اختلط الحابل بالنابل (1)

خليل قانصوه
2025 / 8 / 10

كما في كل الحروب و المواجهات التي تتوالى بين الفينة و الفينة ، في بلدان المشرق العربي ، منذ سنوات العشرين من القرن الماضي تشكل عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر . تشرين أول 2023 ، إلى جانب كونها حلقة في سياق الصراع ضد الاستعمار الغربي ، معلما اجتماعيا يعكس الوعي حيال السيرورة الاستعمارية المتواصلة من جهة و المتغيرات و المتبدلات في أساليب مناهضتها في البلدان المذكورة !
من البديهي أننا نطرح في ما تقدم موضوعا واسعا و متشعبا ، و بالتالي فإن إيفاءه يتطلب الدخول في تفاصيل لا يتسع لها هذا المقال ، لذا نكتفي هنا في إطار مقاربته باستعراض بعض العناوين ذات العلاقة بالسيرورة الاستعمارية نفسها من جهة و بالتحولات في أساليب مناهضتها من جهة ثانية :
ـ تحتل الحركة الصهيونية اليهودية ، على رأس دولة إسرائيل ، الصدارة في الحملة الاستعمارية الغربية . علما أن الصهيونية ليست في لبها ، حركة دينية ، و إنما توظف الدين وصولا إلى ما تصبو إليه ، و لعل ظهور " الإبراهيمية " في السنوات العشر الأخيرة يبطن " استنساخا " لها إذا جاز القول في " مشاتل " ثورات الربيع العربي ، التي تعهدها أمراء النفط . و لكن الصهيونية تضم أيضا في الراهن ، جميع لوبيات الصناعات العسكرية و المالية ، العالمية ، التي تعمل على إيقاد الحروب المشتعلة حاليا و في الوقت نفسه تحضر بؤرا لحروب جديدة تعقبها .
مجمل القول أن مناهضة الاستعمار في بلدان المشرق العربي ، لا تقتصر على التصدي للغزوات الإسرائيلية ، المتمادية إلى حد التطهير العرقي الشامل ، و صولا إلى الإبادة الجماعية ، كون إسرائيل لا تعدو الجزء العائم من جبل الاستعمار الغربي ، و لنا فيما يجري منذ ما يقرب السنتين في قطاع غزة و الضفة الغربية و لبنان و اليمن و سورية البراهين الملموسة على ذلك .
هنا ينهض السؤال الذي لا مفر منه ، عما إذا كان المعنيون ، أي شعوب هذه البلدان قادرة على التصدي للحملة الاستعمارية الغربية التي تستهدفهم ، تحت قيادة إسرائيلية ، قتلا و تدميرا و ترحيلا ؟ الإجابة هي طبعا ، بالنفي . أي انهم لا يستطيعون ذلك ، وعلى الأرجح انهم لا يريدونه . ربما يكون أقصى ما هو مأمول به ، الصلح معه ! و لكن من المعلوم بهذا الصدد أن المستعمر لا يبادر إلى العدوان طلبا للصلح ، فمحفزه هو الطمع بالربح و التمدد و الهيمنة ،بما هي دعائم لركائز قوته ضد قوى استعمارية منافسة له .
ينبني عليه ، منطقيا ، أنه لا يبقى أمام شعوب هذه البلدان سوى المساومة و المناورة لعل ذلك يضمن قبول المستعمرين " بتنازلات " محدودة تلبي أطماعهم ، بحيث يحافظ الأصليون في الوقت نفسه على و جودهم " الهوياتي " الاجتماعي ، و على " حصة " من مواردهم الاقتصادية ، و على الإبقاء على حيز من حريتهم . و لكن هذا كله يتوقف أيضا على نجاح كل شعب من هذه الشعوب ، في اختيار قيادة مخلصة ذات مصداقية متبصرة في الأوضاع مقدرة للظروف .
ولكن لا بد من الاعتراف هنا ، بان السيرورة الاستعمارية الغربية لا تخضع في أغلب الأحيان إلا لميزان القوى ، فما بقي هذا الأخير مائلا لصالح المستعمر فإنه لا يبقي في البلاد التي يريد أرضها و موقعها و مواردها إلا ما يحتاج إليه فقط ، فإن كان بحاجة إلى سكانها أو إلى جزء منهم أبقاهم و تخلص من الذين لا حاجة له بهم .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي