|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أزاد خليل
2025 / 8 / 10
في قلب الأزمة السورية المستمرة، حيث انكشفت أوجه متعددة من الصراع على السلطة، برز شخص لم يكن يوماً سوى مغتصب للشرعية، غاصب لمستقبل سوريا، ومجرم دموي تورّط في أبشع الجرائم ضد أبناء وطنه. إنه أبو محمد الجولاني، الرجل الذي نصب نفسه حاكماً على سوريا دون تفويض أو شرعية، وحوّل الحلم الوطني إلى كابوس من الدم والخراب.
تنصيب بلا شرعية.. استيلاء على الحكم بيد من حديد
لم ينل الجولاني أي شرعية شعبية أو تفويض حقيقي من السوريين، فهو لم يُنتخب ولا اعتمد من أي جهة تمثل الشعب أو الشرعية الوطنية. بدلاً من ذلك، استخدم نفوذه العسكري وجماعاته المسلحة لينصب نفسه رأساً للحكم في مناطق تحت سيطرته، مستفيداً من الفوضى والانقسامات العميقة التي تعيشها البلاد.
منذ البداية، رفض الحوار الوطني الحقيقي الذي يشمل جميع أطياف الشعب السوري، فقام بتهيئة “حوار وطني” مزيف، كان مجرد مسرحية هزلية جلب فيها شخصيات فاقدة للقرار والتمثيل الشعبي، أغلبها من المنافقين والمنتفعين، فيما استبعد عمدًا الكرد والمسيحيين، وكذلك العرب السنة المعتدلين الذين يشكلون عماد أي حل سلمي ومستقبلي. هذا الحوار لم يكن سوى عملية غطاء لإضفاء صفة شرعية زائفة على حكمه الاستبدادي.
لم يكتفِ الجولاني بذلك، بل ذهب أبعد من ذلك، فجعل نفسه بيد واحدة “رئيس الحكومة ورئيس الدولة والقائد الأعلى للجيش”، وهو احتكار استثنائي للسلطة لم تشهد له سوريا مثيلاً، ومخالف لكل المبادئ الديمقراطية وأبسط قواعد التمثيل السياسي. بتلك الخطوة، أنهى أي أمل في مشاركة حقيقية، وحول دمشق إلى مملكة عائلية يحكمها هو وعائلته المسلحة.
العائلة… نفوذ يمتد إلى السرقة والنهب
من بين أبرز مظاهر حكم الجولاني هو تورط عائلته في نهب ثروات سوريا. إخوة الجولاني، ماهر الشرع، حازم الشرع، وجمال الشرع، لم يكونوا مجرد أقارب بل شركاء في شبكة فساد واسعة. وثقت وكالة “رويترز” تحقيقاً صادماً يكشف كيف استغلوا النفوذ العائلي لتدفق ثروات ضخمة من موارد سوريا، خاصة من المناطق التي يسيطر عليها الجولاني.
لم تكن هذه مجرد سرقة عادية، بل نهب ممنهج يستهدف مستقبل الشعب السوري، حيث استُنزفت الخزائن العامة، واستُغل الوضع الميداني المضطرب لاستثمارات مشبوهة، ونهب البنية التحتية، واحتكار السلع الأساسية، ما عمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تعانيها البلاد.
جرائم في الساحل والسويداء… دم لا يُغتفر
لم يكن حكم الجولاني محصوراً في العاصمة أو مناطق سيطرته المباشرة، بل امتدت جرائمه لتشمل الساحل السوري ومحافظة السويداء، حيث ارتكب مجازر وعمليات قمع دموية بحق المدنيين.
في الساحل، حيث التعايش والتنوع الديني والعرقي، أسس الجولاني وأتباعه سياسة رعب تهدف إلى قمع أي صوت معارض، مستخدماً أساليب إرهابية كالاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القانون. مجازره هناك ليست سوى صفحات سوداء في تاريخ سوريا الحديث.
أما في السويداء، التي تُعرف بوفائها لدمشق وللشعب السوري، فقد استخدم الجولاني التكتيكات القمعية نفسها، مهدداً بدمار شامل، ومُسخّراً الفصائل المسلحة والمرتزقة لتنفيذ أجندته، متجاهلاً دماء الأبرياء وأرواح الأطفال.
استهداف الشعب الكردي… تهديد بالسكوت عن تركيا
ولم يكتفِ الجولاني بقتل السوريين فحسب، بل استهدف الشعب الكردي بشكل خاص، معتمداً على دعم تركي صريح لا يخفيه، واستقوائه بالجيش التركي الذي يشن حملات إبادة ومجازر في مناطق شمال وشمال شرق سوريا.
تهديداته المتكررة ضد الشعب الكردي، وتحالفاته المشبوهة مع أنقرة، كشفت الوجه الحقيقي له كعميل يخون أرضه ويخدم أجندات خارجية ضد مصلحة سوريا ووحدتها الوطنية. لم يتردد في استغلال أي فرصة لقمع الكرد وتهميشهم، رغم أن الكرد هم أحد الأعمدة الأساسية للسلم الأهلي والاستقرار في البلاد.
خلاصة.. قاتل مكلّف بحماية مصالح عائلته
أبو محمد الجولاني ليس سوى مغتصب، مجرم، وعميل، يسيطر على مفاصل الحكم في دمشق بيد من حديد، وبشبكة عائلية فاسدة تستغل الأزمة السورية لنهب ثروات البلاد، وارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين في الساحل والسويداء، مع تهديد الشعب الكردي بالقتل والتشريد، مستفيداً من الدعم التركي.
هذا الرجل الذي نصب نفسه رئيساً ورئيس حكومة وقائداً للجيش، دون أي شرعية، يمثّل تهديداً حقيقياً لوحدة سوريا، ومستقبل شعبها، وحاجزاً أمام أي حوار وطني حقيقي يمكن أن ينهي هذه الحرب.
دعوة للوحدة والرفض الحازم
إن سوريا التي حلم بها أبناؤها وأجدادها لن تقوم على نموذج إرهابي يغتصب السلطة ويقتل الإنسان ويدمر الوطن. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تتطلب سوريا تكاتف مكوناتها الأصيلة: العرب والكرد، المسيحيين والسنة، وكل مكونات الشعب السوري، ليقفوا صفاً واحداً ضد هذا النموذج الدموي.
إن رفض هذا الحكم المستبد، وبناء سوريا تقوم على العدالة، والقانون، والمؤسسات الحقيقية، هو الطريق الوحيد للخروج من نفق الظلام. سوريا تستحق أكثر من أن تُصنع بأيدي مجرمين وتقتل فيها الإنسانية، وتدمر فيها الأرض والإنسان.
علينا أن نُعلنها بوضوح: لا سلام ولا استقرار مع استمرار هذا النظام الذي يُبقي سوريا في دائرة الحرب والدمار. الوحدة الوطنية الحقيقية هي الضمانة الوحيدة لسوريا حرة، آمنة، ومتقدمة
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |