تاكسون حدثيني مع قراءة نقدية للأستاذ الناقد عادل جوده

فاطمة الفلاحي
2025 / 8 / 17

تاكسون - حدثيني

أيها المسافر على الأحداق؛ قد حدثتُ النهر عنك ذات مطر...
وعن أوراق الرازقي المتساقطة من رسائل الصمت،
وعن كل المنافي التي تخلق منّا كتلًا متحركة من الريبة والتوجس والظنون، فينتابني الشك بأني موجودة.
وكأني بحاجة لقلق آخر...!
حتى اللحظة الراكضة للتو؛ كنت أحدث نفسي عن ظل البحر.
لا تقل شيئًا بين نفسك ونفسك.
لم تكن هذه سوى انفلاتات الروح من زوايا القلب والجسد لعبور مستحيل الكتابة. كوهم على وشك الاعتراف.

ماذا لو يرتبك الصباح على أنامل ليله؟
ماذا لو يتوقف الزمن في آخر نص كتبته؟
وماذا سيحدث بعد ذلك؟


حين لقاء سنبكي
ونتحدث ... معًا،
عن انشطارات الحزن،
وعن مداراتنا الليلية،
دون ضوء القمر.

[قراءة في قصيدة "تاكسون - حدثيني" لفاطمة الفلاحي]

تتجسد في هذه القصيدة لوحةٌ شعرية مطرزة بالحنين والشك والاغتراب حيث تنساب الكلمات كقطرات المطر في نهر الذات والمنفى. فاطمة الفلاحي تخلق عالماً مترعاً بالانزياحات الوجدانية تُحاور فيه الغياب والوجود عبر لغةٍ تستدعي الظلّ والضوء معاً.

١ الانزياحات الرمزية:
- النهر والمطر:
يتحولان إلى وسيطٍ سردي يحمل هموم المسافر والمنفى كأنما الكتابة نفسها نهرٌ يجرّ أوراق الذاكرة المتساقطة.
- الرازقي والأوراق:
زهرة الرازقي (شجرة ذات رائحة عطرة) ترمز للرسائل الضائعة أو الذكريات الهاربة من "رسائل الصمت" وكأنّ الصمت نفسه يصبح متكلماً.
- الظل والضوء:
"ظل البحر" و"ضوء القمر" يشكلان ثنائيةً تعكس التناقض بين الحضور والغياب بين ما يُرى وما يُختزل في اللاوعي.

٢ سؤال الوجود والاغتراب:
العبارة "ينتابني الشك بأني موجودة" تُلخص أزمة الهوية في المنفى حيث يصبح الجسد "كتلة متحركة من الريبة".
اللغة هنا تتحول إلى فضاءٍ للبحث عن الذات المبعثرة كما في عبارة "انفلاتات الروح من زوايا القلب" التي توحي بمحاولة الهروب من سجن الجسد أو الجغرافيا.

٣ - الزمن المستحيل:
تساؤلات الشاعرة (ماذا لو يتوقف الزمن؟) تكشف عن رغبة في تجميد اللحظة الشعرية كأن النصّ هو آخر ملاذٍ للخلود.
لكنّ الزمن في القصيدة زمنٌ دائري (مداراتنا الليلية) يعيد إنتاج الحزن دون انقطاع.

٤ - لغة الهمس والانشطار:
الأسلوب يتراوح بين الحكائي (كنت أحدث نفسي) والغنائي (سنبكي ونتحدث معاً).
هذا الانزياح يُظهر انشطار الذات بين المحاورة الداخلية والحوار مع الآخر الغائب.
كلمة "انشطارات" (بدلاً من انشقاقات) توحي بتشظٍّ لا يُرمّم كحزنٍ يتكاثر بانعكاسات الضوء على مرآة مكسورة.

٥ - الخاتمة القمرية:
غياب "ضوء القمر" في اللقاء المُتخيّل يُذكّر بظلمة المنفى حيث حتى السماء تخلو من شهود الفرح. الحزن هنا ليس فردياً بل كونياً
كأنه مدارٌ لا يُفلت منه إلا بالكتابة.

// ختاماً:
هذه القصيدة هي مرثية للذات واللغة معاً.
فاطمة الفلاحي تكتب بمداد الغياب مستخدمةً الانزياحات الرمزية والزمنية لخلق عالمٍ شعريٍّ يرفض الثبات.
اللغةُ تتعرى هنا لتكشف عن جرح الوجود
بينما تظل الكلماتُ أوراقَ رازقيٍّ متساقطةً على ضفاف النهر...
تحياتي واحترامي

#فاطمة_الفلاحي
#تاكسون_عراقي

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي