(أطيافُ الخراب في مرآةِ الكابوس:شَفَقٌ أَخْضَرُ)

سعد محمد مهدي غلام
2025 / 8 / 11

شَرِبَتْ خَفَافِيشُ العَتَمَةِ، رُوحَ القَنادِيلِ...
أَمْسَى الوَطَنُ مَقْبَرَةً،
عُشَّاقُهُ...؟ شُهَدَاءُ!!

مَهُولٌ كَابُوسُهُ،
يَنْدُبُ حَظَّهُ،
(أَبُو الهَوْلِ) تَعَثَّرَ...
تَقْتَفِيهِ مَلَامَةُ الرَّحِيلِ، حِكْمَةٌ،
مُحَمَّلِينَ بِالتَّوَابِيتِ الأَبَنُوسِيَّةِ...
سَرَادِقَاتٌ، بَاغُودَاتٌ، أَغْوَارُ كُهُوفٍ، مَغَارَاتٍ...
صَدًى يَخْتَمِرُ فِي دَبِقِ أَوْقَاتٍ عَصِيبَةٍ،
يُرَدِّدُهُ صَفِيرُ حَنْجَرَةٍ مَثْقُوبَةٍ.

تَتَعَكَّزُ النَّعِيبَ،
غُرَابٌ مُنْكَسِرٌ لِمَوْتِ رَفِيقَتِهِ،
دَمَعَاتُ نَحِيبٍ، شَاهِدَةُ الفِرْعَوْنِ الأَخِيرِ...

اِنْزِعْ نَفْسَكَ،
قَبْلَ أَنْ يُدْرِجَكَ الكَهَنَةُ فِي قِمَاطِ النَّاوُوسِ،
مُومِيَاءَ مُحَنَّطَةَ الوَجْهِ،
تَرْنِيمَةً مَجْرُوحَةً،
حَاسِرَةً،
جَدِيلَتُهَا مُضَفَّرَةٌ بِعُرُوقِ العَوْسَجِ...

المَدَى يَتَمَطَّى سَرَابًا، شَرِبَ غَابَةَ الزَّمَنِ،
اِشْتَعَلَتْ صُوَّةُ الدَّرْبِ،
خَرَّ نَجْمٌ فِي سُجُودِهِ لِمَجَرَّةٍ ضَائِعَةٍ،
رَسَمَتْ خُطُوطَ الأُفُقِ، سَدِيمَ أَثِيرِ البَوَاخِرِ التَّايتَنِيكِيَّةِ،
خَلْفَهَا، غَرِقَتِ الشَّمْسُ فِي مَنَافِي الثَّلَّاجَاتِ...

النَّوَارِسُ، تَبْحَثُ عَنْ نَيَاسِمَ،
أَسْرَابُ البَجَعِ المُغَادِرِ،
لِتَعُودَ لِلأَعْشَاشِ المَائِيَّةِ،
الَّتِي تَطُوفُ الفَرَاغَ،
مُفَخَّخَةً... حَطَّتْ حَوْصَلَتُهَا، مَمْلُوءَةً يَاقُوتًا،
تَحْتَضِنُ السَّمَاءُ عَصَافِيرَ الغَابَةِ السَّوْدَاءِ...

يَسْتَجْدِي البَحْرُ بَحَّارَتَهُ،
ذِرَاعَ عَاشِقٍ لِتَغْمُرَ أَمْوَاجُهُ الفَنَارَ، بِالعِنَاقِ العَاتِي،
يُوَزِّعُ تَمَائِمَ، وَسَكَاكِينَ، وَأَصْدَافًا، وَأَطَالِسَ، وَمُعْجَمًا، وَطِينًا...
مَنْ يَسْمَعْ فِي التِّيهِ صَوْتَ أَصْحَابِ الرَّسِّ؟

وَفِي غَرَقِ العَلَامَاتِ، تَمْتَشِقُ
مَوْجَةُ خَلْجَانٍ مُضْطَرِبَةٍ،
أَسْمَاءُ غَرْقَى أَرْصِفَةِ المَوَانِئِ العَائِمَةِ،
عَلَى الرِّمَالِ المُتَحَرِّكَةِ لِدَانْكَرْنَكْ،
كَاهِلُ المَنَائِرِ الصَّلْعَاءِ، يُكَلِّلُهَا دُخَانُ احْتِرَاقِ الفَرَاغِ...

شَاسِعَةٌ... المَدَى يُعْجِزُ البَصَرَ،
تَعْوِي الرِّيحُ،
لا جِدَارَ يَوْقِفُ تَدَحْرُجَهَا مِنَ الهَاوِيَةِ لِسَحِيقِ البُعْدِ،
حَيْثُ غَابَ السَّرَابُ...

الزَّنْزَانَةُ بَارِدَةٌ،
يَشْعُرُ الزَّمَنُ بِالوَلَعِ،
نَوْبَةُ صَدًى،
عُوَاءٌ يَتَجَوَّلُ فِي الأَرْجَاءِ النَّائِيَةِ،
وَحْشَةٌ...
يَرَاكَ، وَأَنْتَ تَبْحَثُ فِي السَّقْفِ عَنْهُ، فَلا تَجِدُهُ...

المِفْتَاحُ يَرْتَبِكُ بَيْنَ أُصْبُعِكَ،
لا بَابَ هُنَاكَ،
الهَاوِيَةُ لا تَسْكُنُهَا الأَشْجَارُ،
لَيْسَ ثَمَّةَ حَفِيفٌ،
وَلا شَيْءَ، سِوَى العُوَاءِ، وَدَقَّاتِ القَلْبِ، وَاللهَاثِ العَارِي...
يَتَسَلَّقُ سُلَّمَ المَنَائِرِ، لِيَتَعَلَّقَ بِدَوَائِرِ الدُّخَانِ،
القِمَّةُ صَلْعَاءُ،
يَنْزَلِقُ لِلْقَاعِ،
وَيَبْقَى صَوْتُهُ، هُنَاكَ فِي الأَعْلَى...
هَرَمُ الجِدَارِ، الَّذِي شَطَبَ العُمْرَ عَلَيْهِ،
فَانْفَرَطَتْ خَرَزَاتُ دَمْعٍ، فِي جَيْبِكَ الذَّابِلِ،
وَخَشْيَتِي أَنْ يَكُونَ، مَثْقُوبًا.

إضاءة تحليلية لفتح أفق القراءة :

اشتغل النص على بناء مشهدي كثيف، مزج الواقعي بالأسطوري في فضاء هيمنت عليه رؤى الخراب وخلجات الغياب. تتداخل صور الموت والبحر والكهوف والسرادقات في بنية سوريالية، حيث يتحول الوطن إلى مقبرة عشقية ، ويغدو العاشق مومياء تتعكز النعيب. العنوان "أطياف الخراب في مرآة الكابوس" يوجّه القراءة نحو إدراك النص بوصفه مرثية كونية، تتماهى فيها الأطياف مع الدمار مع مرآى الخراب ، وتتعانق فيها الرموز الحضارية (أبو الهول، الفرعون، ..) مع استدعاءات الطبيعة والبحر في جدلية موت/ غياب وحضور / حياة ، تنعكس في مرآة ذات تعيش على حافة الانهيار الو شيك .

سرد صوري

1. صور الظلام والموت
خفافيش العتمة – روح القناديل – مقبرة عشاقه – نعوش أبنوسية – مومياء محنطة الوجه – النعيب – غراب منكسر.

2. صور الرمز الحضاري
أبو الهول – الكهنة – الناووس – الفرعون الأخير – البواغودات – الموانئ – دانكرنك.

3. صور البحر والملاحة
البحر – الفنار – النوارس – أسراب البجع – الموج – الخلجان – البواخر التايتنيكية – الموانئ العائمة.

4. صور الطبيعة الغائبة أو المشوهة
غياب الأشجار – انعدام الحفيف – الغابة السوداء – سراب غابة الزمن – أعشاش مائية مفخخة.

5. صور الانهيار والانحدار
تدحرج من الهاوية – انزلاق للقاع – سقوط النجم – هرم الجدار – انفراط الخرزات.

6. صور السجن والعزلة
الزنزانة الباردة – البحث عن المفتاح – لا باب هناك – اللهاث العاري – العواء في الأرجاء النائية.

الخلاصة:
النص مبني على تراكب من طبقات ثلاث :

1. مكانية: فضاءات مغلقة (زنزانة، كهف، ناووس) أو مفتوحة على خراب (بحر، موانئ، صحراء سرابية).


2. رمزية: رموز حضارية وأسطورية كبرى تربط الماضي بالحاضر في سياق انهيار كوني.


3. شعورية: انكسار الذات، شعور التيه، واستبطان العدم.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي