معادلات عبثية !

خليل قانصوه
2025 / 9 / 10


يعيش في الراهن في فلسطين حوالي خمسة عشر مليون نسمة ، نصفهم من اليهود و نصف هؤلاء يهود مشرقيون Avi Shlaim ,Israël et le monde Arabe ،في حين أن النصف الآخر يتحدرون من الاشكناز ، التركمان ـ السلاف الذين اعتنقوا اليهودية و كانت لهم في القرنين السابع و الثامن ، أمبراطورية الخازار الواسعة ، في القوقاز بين نهري الدون و الفولغا ، و بالتالي هم لا يمتون للساميين بصلة (Arthur Kostler , La Treiziième Tribu ( . من البديهي أن هذا الاقتباس التاريخي ليس موضوعنا هنا ، ولكن أشرنا إليه تلميحا ، لنقول على سبيل الملاحظة لا الحصر ، أن الحركة الصهيونية ، استطاعت أن تطلق في نهاية القرن التاسع عشر (1897) في أوروبا ، تيارا سياسيا قوميا يهوديا ، غايته الاستحواذ الكامل على التاريخ العبراني المشرقي و على البلدان التي عاشوا فيها بحسب الرواية التوراتية ، بالتعاون مع القوى الاستعمارية " المستضعفة" مثل الدولة العثمانية ، و القوى الاستعمارية المتسلطة ، مثل بريطانيا و فرنسا .
استنادا إليه ، نختصر المعادلة الأولى بالتذكير ، أن رواد الحركة الصهيونية اجتذبوا إلى فلسطين التي آلت ، يا للمصادفة ، بعد الحرب العالمية الأولى و قسمة " ارث الدولة العثمانية " ، إلى بريطانيا ، جميع اليهود المشرقيين بالإضافة إلى يهود شمال إفريقيا ،ثم أعلنوا في مرحلة أولى ، بالتواطؤ مع منظمة الأمم المتحدة التي أسسها المنتصرون على ألمانيا في ظل الحكم النازي " العنصري " ،في الحرب العالمية الثانية ، قيام دولة إسرائيل في 14 مايو أيار 1948 توازيا مع ترحيل غالبية السكان الفلسطينيين من بلادهم ، في إطار سيرورة تمييز على أساس المعتقد الديني و أكملوا ذلك في 19 يوليو تموز 2018 ، بخطوة ثانية على شكل قرار تشريعي يعرف إسرائيل بأنها " الدولة القومية للشعب اليهودي " ، مطيحين بالمساواة بين نصف السكان اليهود من جهة و النصف الآخر من غير اليهود من جهة ثانية ، ناهيك من حق فلسطينيي الشتات ، بالاختيار بين العودة أو التعويض بحسب قرار منظمة الأمم المتحدة رقم 194 بتاريخ 11 ديسمبر، كانون أول 1948 .
لا نجازف بالقول أن قوى الاستعمار ، بريطانيا و فرنسا و الولايات المتحدة الأميركية ، التي مكنت الحركة الصهيونية من إجبار " يهود المشرق " و يهود شمال إفريقيا على الانخراط في مشروع استعمار فلسطين و الاستيطان فيها ، على حساب السكان الأصليين، مارست على الدوام ، منذ سنة 1936 ، في الوقت نفسه ضغوطا حاسمة على حكام "شبه الدول " العربية ، بأشكال مباشرة و غير مباشرة ، لمنع التصدي على أي مستوى كان ، الشعبي و الحكومي ، للمشروع الاستيطاني الغربي في فلسطيني ، ذي القناع " التوراتي". ولعل ما شهدناه في سياق " ثورات الربيع العربي " و من بعدها حرب " إسرائيل الكبرى " انطلاقا من قطاع غزة ، دليل على تصفيات مواقع القوة و التصدي المتبقية في بلدان العرب ، من جيوش و قدرات اعتراض شعبية ، إفساحا بالمجال أمام دول الغرب لبلوغ أهدافها بواسطة قوتها الضاربة الإسرائيلية . فما من شك في أن دول الخليج اضطلعت بما طلب منها في الحرب من اجل " إسرائيل الكبرى " تكرارا للدور الذي أدته في ثورات "الربيع العربي" وقبلها في الحرب " العراقية الإيرانية " ثم في حرب تدمير العراق في سنة 2003.
و من المفارقات اللافتة للنظر ، نذكر أيضا بهذا الصدد ، يران ، الدولة التي من المعلوم أنها ساعدت بأساليبها ( التي قبلها المعنيون )، الفلسطينيين و اللبنانيين و اليمنيين و السوريين في مواجهة مكائد الدول الغربية ، مما عرضها مباشرة لهجمات عسكرية عنيفة من جانب الولايات المتحدة الأميركية و أعوانها ، بلغت ذروتها على شكل حرب تواصلت طيلة اثنا عشر يوما ، من المحتمل ان تتجدد في أي وقت ، و بالرغم من هذا كله ، تجحدها العديد من الحكومات في بلدان العرب ، خصوصا في لبنان حيث دمر الإسرائيليون و الأميركيون نصف البلاد و شردوا نصف شعبه ، و في سورية حيث أسلم هؤلاء بالتنسيق مع تركيا ، الحكم لجماعة اعتبروها في دول الغرب إرهابية .
و أخيرا و ليس آخرا ، لا مفر من الإشارة إلى أن حروب التدمير و الإبادة ، كما في قطاع غزة ، جعلت مناطق عديدة غير صالحة للسكن ، ما اضطر الناس إلى الهجرة بحثا عن مكان آمن و عمل يوفر لهم تكاليف العيش ، و لكن الحكومات في الدول الغربية تشكوا " الأعباء " التي يزيد المهاجرون ثقلها و لكن هذا موضوع آخر

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي