المجال الحيوي !

خليل قانصوه
2025 / 9 / 12


قال شاعر المارتنيك ، إيميه سيزير ، في " خطاب عن الاستعمار " ، أن روح هيتلر، الزعيم الألماني النازي الذي قاد بلاده خلال الحرب العالمية الثانية، تتقمص في زماننا في جسد الحاكم الاوروبي" الورع " اليميني البرجوازي المتناسخ الهتلري و لكنه يجهل ذلك ، ويلعن هتلر ليل نهار ، ليس استنكارا لما تسبب به من جرائم ضد الإنسانية و أنما لأنه ارتكب هذه الجرائم أبادة و احتقارا ضد الرجل الأبيض ، كونه لجأ في أوروبا ، إلى طرق ووسائل استخدمها المستعمرون قبله حصريا ضد عرب الجزائر ، وعتاّلة الهند وزنوج إفريقيا .
لا أظن أننا نجازف بالكلام أن حكام " الدولة القومية للشعب اليهودي" في فلسطين يقترفون " جرائم ضد الإنسانية " تحاكي الطرق و الوسائل التي اتبعها المستعمرون في الجزائر و الهند و إفريقيا ، كما لو أن " روح هتلر" تقمصت في أجسادهم ، أو أن "هتلر " يسكن في كل منهم ، تصديقا لما قاله أيميه سيزير و فرانس فانون و غيرهم من مفكري الشعوب " المعذبة في الأرض " بناء على تجاربهم في مواجهة المستعمرين ، لا سيما أن حكام إسرائيل يتناسخون مواقف من سبقوهم في أوروبا و الولايات المتحدة الأميركية.
من المعلوم بهذا الصدد أن النظام النازي في ألمانيا رسم في سياق إسقاط مشروع بناء " المانيا الكبرى " على ارض الواقع ، الحدود الجغرافية " للمجال الحيوي الجرماني " ، اعتمادا على مزاعم أسطورية و مبتدعة ، خلاصتها ان القبائل الجرمانية انتقلت في الأصل من شمال أوروبا ووصلت إلى جنوبها في اليونان حيث كان لها دور بارز في ولادة حضارتها ، و انتشرت أيضا في أصقاع أوروبا الشرقية فكانت رائدة في إصلاح الأراضي والزراعة الحقلية .
و في مجال آخر ، تميز الفكر النازي في ألمانيا ، بتأثره بنظريات علمية عن الوراثة و تطور الأجناس ، كانت ماتزال في أطوار بدائية تخالطها الفرضيات والاستنتاجات المتسرعة ،لا سيما في نقل هذه الأخيرة من المجال الحيواني و تطبيقها على الجنس البشري . نجم عمه أن أصحاب هذا الفكر غرقوا في مسائل مثل انتقاء وتطوير الجنس الجرماني فجعلوا الناس أصنافا في ترتيب بين الأعلى و الأدنى ، حيث أرادوا للجنس الجرماني الدرجة الأعلى ، فابعدوا عنه صمن حدود " المجال الحيوي " الأجناس " الأقل منزلة " منعا " لتلوثه الجسدي و الذهني " بواسطة أساليب و وسائل مختلفة تتراوح جميعها بين الإعدام و النفي .
بالعودة إلى حكام إسرائيل " الدولة القومية للشعب اليهودي "،يأخذنا العجب إلى حد الدهشة عندما يتناهى إلى علمنا و سمعنا أن الولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية الاستعمارية ، تقف جميعها ، وراءهم وتقدم لهم جميع ما يلزمهم لفرض هيمنتهم على " المجال الحيوي ـ إسرائيل الكبرى " الذي نشروا خريطته على الملأ وبادروا إلى إبعاد الناس الفلسطينيين الأصليين و جميع من هم في نظر هؤلاء الحكام الذين "يسكن " هتلر في جسد كل منهم ، في منزلة " الحشرات البشرية " أو "المستعبدين " في خدمة " قومية الشعب اليهودي " ، حرقا و تمزيقا بالقنابل أو نزوحا هربا من القتل رميا بالرصاص أو من الموت جوعا . صدق أيميه سيزير !


حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي