|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

عدنان سلمان النصيري
2025 / 9 / 5
حال ما استيقظت من نومي في صباح متأخر هذا اليوم ، ورد في ذهني سؤالا مهما، لم أجد له حلا قبل أن أغوص في استنتاجاته وهو:
لماذا كل الحيوانات بدون استثناء تقريبا تجيد العَوّم داخل الماء بالفطرة، لكن الإنسان وحده نجده يغرق!.. إلا بعد التعلم والممارسة..
يا ترى، هل بسبب الخوف وتشبثه بالحياة؟ أم بامتلاك عقل مزدوج التفكير بالوعي واللاوعي؟!
ولدى قيامي بالبحث والتدقيق، استسقيت نتائج متفاوتة القيمة في أكثر من مصدر، ولعل من بينها: تؤكد على أن أصل المسألة مرتبطة في معظم الحيوانات الثديية والبرمائيات والزواحف، وحتى الحشرات لديها أنماط حركية غريزية تجعلها تطفو وتتحرك في الماء تلقائيًا..
حتى صرت ارمي بسؤالي الآخر: أليس الإنسان هو أصله كباقي الحيوانات في نظرية التطور كما يدعي البعض.. ونحن الأقرب إلى سلالة القرود مثلا!.. فلماذا القرود لا يسري عليها هذا الخوف بعد تجاوزها المراحل الأولى من النمو؟!
حتى وجدت هناك مقارنة بين طبيعة الطفل الرضيع مقابل القرد الصغير:
– الطفل الرضيع يُظهر "منعكس الغوص"، لكنه يزول مع النمو.
– القرد الرضيع يتشبث بأمه طوال الوقت، ولا يحتاج لاختبار الماء.
لكني في تلك اللحظات، كنت غير مقتنع تماما على طبيعة هذه الردود، لعدة أسباب ولعل أهمها: الخلط بين الفطرة والتأقلم.. وعدم الفصل مع طبيعة العقل الواعي، أو تنحية العقل اللا واعي جانبا !!
كما أن هناك سبب آخر، بعدما صرنا نرى ونشاهد أن الطفل بمجرد سقوطه في الماء سرعان ما يغرق!.. ولربما يحاول الرفس مرة أو اثنتين داخل الماء قبل الغطسة الأخيرة!!
وكذلك لاني كنت محتاجا للوصول إلى ضالتي في اكتشاف الحقيقة، صرت ابحث كثيرا عن ما هو أعمق في اكتشاف اسرار غرق الإنسان، والاختلاف عن باقي المخلوقات الأخرى في الفطرة بهذا الصدد!.. حتى توصلت اخيرا استمزاج العديد من الحقائق لقناعة منطقية في الاستنتاج العقلي والاستسقاء من بين المصادر و بما يلي:
إن طبيعة الإنسان المتفوقة بالنرجسية، و طموحه العالي بحب الحياة الأبدية، وغمرته بِعالم الوهم والخيال والأمنيات والأحلام في اليقظة والمنام. كل ذلك جعله يفكر و يتوجس ويخاف، فيفقد العفوية التي كانت ستنقذه!
أن لمردود الحركات العشوائية أو الذعر تجعل الإنسان يعجل في غرقه، بدل أن يستفيد من خاصية إطالة الطفو.
العقل الواعي يلعب دورًا مزدوجًا: فهو يمنحنا القدرة على تعلم أساليب سباحة متطورة، لكنه في نفس الوقت يولّد خوفًا من الغرق، ومع الخوف تتشنج العضلات ويثقل الجسد في الماء.
يمكن القول إن الحيوانات بكل فئاتها تعيش على الغريزة، فلا تقاوم ردود أفعالها داخل الماء بل تتماشى معها،
السبب الأكثر أهمية، ليس في عدم امتلاك الإنسان للقدرة الطبيعية على السباحة، بل إنه يحتاج إلى ترويض وتهذيب خوفه وغرائزه بدون الإصابة بقلق رد الفعل السريع.
وأن الإنسان ليس حالة شاذة تمامًا، بل هو استمرار لطبيعة القردة التي تخاف الماء، لكن عقل الإنسان مكّنه من تعلّم ما عجزت عنه القرود.
و ختاما نقول: من يُرَوضُ خوفه، يستطيع إطالة عمر لحظته!
الكاتب/عدنان النصيري
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |