اختلط الحابل بالنابل (2)

خليل قانصوه
2025 / 8 / 15


قلنا في الجزء الأول من هذا المقال أن بلدان المشرق العربي (ما بين النيل والفرات) تتعرض لحملة استعمارية غربية ، باسم " استرجاع إسرائيل الكبرى " و أن " الدولة" في هذه البلدان غير قادرة و غير راغبة ، على التصدي لها ، و بالتالي فإنها تناور و تتحايل لعلها " تفوز " بما يناسبها أكثر ، بين الصلح و التنازل المحدود و الاستسلام الكلي . (بين الصلح مع مصر و استسلام منظمة التحرير الفلسطينية )يمكننا القول بهذا الصدد أن المستعمرين حققوا هنا و هناك ، نماذج عن هذا بدرجات متفاوتة، و لكنهم انسجاما مع طبيعة مشروعهم ، الاستعماري الاستيطاني ، يواصلون هجومهم حتى بلوغ غاياتهم بالكامل ، طالما أن ميزان القوي مائل لصالحهم .
يحسن التوقف هنا أمام معطى أساس ابرزته سيرورة الصلح بين السلطة المصرية من جهة و السلطة الإسرائيلية من جهة ثانية ، ملخصه التالي : في النموذج المصري ، لولا حرب 1973 لما أنجزت اتفاقية السلام ، ولكن هذه الأخيرة لم تكن نتيجة مباشرة لهذه الحرب التي قاتل فيها المصريون ببسالة و التي و قع أثناءها خلاف بين صناع القرار ، أغلب الظن أن مرد ذلك عائدٌ إلى أنها كانت محكومة بنظريتين مختلفتين ، نظرية الحكام مقابل نظرية القادة العسكريين .
و على الأرجح أنه يجوز لنا أيضا أن نقارب التجربة الفلسطينية بعد فشلها الذريع في لبنان ، بنفس الأسلوب و المنطق . فمن المعروف ان قيادة منظمة التحرير التي "تخلت عن سلاحها "في بيروت و قبلت بالذهاب إلى المنفى ، كانت في أزمة ، عندما بادر الشعب الفلسطيني ، انطلاقا من قطاع غزة ، في كانون أول ، ديسمبر 1987 ، إلى انتفاضة الحجارة تعبيرا عن عزمه على مواصلة المقاومة الوطنية الفلسطينية . لا شك في أن ذلك ساعد على تعويم القيادة ، المنزوعة السلاح ، في منفاها في تونس، و اعادها إلى العمل السياسي ،وصولا إلى اتفاقية أوسلو التي وقع عليها في سنة 1993 في حديقة البيت الأبيض الأميركي!
لا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن الفلسطينيين في مخيمي صبرا و شاتيلا ، ودعوا " السلاح " و قيادة منظمة التحرير و كوادرها العسكرية في شهر آب أوغسطس 1982 ، ولم يمض شهر و احد بعد ذلك قبل لن يدخل الإسرائيليون و عملاؤهم اللبنانيون إلى المخيمين ( أيلول 1982 ) حيث ارتكبوا ، كعادتهم مجزرة بشعة ( ثلاثة ألاف قتيل ) . و في السياق نفسه ، يحسن التذكير أيضا بما سمي " حرب المخيمات " في أيار مايو 1985 ،في نفس المخيمين ، بين الجيش اللبناني و أنصاره من الميليشيات اللبنانية من جهة و الفلسطينيين من جهة ثانية ، اسفرت بحسب بعض المصادر ، عن ثلاثة آلاف قتيل أيضا ، معادلة بمجازر مخيم تل الزعتر في العام 1976 !
كان يمكن أن نضع عنوانا لهذا المقال : اختلاف موقف المقاومة الوطنية عن موقف السلطة تجاه العدوان الاستعماري ، حيث أن كل طرف يحاول الدفاع عن وجوده. توجد السلطة أحيانا دون وطن على عكس الشعب فإذا اقتلع من ارضه تفرق أوصار حطبا.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي