قراءة أدبية لنص -نرسم مرتين- لفاطمة الفلاحي بقلم: الدكتور الناقد عادل جوده والشاعر حسام أحمد

فاطمة الفلاحي
2025 / 10 / 11

قراءة أدبية لنص "نرسم مرتين" لفاطمة الفلاحي بقلم: الدكتور عادل جوده

‏يُمثّل هذا النصّ عتبةً من عتبات الوعي الأنثويّ بالعلاقة الوجودية بين الذات والآخر، حيث تُقدّم الشاعرة علاقةً إنسانيةً عميقةً عبر ثنائية الرسم التي تتجاوز الدلالة الحرفية إلى فضاءات الانزياح الفلسفيّ. فالنصّ يحفر في عمق العلاقة الإنسانية من خلال ثنائية "الراسم والمرسوم" التي تتحوّل إلى استعارةٍ كبرى للصراع بين قوة الذات وضعفها.

‏في البناء الفنّي، يشيترك النصّ مع فنّ الديبتيك في الرسم، حيث ينقسم إلى لوحتين متقابلتين:
‏ لوحة الرسم الإيجابيّ التي تُجسّد حالة التماهي مع المحبوب، ولوحة الرسم السلبيّ التي تعكس حالة الانزياح عن الذات.
‏ هذا التقسيم الثنائيّ يُحدث تناغماً موسيقياً داخلياً يعكس تناقض المشاعر الإنسانية بين القوة والضعف بين الوضوح والغموض.

‏المستوى الرمزيّ يتجاوز الظاهر إلى أعماق سيكولوجية العلاقة، فـ"السور" يتحوّل إلى رمز للحماية الوجدانية، و"الطيف المتكوم" يُجسّد الحضور الغائب في أعماق الذات.
‏ بينما "المسخ" يرمز إلى تشويه الهوية في علاقة غير متكافئة، و"القفار" تتحوّل إلى صحراء عاطفية تبحث فيها الذات عن واحة وجود.

‏الثنائيات الضدّية تُشكّل العمود الفقريّ للنصّ، حيث تتصادم "النبيلة" مع "المسوّمة"، و"الوضوء" مع "الغفلة"، و"السلطان" مع "المسخ".
‏هذه الثنائيات لا تُقدّم تناقضاً فحسب بل تُعبّر عن ازدواجية التجربة الإنسانية في علاقات الحبّ المعقّدة.

‏الانزياحات الدلالية تمنح النصّ شعريّة متميّزة، فـ"المطر المجنون" يتحوّل من ظاهرة طبيعية إلى حالة وجدانية جامحة، و"الأنشوطة" تتحوّل من رباطٍ ماديّ إلى قيدٍ نفسيّ.
‏هذه الانزياحات تُحدث تفجيراً دلالياً في النصّ يُضاعف من قوته التعبيرية.

‏التقنيات الأسلوبية تتنوع بين الاستعارة التمثيلية التي تحوّل العلاقة إلى لوحةٍ مرسومة، والتشخيص الذي يمنح المشاعر وجوداً مادياً ملموساً.
‏كما يُظهر النصّ براعة في استخدام الضمائر المتغيرة التي تعكس تعدد الأصوات وتداخل الأدوار بين الفاعل والمفعول.

‏المشهد الوجوديّ يُقدّم سؤالاً مصيرياً عن إمكانية الشفاء في علاقةٍ غير متوازنة حيث تتحوّل "النبلية" من صفةٍ إيجابية إلى عبءٍ وجوديّ.
‏النصّ يظلّ معلقاً بين أملِ الخلاص ويأسِ الاستمرار بين رغبةِ البقاء وحتميةِ الرحيل.

‏يخلق هذا النصّ من الألمِ فنّاً، ومن الجرحِ جمالاً، ليُقدّم رؤيةً وجوديةً للعلاقة الإنسانية التي تتذبذب بين القوة والضعف، بين الوضوح والغموض، بين الحضور والغياب.
‏إنّه نصّ يُجسّد تراجيديا العلاقة الإنسانية في أبهى صورها الشعرية.

‏تحياتي واحترامي


قراءة الشاعر حسام أحمد
إن الأدب هو ذلك الينبوع الذي يتدفق من قلب الكاتب ويغذي عقول القراء. والأديبة فاطمة الفلاحي ليست مجرد كاتبة، بل هي شاعرة تتمتع بقدرة فريدة على صياغة الكلمات بكل اتقان، وتنقل القارئ إلى عالم من الإحساس والتأمل العميق. ومنذ نعومة أظافرها، بدأت تحمل القلم وتكتب كما يكتب العظماء، تلك البداية التي كانت بمثابة بذرة راسخة نمت لتصبح شجرة ضخمة بأوراق من الإبداع والبلاغة.
في نصوصها، تجد أن كل كلمة تحمل عمقاً لا يراه إلا من يُعنى بفن الأدب. فبلاغتها ليست محض تراكيب لغوية، بل هي صوت القلب الذي يعبر عن همومه وآماله في أصدق الصور وأجمل المعاني. في كل سطر تكتبه فاطمة، تجد أن القارئ لا يستطيع أن يمر عليه مروراً عابراً، بل يُجبر على التأمل، والمراجعة، والتفاعل.
إن كتابتها تحمل بين طياتها فلسفة الحياة وتفاصيل الحروب، وتفكك أغوار الروح الإنسانية التي تبرز في سطورها كما تبرز الورود في بساتين الربيع. فلطالما كانت #فاطمة_الفلاحي، ومنذ الصغر، تتنقل بين الحروف والأفكار بمهارة تجعل القارئ يشعر بأنها من أعظم الكتاب الذين مروا في تاريخ الأدب.
فحقًا، هي تُعد من الأديبات الذين لا يعبر الزمن إلا ويزدادون عمقًا وبلاغة.
دام عزك ودام إبداعك ودمت نجمة تتألق دوما ولا تخبو.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي