|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

فاطمة الفلاحي
2025 / 9 / 21
- هزة قلبية ..
يحاصرني الدمع ~
عند ضفاف تنكرت لوعدي،
ولم أعد!
تحت كفيها ~
تتشابك الأنفاس فتنة،
ترتعش الأهداب!
نسائم الحكاية ~
توقظ وزر الليالي المكتظة،
بالحزن!
في مدينة الحلم ~
شاهق ظلك يجاور أصابعي،
تتولاني الخيبات!
بقلم : فاطمة الفلاحي.
--------------
#مقدمة :
في كل نص يطلّ علينا من حبر الشاعرة فاطمة الفلاحي، ثمة رعشة أشبه بارتجاف قلب على حافة البوح، وثمة موسيقى خفية تكتب نفسها خارج حدود الوزن والقافية، لتغدو اللغة كائناً نابضاً بالوجع والدهشة معاً. إنّ «هزّة قلبية» ليست مجرد ومضة شعرية، بل هي صرخة مكتومة في ليلٍ مكتظ بالخذلان، وارتعاشة أنثوية تكتب فلسفة الغياب والحضور.
هنا، لا نقرأ نصاً عادياً، بل نلجُ أروقة حلم مهدوم حيث الظل شاهق، والدمع محاصر، والأنفاس تتشابك كخيوط قدرٍ مأساوي، فيما الأهداب ترتعش على حافة الانكسار. إنّه نص يتجاوز حدوده الشعرية ليصير تجربة وجودية، تضع القارئ أمام مرآة ذاته، حيث يكتشف أن الوعد لا يكتمل، والحلم لا يتجلى، والحياة نفسها ليست سوى سلسلة من هزّات قلبية تهزّ الذاكرة والروح معاً.
# بداية بالعنونة "هزة قلبية"
-أولاً: تعريف الهزة القلبية من الناحية اللغوية:
كلمة هزة مأخوذة من الفعل هزّ، ومعناها الحركة المفاجئة أو الاهتزاز.
وكلمة قلبية صفة لكلمة قلب، أي متعلق بالقلب.
دلالة الهزة القلبية تعني اهتزاز أو اضطراب يحدث في القلب.
-ثانياً: تعريف اصطلاحاً النفسي أو الطبي:
الهزة القلبية هي استجابة قلبية فجائية لموقف مفاجئ أو شعور شديد، مثل الخوف أو الفرح أو الصدمة.
يمكن أن تترافق مع تسارع ضربات القلب أو شعور بالخفقان أو القلق النفسي.
ثالثاً: الإعراب التفصيلي
هزة: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
قلبية: نعت (صفة) لهزة، مرفوع لأنه تابع للمبتدأ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
# قراءة أدبية و فنية السردنة :
1. البنية النصيّة والصوت الشعري
النص ينهض على شكل ومضات متقطعة، أشبه بارتعاشات نفسية أو خفقات قلبية متتابعة، وهو ما ينسجم مع العنوان "هزّة قلبية". التقطيع إلى صور قصيرة مفصولة بعلامة المدّ (~) يعكس تكسّر النفس الشاعرة، ويفتح النص على فضاء مفتوح من التأويل. الإيقاع داخلي أكثر منه وزني، قائم على التكرار الصوتي (الدمع/الوعد، الأنفاس/الأهداب، الحلم/الخيبات) بما يمنح النص موسيقى باطنية تتماهى مع حزنه.
2. الصورة الشعرية
"يحاصرني الدمع عند ضفاف تنكرت لوعدي":
صورة مأساوية ترسم الدمع كقوة مهاجمة، والضفاف ككيان غادر، لتصبح الذات محاصَرة بين وعد منكسر ومكان متنكّر.
"تحت كفيها تتشابك الأنفاس فتنة، ترتعش الأهداب":
هنا تتحول الأنفاس إلى جسد منسوج بين يديها، حيث الفتنة تكاد تكون ملموسة، والعين/الأهداب ترتعش كرمز للانفعال والدهشة أمام الآخر.
"نسائم الحكاية توقظ وزر الليالي المكتظة بالحزن":
الحكاية ليست خلاصاً بل عبئاً، فهي توقظ الماضي المثقل بالليل والحزن، لتتحول الذاكرة إلى جرح.
"في مدينة الحلم شاهق ظلك يجاور أصابعي، تتولاني الخيبات":
صورة الاغتراب العاطفي والوجودي؛ الظل شاهق لكنه بعيد، مجرد جدار لا يُلمس، والخيبات تحاصر الذات كقدر محتوم.
3. المستوى الفلسفي
النص يشتغل على ثنائية الوعد والخيبة، الحلم والانكسار، الحضور والغياب. الذات في حالة مواجهة مع "آخر" بعيد/غامض، حيث يتحول الحب من طاقة بناء إلى عبء وجودي. النص يشي بفلسفة "الحضور الناقص"؛ الآخر موجود كظل، كذكرى، كأثر، لكن غيابه يبتلع الحلم ويحوّله إلى خيبة.
من زاوية فلسفية أعمق، النص يلامس رؤية هايدغرية عن "الوجود-في-الحزن"؛ فالحياة نفسها تُرى من خلال الفقد، والإنسان مشدود دوماً إلى "الموت الرمزي" في شكل وعود مكسورة وخيبات متوالية.
4. المستوى الفني والجمالي
الاقتصاد اللغوي: النص قصير لكنه مكتنز بالرموز والدلالات، وهو ما يمنحه كثافة شعرية عالية.
التكرار البنيوي: (الدمع، الأنفاس، الأهداب، الحكاية، الخيبات) – كل صورة تُشكّل لبنة في بناء دائرة الحزن.
الانزياح الدلالي: الكلمات تنزاح عن معناها المعجمي لتغدو كيانات ميتافيزيقية (الدمع محاصر، الضفاف غادرة، الظل شاهق).
5. الخلاصة الأكاديمية
النص يمثل ومضة شعرية حديثة ذات بنية "كاليغرافية" تقوم على تقطيع الصور وتكثيف المعنى. من الناحية الفلسفية، يعكس النص مأزق الوجود الإنساني في مواجهة الحب المجهض والخيبة الوجودية. ومن الناحية الفنية، نجحت الشاعرة في استثمار اللغة البسيطة لصناعة صور مركبة وموحية، بحيث يتحول الحلم إلى مسرح للخذلان، ويصبح القلب "مسرحاً للهزّات" لا للسكينة.
الناقد : ابراهيم ميزي-الجزائر
#فاطمة_الفلاحي
#هايكو_عراقي