|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
سعد محمد مهدي غلام
2025 / 9 / 15
(نَشيدُ المنفيِّينَ فَوقَ مَرايا الطُّوب
ليس رِثاءً ولا نشيدَ حَنينٍ، بل تعاويذُ وبُخورٌ،
تَنقُشُه أَنفاسُ المُهمَّشينَ في فجرٍ صادِقٍ، حينَ لا يكونُ الفجرُ إِلّا وعدًا...)
1/
وطنٌ نُنشِّقُهُ كمِسْكِ الجُرْحِ،
نَغْزِلُهُ عَلى وَتَرِ الدُّموعِ،
ونكْتُبُ الآهاتِ في سَفْرِ الغُبارْ.
وطنٌ إِذا سقطَ الكِبارُ،
تَلقَّفتْهُ كُفوفُ أَطْفالِ النَّهارْ.
(أَفَلتْ سَنواتُ التُّفَّاحِ،
تَبْكيها دفاتِرُ قِطافِ المواسِمِ،
ضَياعُها... جُرودٌ لا تَعكِسُ
إِلّا شَفقَ اليبابِ، والغُروبَ، والأَشجارَ،
دونَ عَناوينَ.
أَخاديدُ الرَّمادِ... في مَجاري المَمالِكِ)
2/
نَحياكَ، حَتّى إِنْ هَرِمْنا، نَستوي جُرحًا،
ويُنْبِتُ في الرَّمادِ دَمُ الجُذورْ.
ما زالَ فينا لحنُكَ المُتكسِّرُ الوجدِ،
الَّذي لمْ يبْتهِلْهُ الغاصِبونْ.
(دَِجلةُ المبْقورةُ التَّاريخِ،
خافِرةُ الدُّموعِ، حافيةُ الصَّوتِ،
دَسَّتْ بجيبِ خاطِرِها خِلَّها،
أَنزوتْ ببئرِ "هاروتَ"،
أَيَرْوي أُحفورُ مَجراها عَطشَ البساتينِ؟)
3/
نَطْوي نَوارَكَ في دفاتِرِ أَعمارِنا،
ونُهدْهِدُ الأَيّامَ كيْ تنمو عليكْ.
نَمحُو المدى بعُيونِنا،
ونُعيدُ للبحرِ المُعلَّقِ في دِمانا
بَعضَ ماءٍ مِن يديكْ.
(ضلَّلني مَكرُ ظِلِّ الصَّدى،
رَجيعُ الأَمْسِ في الرُّوحِ،
ضاعَ صَوتي أَنينًا خلفَ قَضبانِ لسانِ الصَّوّانِ،
فضِعْتُ في براريها.)
4/
ما هَجَرْنا وطنًا، لكِنَّنا
هُجِرْنا مِن عَمائِمِ فتنةٍ،
ومِنَ الغُزاةِ، ومِنْ غُصونِ البغيِ في حقلِ السَّكينةِ،
حينَ جاعَ الحُلمُ وانكَسرَ الرَّجاءْ.
(باحتْ مَصابيحُ بغدادَ صمتَ جُروحِها،
عوتْ نواصيها،
لا عابِرَ سبيلٍ يَرحمُ عُريَ أَشباحِ حيطانِها،
ولا جُدرانَ تُصانُ بسِترِ ما فيها.)
5/
يا موطِنَ الأَسماءِ، كَمْ وجعٍ تسلَّلَ مِنْ جِراحِكَ
نَحْو أَعراسِ الطُّفولةِ؟
كَمْ شَهيدًا خَطَّ وجهَ الشَّمسِ في ظِلِّ الخُطى؟
كَمْ بذْرةً ماتتْ، وفيكَ تَنفَّستْ أَلفُ البُذورْ؟
(شَغبتْ شَوارِبُ العُمرِ،
حَفَّها موسُ عينِ يَعقوبَ*،
لمّا فارقتْ يُوسُفَها... فَضحتْ،
وخطَّ شيبُ زمانٍ صبرًا،
والعُثُّ... لمّا أَكلَ المِنسأَةَ!)
6/
سنعودُ، مهما قَطَّعَ البُعدُ السِّنينَ،
ومهما شاختِ الأَجسادُ،
يبْقى القلبُ نَخلتَنا،
ونبقى فوقَ هذِهِ الأَرضِ،
نَنسُجُ مِن رُؤاكَ ملامِحَ الأَحرارِ،
حينَ يُزاحُ عن عينيكَ سُخامُ اللَّيلِ،
ينبُتُ في الدّموعِ... ضياءْ.
(رُوشَةُ الحمراءِ، سبّورةُ الرِّيحِ،
تُسجِّلُ أَحلامَ مَن ماتَ في بيروتَ،
أَوْ في البحرِ...)
7/
يا وطني، إِنّا حملناكَ في الحنايا،
لا نُقايضُكَ الرُّؤى،
لا نبيعُكَ في مَزادِ الصَّمتِ
للجلّادِ أَوْ سادِنِ الضَّلالْ،
فيكَ ابْتدأْنا، والنِّهايةُ فيكَ –
لوْ هامَتْ خُطانا نَحو تيهِ المُستحيلْ.
كودا
يا وطنًا، مِن طِينِهِ نَحيا،
ومِنْ جُرحِ السِّنينِ نُضيءْ،
نَمشي إِليكَ،
وفي العُيونِ مَراياكَ العتيقةُ تستفيقْ،
وفي روزنةِ الرُّوحِ الصَّغيرةِ،
حيثُ تُخبَّأُ الشُّموعُ،
نكتِمُ النَّشيدْ.