|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
سعد محمد مهدي غلام
2025 / 8 / 16
في مُخَيِّسِ وهْمِ غَابةِ الزَّمنِ،
عَجُوزٌ هَسَّ قَلْبُها،
عَوَّرْتَها عَنِ الحُلْمِ
غَقْغَقاتُ أَشْتيَةِ البلُّوطِ.
قَالتْ: لا أَخافُ الموْتَ هَسَّهْ،
لَكنَّني أَشْفِقُ عَلى الأَغْصانِ
وشُمُوعِ اللهِ.
خَسأَ الصَّوْتُ
بَعْدَ أَنْ ارْتَدى الصَّدى
حَليجَ النِّسْيانِ.
خَافتْ أَنْ تَعْرِفَ،
أَوْغفَ قَلْبُها فُقَّاعةً،
تَفَرْقَعتْ،
فَكَنَستْ أَوْراقَ غَسَقِ
قَيْقبِ الدِّيجُورِ.
حَلَّقتْ كمَرْكَبِ قَشٍّ
يَمْخُرُ ريشَ الدُّخانِ،
تَنَاوشتْهَا بَيْنَ الصُّدْفةِ وَالصُّدْفةِ
خَيالاتُ وَطْءِ الفَراغِ.
ومَا انْفكَّتْ فَرَاشةُ الكَاليمَا
رَسْمَ وَرقةٍ مَهيضةٍ،
تَطيرُ في زِنْزَانةِ الزَّمنِ المُسْتَطيرِ،
مُبَدِّدةً قُزَحَ الخَطيرِ،
خَيَّسَها بَلُّوطُ الوَقْتِ
الَّذي لا يَخيسُ،
وَرَّثتْ أَيْتامَ الشَّغفِ
نَظيرَ رَمادِ عُمْرِهَا الشَّظِفِ.
مُقْتَبسًا بَائِدًا خَاطِرُها:
الأَرْضُ وَرْدَةُ الكَوْنِ
سَرَّتْها كَاليمَا المُسْتَطيرُ .
تَخَفَّتْ كَاليمَا كَالْوَرَقَةِ المَيْتَةِ،
لِتَحْيَا بِوَهْمِ الخَفَاءِ،
وَأَخْفَتْ عُرُوقَهَا فِي عُرُوقِ الغَابَةِ،
كَأَنَّهَا نَبْضٌ أَخِيرٌ يَتَجَدَّدُ.
حَلَّقتْ كمَرْكَبِ قَشٍّ
يَمْخُرُ ريشَ الدُّخانِ،
تَنَاوشتْهَا بَيْنَ الصُّدْفةِ وَالصُّدْفةِ
خَيالاتُ وَطْءِ الفَراغِ.
لَمْ تَكُنْ فَرَاشَةً وَحْدَهَا،
بَلْ صُورَةُ الشَّاعِرِ،
يَتَلَفَّعُ بِقِناعِ الغِيَابِ،
لِيَصُونَ مِنْ جُوعِ الزَّمنِ
قَليلًا مِنْ أَلْوانِ الحَقيقَة.
هامش
1-كاليما (Kallima paralekta): فراشة آسيوية عُرفت بقدرتها الفائقة على التمويه عبر محاكاة أوراق الشجر اليابسة بكل تفاصيلها الدقيقة، من العروق إلى البقع اللونية. جمعها لأول مرة عالم الطبيعيات ألفريد راسل والاس في القرن التاسع عشر، وأصبحت نموذجًا حيًّا لنظرية داروين في الارتقاء الطبيعي. يرى بعض العلماء أنّ هذا التشابه نتج عن تطور تدريجي طويل، فيما افترض آخرون أنّه حدث طفرة مفاجئة عُرفت بالوحش المتأمِّل. في النص الشعري، تتحوّل كاليما إلى رمز للهشاشة والتحوّل والاختفاء من أجل البقاء.
2-الخلفية العلمية
لفراشات كاليما : تُعرف بقدرتها المدهشة على التشبه بأوراق الشجر الميتة.
بدأت الملاحظات عليها منذ القرن التاسع عشر، حيث جمعها ألفريد راسل والاس وربط تطورها بـ نظرية داروين في الانتقاء الطبيعي.
جناحاها يُحاكيان الورقة اليابسة بكامل تفاصيلها: العروق، التعرجات، البقع الصفراء.
هناك تفسيران لتطورها:
أ. تطور تدريجي (الداروينيون).
ب. قفزة مفاجئة كما افترض ريتشارد جولدشميدت (نظرية الوحش المتأمل).
3-البعد الرمزي للشعر
كاليما ليست مجرد فراشة، بل كائن يذوب في قناع الطبيعة: يختفي ليحيا، يموت شكلاً ليبقى جوهرًا.
التشبه بورقة ميتة يحيل إلى جدلية الحياة والموت، الحضور والغياب، الكائن والعدم.
في النص : "فراشة الكاليما… تطير في زنزانة الزمن المستطير:، يمكن قراءته كتعبير عن الاغتراب في قناع البقاء.
الفراشة هنا رمز للشاعر نفسه: يتخفى بين الرماد والبلوط، بين وهم الغابة وضغط الزمن، لكنه في التخفي ذاته يحافظ على شعلة المعنى.