|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 8 / 25
نقارب في هذا الفصل موضوعا يبدو لنا أنه في صلب نواة مشروع الهيمنة والاستملاك الاستعماري الغربي على بلاد الشام و العراق بالإضافة إلى مناطق في أفريقيا و شبه جزيرة العرب محيطة بالبحر الأحمر ، تحت عنوان " إسرائيل الكبرى " . يخيّل للمرء أن خطوات عديدة و مفصلية تحققت و شروطا تمهيدية يتم أنضاجها تدريجيا منذ سنوات 1980 ، نذكر بهذا الصدد ، إبرام اتفاقية الصلح في كامب دافيد بين مصر و إسرائيل في سبتمبر 1978 و غزو لبنان في حزيران 1982 الذي تكلل فعليا ، بإخلاء منظمة التحرير الفلسطينية من ساحة العمليات و إبعادها إلى المنفى في تونس في أوغسطس / آب 1982 و إنجاز اتفاقية 17/ مايو، أيار /1983 ، بين إسرائيل و لبنان ، التي احتوت فيما احتوت على بنود عن إلغاء حالة الحرب و إقامة علاقات ديبلوماسية بين الدولتين و أنشاء " منطقة أمنية في جنوب لبنان " ، لكن هذه الأخيرة بقيت في الأدراج بالرغم من موافقة مجلس النواب المنتخب في سنة 1972 ( المنتهية ولايته )، بأكثرية كبيرة على تبنيها ، ومرد ذلك على الأرجح إلى اعتراض سورية التي كان لها قد صار لها في أواخر 1976 ( قوات الردع العربية ) نفوذ "رادع" في البلاد .
مجمل القول أن السيرورة التي انطلقت في كامب دافيد تتواصل منذ ذلك التاريخ بأساليب و وسائل متبدلة بحسب الظروف المحلية التي انتجتها المناوشات و المناورات الإسرائيلية ـ الأميركية بطرق مباشرة مثل نشاط المخابرات و منظمات " المساعدات و التوعية " الانسانية "،تحت تغطية ديبلوماسية ، و غير مباشرة ، بالتواطئي مع نظم الحكم في البلدان المستهدفة ، خصوصا في المجال الاقتصادي ، تمثلت بالحصار الاقتصادي ، انهيار العملة الوطنية ، تعطل الخدمات الاجتماعية ، تخريب التعليم الرسمي ،إفلاس الضمان الاجتماعي و القطاع الصحي ، انتشار الفساد في كافة طبقات المجتمع و استفحال " رجال العصابات |" .
من البديهي أن هذا الموضوع يتضمن الكثير من النقاط الملموسة و المعروفة من القاصي و الداني و بالتالي هي لا تحتاج إلى بسط و توسع ، لذا نقتضب لنتوقف عند ظاهرة تمثل من و جهة نظرنا لحظة انهواء الجماعات و الأفراد نحو التفكك الاجتماعي و الوطني خلف زعماء و قادة الطوائف الدينية ، عموما ، الذين اقتحموا ميدان السياسة ، بدءا من اسكات التنظيمات السياسية العلمانية و إخلائها منه ، بالقمع و بقطع التمويل عنها ، بينما ظهرت ، بسرعة ، تشكيلات دينية ـ سياسية تنعم في بحبوحة مادية و تسليحية ، مصدرها مؤسسات الدولة ، و ممالك الخليج النفطي ، و منظمات " العمل الإنساني " الغربية في وقت بلغ الأمر حدا صار فيه معاش الموظف ذات قيمة هزيلة ، إذا لم يضاف إليها ، حاصل الرشوة أو تعويض الخدمات في إطار السياسة الطائفية !
لاشك في أن هذا كله وفر ظروفا ملائمة ضمنت لطوائف الدين ـ السياسي بسهولة ، تفسيخ بنية اجتماعية وطنية هشة ، هكذا صارت البلاد تحتوي على مجموعة من الأوطان الطائفية المتناحرة . نجم عنه أن المستعمر الإسرائيلي الغربي بدأ منذ سنوات 1980 يجول و يصول بحرية شبه كاملة ، في بلدان العرب ، دون أن يجد مقاومة " وطنية " حقيقية ، حيث اقتصرت هذه المقاومة في كل قطر على بعض الطوائف مقابل تعاون طوائف أخرى معه . الجدير بالملاحظة في هذا السياق ، ان الطائفة الدينية المُسيّسة تميل عادة إلى اتباع نهج فاشي ، مناقض للتسامح و حرية التفكير ، ينجم عنه في أغلب الأحيان نشوء معارضة طائفية دينية ـ سياسية بين صفوف الطائفة نفسها ،ضد الجناح الديني السياسي المهيمن فيها ، تتجسد بحسب الظروف المحيطة ، بين الفينة و الفينة بصدامات عسكرية و منافسات سياسية عصبية .
في الحقيقة ، تنقسم الطائفة الدينية المسيسة إلى ثلاثة أجزاء ، جزءان ينتميان إلى نفس الجذع الديني الطائفي و لكنهما يختلفان سياسيا بحسب المرجع الخارجي لكل فريق من الفريقين . أما الثالث فيتشكل عادة من المصنفين في الطائفة ، و لكنهم ليسوا طائفيين ، و لا يعتقدون أنه يمكن استخراج المناهج و الحلول السياسية ـ الاجتماعية في عصرنا ، من الرسالات الدينية ، أو من الخطاب الديني ، الأمر الذي يعرضهم للخطر .
خلاصة القول و قصاراه أن انغماس الطائفة الدينية في العمل السياسي ، علما أن زعماءها و قادتها لا يمتلكون بالقطع مصادر علمية و فكرية ينهلون منها في السياسية و الاقتصاد و في تمتين الكينونة الوطنية ، الأمر الذي و فّر في العقود الأخيرة ، في زمن السقوط الذي أشرنا إليه أعلاه ، الظروف الملائمة لانخراط بعض الأفرقاء تحت مظلة " الابراهيمية " بما هي بحسب مصطلح تجاري " تحت علامة تجارية " إذا جاز لنا استخدامه ،علامة "دينية ـ سياسية " ، تحت علامة " الصهيونية " ، المعروف أن هذه الأخيرة " علامة استعمارية عنصرية ـ دينية يهودية ـ مسيحية " !
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |