على أبواب الخريف نصوص هايكو- بصحبة الناقد الدكتور عادل جوده وإضاءة الشاعر حسام أحمد ..

فاطمة الفلاحي
2025 / 9 / 22

على أبواب الخريف ~
شاخت فصول الحب،
طال معه الانتظار!


على أبواب الخريف ~
حتى الكلمات جفت بداخلي،
تساقطت كما الورق!


على أبواب الخريف ~
حتى الصبابة تقطر وجعًا،
ألعن المسافات!


على أبواب الخريف ~
تعبت حتى أجمعني على،
ضفاف الحكاية!


على أبواب الخريف ~
كن الجمال الذي تجلى لزيوس،
فكانت أفروديت ربته!


على أبواب الخريف ~
كارثية الوقت العابر على حوافنا،
أصابتنا شظاياه!


على أبواب الخريف ~
يتشعب الحنين بداخلي كالأغصان،
يتحدى وجع الفصول!


على أبواب الخريف ~
هناك مواجيد زرعت في حقل،
لا تأبه له!


فاطمة الفلاحي

قراءة أدبية في قصيدة "على أبواب الخريف" للشاعرة فاطمة الفلاحي

تمثل هذه القصيدة لوحة شعرية مكثفة تُصوِّر حالة وجدانية على أعتاب تحول كبير، يستخدم الخريف فيها كاستعارة مركزية للشيخوخة، والانتظار الطويل، وجفاف المشاعر.
تنساب القصيدة في ثماني ومضات شعرية (مقاطع) متجانسة في المطلع ومتنوعة في العمق.

١ البداية بالإحباط:
(على أبواب الخريف~
شاخت فصول الحب،
طال معه الانتظار!)
تُعلن القصيدة عن موضوعها الرئيسي منذ البيت الأول."أبواب الخريف" هي عتبة النهاية والذبول. "شاخت فصول الحب" استعارة جميلة تربط بين شيخوخة الإنسان وانتهاء دورة العاطفة، مما يعطي إحساسًا بزمن طال حتى شاخ الحب نفسه قبل أن ينتهي.

٢ جفاف الذات واللغة:
(على أبواب الخريف~
حتى الكلمات جفت بداخلي،
تساقطت كما الورق!)
هنا يتعمق الإحساس بالعجز.
الخريف ليس خارجيًا فقط، بل داخلي أيضًا.
جفاف الكلمات هو أعلى درجات اليأس، حيث تفقد الذات وسيلتها للتعبير أو البوح، فتسقط كما تسقط الأوراق في الخريف، مبتعدة عن أغصان الحياة والمعنى.

٣ ألم الشوق والبعاد:
(على أبواب الخريف~
حتى الصبابة تقطر وجعًا،
ألعن المسافات!)
"الصبابة"(الشوق الهادئ) تتحول إلى ألم ملموس "تقطر وجعًا".
هذه الصورة الحسية القوية تفضي إلى انفجار غاضب بلعنة "المسافات"، التي تظهر كسبب رئيسي للوجع، مما يشير إلى قصة حب مفقود أو غائب.

٤ إرهاق محاولة التجمع:
(على أبواب الخريف~
تعبت حتى أجمعني على،
ضفاف الحكاية)
تعبر الذات عن الإرهاق الشديد.فعل "أجمعني" يدل على تشتت وتمزق داخلي. المحاولة اليائسة للتجمع تتم على "ضفاف الحكاية"، أي على هامش القصة أو ذاكرتها، وليس في قلبها، مما يؤكد صعوبة استعادة الماضي.

٥ استدعاء مثال الجمال المطلق:
(على أبواب الخريف~
كن الجمال الذي تجلى لزيوس،
فكانت أفروديت ربته!)
هذا البيت يحمل قبسة أمل وتمنٍّفي وسط اليأس. إنه نداء أو صلاة: "كن" كالجمال الأسطوري الذي ولد الإلهة أفروديت (إلهة الحب والجمال).
هو تمنٍّ بمعجزة تجدد الحب من الجمال نفسه، وتخلق من جديد من العدم.

٦ جروح الزمن العابر:
(على أبواب الخريف~
كارثية الوقت العابر على حوافنا،
أصابتنا شظاياه)
يعود الإحساس بالقسوة.
الزمن "كارثي" وعدواني، يعبر على "الحواف" (وهي مكان هش وخطير). "شظاياه" تصيب الذات، في صورة مؤلمة لجروح ناتجة عن انفجار الوقت ومروره.

٧ قوة الحنين المتشعب:
(على أبواب الخريف~
يتشعب الحنين بداخلي كالأغصان،
يتحدى وجع الفصول)
الحنين هنا ليس سلبيًا،بل هو قوة حية متجذرة وممتدة "كالأغصان".
إنه "يتحدى" وجع النهايات (الفصول)، مما يشير إلى أن الذاكرة والعاطفة تستمران رغم كل شيء، مثل شجرة تظل حية حتى في الخريف.

٨ النهاية بالمأساة الشخصية:
(على أبواب الخريف~
هناك مواجيد زرعت في حقل،
لا تأبه له)
الختام مأساوي."مواجيد" (أغاني الحزن والألم) قد زرعت، أي أن الألم قديم ومتأصل. لكن المفارقة المؤلمة أن هذا الحزن موجود في "حقل لا تأبه له"، ربما حقل الذاكرة أو قلب المحبوب الذي صار غير مبالٍ، مما يعطي إحساسًا بأن هذا الألم ضائع وحيد لا أحد يعيره اهتمامًا.

//الخلاصة:
تقوم القصيدة على تناقض بين قوة الحنين الداخلي المتشعب وبين واقع الشيخوخة، والجفاف، والوجع الناتج عن الزمن والمسافات.
استخدمت الشاعرة الاستعارة المركزية للخريف بإتقان لتعبر عن حالة وجدانية معقدة تتراوح بين اليأس والغضب والتمني والتحدي لتختتم بمشهد من العزلة والألم المغيب.
تحياتي واحترامي


- بصحبتكم إضاءة الشاعر حسام أحمد – سوريا، نصوص الهايكو" على أبواب الخريف ".
أبدعتِ أديبتنا المبدعة فاطمة الفلاحي في تحويل الخريف إلى لوحة إبداعية مكتظة بالصور، تتماهى في بهائها لتتشعب بداخلنا، فتحاكي وجع الروح وتستحضر عمق الألم الساكن في زوايانا.
لم يكن هذا الفصل يمنحني يومًا سوى شعورٍ بالفقد والابتعاد، غير أنّ نصكِ الباذخ بالمعنى جعله يتمرد على هشاشته، ويغدو تقويمًا للإبداع، رغم ما يعتريه من ضعف، ورغم ما يصقله العمر من شيخوخة لشبابه.
لقد جعلتِ من المواسم شيخوخةً أخرى للحب، ومن تساقط الأوراق انكسارًا يشبه انطفاء الكلمات في صدورنا، ومن الصبابة وجعًا يقطر كالمطر على جراح الغياب.
صوركِ حملت مزيجًا من الأسطورة والرمز، فبدت أفروديت على ضفاف الخريف كما لو أنها وُلدت من رحم الحكاية، وبدت شظايا الوقت تصيبنا كما لو أننا مرايا مكسورة تتلقف ندوبها.
إنه نص يفيض حنينًا يتشعب مثل الأغصان في دواخلنا، يتحدى قسوة المواسم ويحملنا إلى حقلٍ زرعتِ فيه المواجيد، وإن لم يأبه له أحد، إلا أنه يثمر في أرواح قرائكِ صدى لا يخبو.
فلتبقَ كلماتكِ مثل خريفٍ يهبنا جماله رغم وجعه، ولتظلي تسقين الحروف من ينابيع روحكِ لتزهر في قلوبنا مواسم لا تعرف الذبول.


#فاطمة_الفلاحي
#هايكو_عراقي

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي