميلادي انجز القرامطة تجربة ثورية اجتماعية فريدة في العصور الوسطى الغت الملكية الخاصة لوسائل الانتاج و الغت تعدد الزوجات ،حيث كان للنساء دور هام في مؤسسات الدولة و مشاركة فاعلة
في النظام الجديد .
و هكذا عارض الثوار القرامطة الاستبداد الديني بالعلمانية و استعباد الرجل للمراة بالمساواة بين الجنسين و الاحكام الشرعية بالحرية الدينية .
وقد كان نقد الدين أوّل نقد مارسته هذه الحركة أفضى إلى رفض الاوامر و النواهي الدينية و التحلل من اعباء الفروض و الطقوس التقليدية . لقد كانت تسعى إلى الإطاحة بالنظام السائد الزمني والروحي وإقامة جمهورية علمانية على أنقاض الدولة الأوتوقراطية.
و قد تم اعتبار الدولة القرمطية التي كان يحكمها مجلس جماعي يسمى “العقدانية” والتي دامت حوالى قرنين من الزمن كمونة الإسلام على غرار كومونة باريس .
اليوم اصبح اللاتدين و الالحاد ضاهرة اجتماعية و قد ساهمت الثورة الاعلامية و المعلوماتية و المنصات الاجتماعية في انتشاره عبر توفير مساحات امنة و مفتوحة للنقاش و الجدل و عبر امكانية تكوين مجتمعات
افتراضية لللادينين و للملحدين.
و قد وفرالفضاء الرقمي و منصات التواصل الاجتماعي قاعدة فكرية و هوية جماعية و مكانة مرئية لالاف الشباب تجسدت عبر عشرات المواقع اللادينية مثل :
- شبكة الملحدين العرب
- مجلة الملحدين العرب
- منتدى الملحدين العرب التنويري
- قناة العقل الحر
و قد تزايد و تصاعد عدد متابعي و مرتادي مجموعات اللادنيين و الملحدين في الفضاء الاسلامي الى عشرات الالاف.
استعملت المواقع الادينية جاذبية المحتوى واعتمدت على التنوع في عرض المضمون فوظفت الصورة و الرموز التعبيرية و الكاركاتور و الانفوغرافيا و الفيديوهات التي تنشر الاختراعات العلمية المذهلة و تقنية
الاختطاف من القران الكريم مثل قول “و يسالونك على الالحاد قل الالحاد من امر عقلى و ما اوتيتم من العقل الا قليل “ و استفادت هذه المواقع من اجواء حرية التعبير و من تعطش الشباب الى الجدل و النقاش في مواضيع
حساسة و جريئة كما ارتكزت على حاجة الشباب الى ايجاد سبب للحياة في منظومة عبثية و معادية للبشر اختزلت الوجود الانساني في انتاج وحشي و استهلاك حيواني .
و من اسباب و عوامل تنامي هذه الظاهرة نذكر:
-- التحولات الديمغرافية وتقلص هيكلة العائلة الموسعة و هيمنة الاسرة النواة و ما يتبعها من ميولات فردانية و مطالب حقوقية
- -انحسار الامية و انتشار التمدرس و تعزيز التمكن من المدونة الدينية و من النصوص الشرعية التي اصبحت متاحة للجميع عبر الفضاء الافتراضي
-- ضهور الدولة الاسلامية داعش و انتشار ممارسات و حشية و فضاعات ارتكبتها باسم الدين و تحت شعارات قرانية مما ادى الى نفور العديد من الشباب من الدين و التدين
-- استشراء الفساد المالي والاخلاقي للتنظيمات و تكريس منطق الغنيمة لدى الاحزاب الدينية التي حكمت اثر الثورات العربية و التي استمدت مشروعيتها من اخلقة الحياة السياسية
-- افلاس شعار “الاسلام هو الحل “ الذي ساد منذ سبعينات القرن الماضي حيث عجزت الاحزاب الاسلامية عن ادارة مجتمعاتها و التقدم بها نحو الافضل
-- ضعف الخطاب الديني السائد و تسمره في الماضي و عجزه عن مواكبة التطورات الفكرية و التحولات الاجتماعية
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
1 - مقال مهم |
العدد: 887522 |
| صباح كنجي |
2025 / 11 / 5 - 00:59 |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |
|