هايكو ضيق حد الاختناق - الجزء الأول بضيافة الناقد الاستاذ قاسم عزام

فاطمة الفلاحي
2025 / 8 / 21


ضيق حد الاختناق ~
حيّزٌ أدعية الشِّعر،
وأنقاض الحروف!


ضيق حد الاختناق ~
عتمة غضبك،
ويُتم روحي!


ضيق حد الاختناق ~
الحب الذي،
لا يفقهه أحد!


ضيق حد الاختناق ~
بحرك اللجيّ،
وشط اليقين!


ضيق حد الاختناق ~
يكون الإنسان،
على هيئة حزن!



عنوان القراءة النقدية:
"ضيق حد الانفجار: قصيدة فاطمة الفلاحي بين احتباس الشعور وتحوّلات المعنى"

* قراءة نقدية:
في نصها الشعري الانطباعي "ضيق حد الاختناق" (الجزء الأول)، تنجح الشاعرة فاطمة الفلاحي في تكثيف الشعور الإنساني العالق بين الغضب، الفقد، والخذلان، ضمن بنيةٍ تكرارية مقصودة تُحاكي ضغط الانفعال وتثقل النفس، تمامًا كما يثقل الحزن على صدر من لم يجد متنفسًا للحب أو للقول.
منذ العنوان وحتى نهاية المقطع الأخير، نقرأ نصًّا يُشبه أنفاسًا متقطعة، أو شهقات محتبسة، تعبر عن تجربة وجودية لا تُصاغ بل تُحس. هذا التكرار الافتتاحي:

"ضيق حد الاختناق ~"
يتحوّل من عنصر شكلي إلى مفتاح تأويلي، يُبنى عليه المعنى ويُعاد تشكيله في كل مقطع. كل سطرٍ بعد هذا المطلع يبدو كصدى داخلي يعمّق المعاناة دون أن يكررها حرفيًا، مما يمنح القصيدة طبيعتها الانطباعية الخالصة — إذ لا تشرح، ولا تسرد، بل تُفجّر الشعور في لحظة.

المعنى بين الانكماش والانفجار:
القصيدة تتكوّن من مشاهد شعورية منفصلة، لكن يجمعها خيط رفيع من التوتر الداخلي:

"حيّزٌ أدعية الشِّعر، / وأنقاض الحروف!"
"عتمة غضبك، / ويُتم روحي!"
"الحب الذي، / لا يفقهه أحد!"
"بحرك اللجيّ، / وشط اليقين!"
"يكون الإنسان، / على هيئة حزن!"

في هذه المقاطع، تُجسّد فاطمة الفلاحي مأساة الإنسان المعاصر — ذاك الذي لا يجد له مكانًا في الحرف، ولا فهمًا في الحب، ولا نورًا في يقين، ولا حتى هيئةً مكتملة سوى "الحزن".
القصيدة هنا لا تبحث عن حلّ، ولا تعِد بالخروج من الضيق، بل تتعامل معه كواقع داخلي لا يمكن تجاهله أو تسويغه. وهذا ما يمنحها صدقها الجمالي.

* البنية والتقنية:
فنيًا، تقوم الشاعرة بتقسيم النص إلى مقاطع قصيرة جدًا، متشابهة البناء، لكنها متباينة الإيحاء. استخدام الشرطة الطويلة (~) بعد كل عنوان مقطع ليس تفصيلًا عابرًا، بل يُمكن تأويله كعلامة على امتداد الضيق، أو صمتٍ يعقبه صوت داخلي.
اللغة بسيطة، لكنها مشحونة بعاطفة ثقيلة، وتختار المفردات بعناية لتبني صورة شعورية وليست وصفية. "أدعية"، "أنقاض"، "عتمة"، "يُتم"، "بحر لُجيّ"، "شَطّ"، "هيئة حزن" — كلها كلمات تنتمي إلى حقل دلالي سوداوي، لكنها ليست استسلامية، بل كاشفة.

* إشادة بالشاعرة المتألقة فاطمة الفلاحي:
تكتب فاطمة الفلاحي من الداخل، بصوتٍ لا يحتاج إلى زخرفة، بل إلى صدى يسمعه القارئ في قلبه. في نصّها هذا، نلمس تجربة شعرية حسّاسة، تعرف كيف تقول الكثير بالقليل، وتحوّل الألم إلى نصٍّ يتنفس على الورق.
إنها شاعرة تمتلك القدرة على الإمساك باللحظة الشعورية الهاربة، وتحويلها إلى جملة تنبض، صورة تنكسر، أو فراغٍ يقول أكثر مما يُقال.
كتاباتها، كهذا النص، ليست للقراءة السريعة، بل للتأمل البطيء — لأنها تكتب من مناطق الحقيقة، لا الادعاء.

قاسم عزام

#فاطمة_الفلاحي
#هايكو_عراقي

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي