معجزة في لبنان ؟

خليل قانصوه
2025 / 8 / 17


من نافلة القول أن "اللبنانيين " ، المقصود سكان لبنان ، يواجهون أزمة تتفاقم منذ إعلان لبنان الكبير في 31 , آب , أغسطس 1920 ، بمرسوم من الجنرال الفرسي غورو، المسؤول آنذاك ، عن سلطة الانتداب ، إلى أن بلغت ذروتها توازيا مع تقدم مشروع الهيمنة الغربية عنى المشرق العربي ، على شكل حملة صهيونية ـ يهودية تدعي انها تستمد شرعيتها من الروايات التوراتية ، لإعادة " تهويد " المنطقة ، دون " تهويد " شعوبها ، عن طريق إجبارهم على الهروب ، بالتفزيع و التجويع و التقتيل ، حتى تحقيق " أزلية نبوءة " انبياء التوراة .
نكتفي بهذه التوطئة لنقول أننا في لبنان خصوصا ، و في بلاد الشام و ما بين النهرين عموما ، حيال مسألة وجودية أساسية ، تتلخص بكيف يبقى " اللبنانيون " في لبنان ، و كيف يقيمون فيما بينهم مجتمعا وطنيا يمكنهم من الصمود و مواجهة الحملة الاستعمارية الغربية الجديدة تحت " شعار ديني توراتي " .
من البديهي أن هذه الحملة ليست " تبشيرية أو دينية " و أنما هي استعمارية ـ توسعية جغرافيا ، استجابة لمحفزات الربح و السيطرة . أي انها بتعبير آخر ، ذات أهداف مادية صرف ، و بالتالي فإن أفرقاءها منسجمون فيما بينهم ، يتجسد ذلك في كونهم متحدين في حلف واحد او كما يدعون ، ينتمون إلى حضارة واحدة ، هي في نظرهم الأرقى " عنصريا " هي " اليهودية ـ المسيحية" التي ينضوي تحت بيرقها " الدول الاستعمارية ـ الامبريالية " التي نشأت في العصور الحديثة ،بدءا كم القرن السابع عشر . هل تسطيع سبع عشرة طائفة في لبنان مقاومة هذا الحلف الواحد المتحد ؟
نعود بعد هذه الاستطرادات ، إلى الوضع في لبنان تحديدا، انطلاقا من فرضية مفادها أن " الوجود الاجتماعي اللبناني " مهدد في هذه البلاد . و ان السؤال المطروح هو عما إذا كان ممكنا أسقاطها ، أم أن زوال هذا الوجود صار حتمية تاريخية !ّ
لا بد هنا من الاعتراف بأن " الطائفية السياسية "المستمدة علة وجودها من " الطائفية الدينية " ، هي في جوهرها دليل على أن اللبنانيين لم ينشئوا بعد دولة وطنية ، لم يرغبوا يذلك أو انهم لم يستطيعوا ، على عكس المهاجرين الغربيين إلى فلسطين ، يهود خازار و يهود شرقيين ، الذين أقاموا دولة " استعمارية استيطانية " .
تحسن الملاحظة أيضا بهذا الصدد ، أن الطائفة السياسية لم تتمكن من استتباع جميع أفراد الطائفة الدينية لها ، حيث تعرض المعترضون على " الطائفة السياسية " للتهميش و النفي أحيانا ، و بالتالي منعوا بالقوة في أغلب الأحيان ، من النشاط السياسي الاجتماعي. لا نعتقد أننا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا أن هذه الظاهرة الاجتماعية كانت ملموسة أكثر في أوساط " الطائفة السياسية الشيعية " ، إلى حد أنها بلغت أحيانا ، في سنوات 1980 و ما بعدها ، حدا لا يحتمل .
لا شك في أن هذه الطائفة ، المظلومة سياسيا في اصل النظام الطائفي ، كانت بحاجة ماسة لجميع أبنائها لمعالجة ، مشكلتها الوطنية بالذات ، و ليس لرجال الدين فقط . أما و أن هذه المشكلة صارت اليوم عامة ، شاملة ، و ازدادت شدة ، بحيث بات وجود جميع الطوائف السياسية ـ الدينية ، ذاته في مهب الريح ، ينهض السؤال عما إذا كان اللبنانيون يستطيعون ، تحت الخطر الإسرائيلي ، إلغاء الطائفية السياسية و انجاز و حدتهم الوطنية ، و إعلان دولتهم الوطنية ، في مواجهة هجوم التحالف الغربي الاستعماري تحت قيادة إسرائيلية ! .. المطلوب معجزة !

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي