|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 9 / 23
من نافلة القول أن الحركة الصهيونية تتولى منذ قرن و نيف من الزمن مشروعا استعماريا استيطانيا غربيا انطلاقا من فلسطين ، من المحتمل أن يغطي بقعة واسعة في المشرق العربي وفي شمال إفريقيا و سواحل البحر الأحمر ، كشف مؤخرا ، رئيس وزراء إسرائيل عن خرائط بيانية عما هو قيد التنفيذ راهنا منه و عن المأمول مستقبلا تحت عنوان " إسرائيل الكبرى " ، بمساندة مطلقة من الولايات المتحدة الأميركية التي ما تزال مصرة في هذه المرحلة ،على إفراغ قطاع غزة من سكانه عن طريق " إبادتهم أو ترحيلهم " ، كما يوحي بذلك موقفها الثابت ضد و قف إطلاق النار و مع مواصلة العمليات العسكرية حتى بلوغ الأهداف المرسومة .
نكتفي بهذه التوطئة ، تمهيدا لمقاربة مسألة الاستعمار الاستيطاني في فلسطين في مرحلته الجديدة منذ السابع من أكتوبر 2023 ، على ضوء التجربة الاستعمارية الاستيطانية (1830 ـ1962 ) في الجزائر ، و هي من وجهة نظرنا تحاكي ما يجري في فلسطين في أوجه عديدة .و لكن هذا ليس موضوعنا هنا ، فما يهمنا هو " التداخل السكاني" إذا جاز التعبير ، بين المستوطنين الفرنسيين من جهة و بين الجزائريين الأصليين من جهة ثانية . فمن المعروف بهذا الصدد أن جزائريين أصليين " منحوا " الجنسية الفرنسية و لم يكونوا بالضرورة متعاونين مع الاستعمار ، بل كانوا معارضين و مقاومين في صفوف جبهة التحرير الجزائرية . مثلما أن فرنسيين سواء في الجزائر أو في فرنسا نفسها ، كانوا من أنصار هذه الجبهة .
فعلى الأرجح أن العامل الرئيسي الذي دفع هؤلاء الفرنسيين ، في الجزائر نفسها و في فرنسا أيضا ، إلى مساندة جبهة التحرير الجزائرية ، هو "عامل اجتماعي " يمكننا إرجاعه إلى " الظلم " الذي كان يقع على الجزائريين الأصليين من جانب السلطات الفرنسية على أساس "التمييز " بحسب الأصل و الدين ،كانت تجسده أحكام خاصة تحت عنوان " قوانين الأصليين " .
استنادا عليه يمكننا أن نتساءل عن " دور " الظلم ، و التمييز بين السكان في "اضطراب الأوضاع " المتواصل في ظل الاستعمار لا سيما إذا اتخذ طابعا "استيطانيا وإلغائيا " . لا شك في أن الغزو الاستعماري يشكل في حد ذاته ، عملية مؤلمة تترك جراحا عميقة مادية و معنوية و ثقافية ، يتطلب اندمالها وقتا طويلا و علاجات نادرة ودقيقة ، لكن " الاستيطان " حلولا مكان الآخر رغما عنه ، هو في جوهره ، فعل " تشليح ، و قتل" تقترفه جماعة من قطاع الطرق ضد جماعة من الناس المساكين الضعفاء ! و بالتالي من الصعب ان تتصالح الجماعتان إذا بقيت كل جماعة على نهجها .
و في هذا السياق ،يتبادر إلى الذهن سؤال عما كان سيكون عليه الحال لو أن السلطة الاستعمارية ، بدلت و تحولت ، فتخلت عن سياسة التمييز على أساس " الأصل " و عن " القوانين الخاصة بالأصليين " ، و تبنت ، شعارا و عمليا ،" المساواة ، الأخوة ، الحرية"
الملاحظ في هذا الصدد ، أن جزائريين أصليين على سبيل المثال ، ناضلوا في صفوف جبهة التحرير من اجل استقلال ، يعيشون في الراهن ، بعد أن استقلت بلادهم ، في فرنسا ، و منهم من حصلوا على الجنسية الفرنسية ، حيث اضطر احفادهم لمواصلة النضال في فرنسا ذاتها ضد " التمييز " بين الفرنسيين " الأصليين " و بين الفرنسيين " بالتبني " (فرنسيون الدم و فرنسيون الأرض ) .
أما لماذا فضل بعض الجزائريين ، بعد الاستقلال ، ان يكونوا فرنسيين ولكن في فرنسا ، بعد أن قاوموا فرنسا في الجزائر ؟ و لماذا يقاوم أحفادهم الفرنسيين من لجيل الثالث اليوم ، في فرنسا "التمييز " على أساس " العرق " ؟ فهذه قصة أخرى ، نعتقد ان من فصولها ، الولايات المتحدة الأميركية عندما كانت ضد فرنسا في الجزائر في حين أنها و معها فرنسا و الدول الغربية ، وراء المشروع الامبريالي الذي تقوده الحركة الصهيونية ، بالإضافة إلى أن القضية الجزائرية ، كانت في الماضي قضية " عربية " ، تلقى دعما من الإتحاد السوفياتي ، بينما تحولت القضية الفلسطينية إلى قضية " نفطية " و جيوسياسية فقط ، بعد أن "انفرط عقد العروبة "، و سقط مشروع " الدولة الوطنية " في المشرق سقوطا ذريعا خصوصا في العراق و سورية ، بواسطة صرر دولارات النفط !
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |