زعامة الراسب في صفة !

خليل قانصوه
2025 / 9 / 16

من الطبيعي أن يتساءل قوم عن الأسباب و العوامل السلبية التي تعزز تأخرهم في حصيل المعارف و عجزهم في تلبية حوائجهم الاستهلاكية و تقصيرهم عن إظهار مناعتهم فلا يستضعفهم مستعمر متوحش . و بهذا الصدد لعل السؤال الذي يتبادر إلى الذهن لأول وهلة ، يتعلق بالخطة و القيادة التي تضعها من ناحية و رد فعل القوم امام الفشل و الخسارة و الضلال من ناحية ثانية .
لا بد هنا من التفكر في بلدان مثل البلدان العربية، ما تزال بدرجات مختلفة تتأثر بنفوذ دول الاستعمار القديم والجديد ولا تتعدى مستوى شبه الدولة كون سيادتها غير مكتملة على أرضها و على سكانها ، بوسائط تمكين جهة او شخص من اعتلاء القيادة و امتلاك القدرة المطلقة أحيانا ، على رسم الخطة و السياسة أو على الحيلولة من ذلك . فمن نافلة القول ان الرئيس او القائد يمكن أن يُعزل أو يُستبدل في أي بلد عربي ، بقرار من الدول الاستعمارية !
تفيد الدراسات الاسترجاعية أن المستعمرين لم يلقوا صعوبات كبيرة في إيجاد متعاونين معهم في صفوف الشعوب الأصلية التي استعمروا بلادها ، حيث لم يقتصر هذا التعاون أحيانا على افراد عملاء لهم و انما تمثل أحيانا ، بمكون إثني أو طائفي بادر لدعوة " دولة استعمارية " إلى بلاد ه لتدعمه في نزاعه ضد خصومه الداخليين من المكونات الأخرى ، مقابل التعاون معها في الهيمنة على البلاد ،اقتصاديا و سياسيا و عسكريا ، في سياق سيرورة تبادل خدمات بين المُستعمرين و الاستعمار ، خلال تواجد هذا الأخير و مستقبلا ، بعد إعلان " استقلال شبه الدولة " .
هذا لا يعني بالطبع أن بعض الشعوب الأصلية رفضت وقاومت بحزم الاستعمار و عالجت بشدة مسألة المتعاونين مع الغزاة ، و حققت استقلالها و حافظت على ثقافتها .و لكن الاستعمار استطاع بالرغم من التضحيات الكبيرة و الانتصارات الجزئية والمرحلية من التسلل إلى البلاد بأساليب ووسائل مختلفة ، مستندا أساسا إلى عامليين:
ـ ميزان القوى المائل لصالحه إلى جانب سيطرته الحصرية على طرق المواصلات بحرا و جوا و برا ، بالإضافة إلى امساكه بوسائل التبادلات التجارية و النقدية ,
ـ أما العامل الثاني ، و هو ليس ثانويا بالقطع ، فإنه يتمثل من و جهة نظرنا في " سمات" "القائد " او " الزعيم " ، أنه أولا يظهر عادة على رأس مكون ، قبلي أو أثني أو ديني ، من مكونات سكان البلاد الأصليين ، و بالتالي قد يتعدد " الزعماء " بحسب عدد القبائل و الاعراق و المعتقدات ، و ليس في إطار تعددية فكرية أو سياسية . ما يعني أن الزعيم يستطيع أن يقود أتباعه حيث يشاء ، إلى ميادين التحرير و الاستقلال أو إلى العمالة للمحتل و تدعيم احتلاله .
و من سماته أيضا ، أنه في جميع الأحوال ، غير كفوء ، أي أنه ليس ذا علم و بصيرة ، كونه تولى زعامه فردية ، قائمة على قاعدة ليست فكرية و تحليلية ، الأمر الذي يحرمه من الاستفادة من مساهمة القادرين على المشاركة بالفكر و النصيحة في تحديد النهج الملائم لظروف النضال ضد الاستعمار قياسا على الوسائل المتوفرة .
و أخيرا ، نذكر أيضا ، بأن التحرر من القبلية و العنصرية و الطائفية ، و تمثيل الجماعة بكل اطيافها ، هما شرطان رئيسيان لإنجاز التحرير الوطني .أن القبائل و الأعراق و الطوائف تعتبر اضطلاع و تفرد قبيلة أو إثنية أو طائفة بتحرير البلاد دونها ، أذلالا و احتقارا لها !


حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي