مكابس صحنايا جاءت من غابات الأمازون

خليل قانصوه
2025 / 8 / 5


" انتصرت الثورة السورية " . فعلا سقط أخيرا ،النظام السوري في أيام قليلة ، بعد مرور أربعة عشر عاما على" الحرب " الدامية و المدمرة ،على شكل مشاهد مأساوية مذهلة ، ولكننا لا نستطيع بعد ثمانية أشهر من وقوع الحدث ، أن نقول ان السلام و الأمان استتبا في البلاد التي ما تزال تشهد حروبا متنقلة تحاكي " التطهير الطائفي" و "التصفية العنصرية " التي تدور رحاها منذ السابع من أكتوبر 2023 ، في قطاع غزة والضفة الغربية . ما يبرر في الأصل ، السؤال عن العلاقة " المشتبه بها " بين إسرائيل من جهة و انطلاق " شرارة الثورة " في سورية في 15 . آذار ، مارس 2011 ، لا سيما أنه كشف في سنة 2006، عن وثائق تفيد عن خطة وضعتها الولايات المتحدة الأميركية من أجل تدمير سبع دول خلال "خمس سنوات " هي العراق ، سورية ، لبنان ، ليبيا ، الصومال ، السودان و إيران ( على ذمة ويسلي كلارك ، جنرال أميركي ) . و في السياق نفسه يقول أحد الخبراء الموثوق بشهادتهم ، من وجهة نظرنا أن السلاح الذي اكتشف سنة 2011 ، في درعا كان مصدره إسرائيل .
نكتفي بهذه توطئة ، عن الحروب " السورية التي لا يزال الكلام عنها في بداياته ، لننتقل إلى ملحوظات عن مساهمات و سائل الدعاية الأجنبية في " الثورة السورية " ، حيث من المعلوم أنها كبيرة متناسبة مع قدراتها غير المحدودة و تقنياتها العالية و ملاءمتها الدقيقة للبيئة المستهدفة . نذكر في هذا الصدد :
ـ صورة ، طفل عمره ثلاث سنوات قيل أنه سوري و كردي ، من عين العرب ، و انه سقط في البحر من قارب ركبه سوريون مهاجرون من بلادهم ، سوقتها على الأرجح و كالة دعاية تركية في 2015 ، موحية بأن الأمواج لفظت جثة الطفل على رمال شاطئ تركي . نحن لا ندري كيف و صل المصور إلى مكان الجثة ، قبل غيره مما أتاح أخذ صورة ثانية له محمولا على ذراعي رجل الإسعاف . مهما يكن ، كان المشهد حزينا مبكيا على مستوى العالم .
ـ الخوذ البيضاء في حلب : سرت شائعات كثيرة حول هذه الجماعة ، التي نشطت في مدينة حلب ، و انتشرت مقاطع سينمائية عن " جهود ها " ، اثناء هجوم الروس على المدينة ، ومن بينها مقاطع تبين فيما بعد أنها أعدت في ستيديوهات تصوير ، كما تحسن الإشارة إلى أنها فازت بجائزة نوبل للسلام ، مثلها مثل اليمنية توكل كرمان ، باسيوناريا الإخوان المسلمين اليمنيين في الولايات المتحدة الأميركية، و الى أنها حظيت برعاية الأجهزة البريطانية في الثورة السورية .
ـ وأخيرا ،لقد كان الكلام عن "مكابس " زعم انها وجدت في سجن صحنايا ، محيّرا للغاية بالنسبة لنا ، علما اننا سمعنا و قرأنا و رأينا ، في السنوات الأربع عشرة الماضية ، الكثير عما يجري في سورية من ألوان الجرائم الشنيعة التي لا تخطر ببال ، و بالتالي فإن " فرضية المكابس " كأداة تعذيب تثير اليوم تساؤلات أساسية تمس الوجدان و الكيان لا مفر من التفكر فيها على ضوء مجازر النازيين الجدد في قطاع غزة و الضفة الغربية من جهة و مجازر التطهير الطائفي في سورية من جهة ثانية ، على يد " الثوار الإسلاميين " الذين يدعون أنهم كشفوا عن " مكابس سجن صحنايا " و يزعمون ضمنيا أن الناس كانوا " يعصرون " بواسطتها .
نحن لا نعرف في الواقع عن هذه "المكابس " إلا ما بثته و سائل دعاية " الثورة "، أي أنها كانت " أداة للتعذيب " . هل أنها ابتكار محلي ؟ أم أنها مجرد دعاية مغرضة ليس لها أثر مادي ؟ و لكن من المعلوم بهذا الصدد أن الشركات البريطانية التي كانت في مطلع القرن الماضي ( 1910 ) تسخر الهنود في غابات الأمازون في استخراج الكاوتشوك ، استخدمت " المكابس " ، لقمع التمرد في صفوفهم . و هذه عبارة عن هيكلية خشبية ، يوضع فيها " الهندي المشاغب " و قد ضمت أطرافه إلى جذعه و انحنى ظهره ، ثم يشد بالوثاق ، بحيث لا يمكنه الحركة ، تمهيدا لتعذيبه ، احيانا حتى الموت ، أو تعليقة إلى شجرة كاوتشوك حتي يراه رفاقه أثناء العمل المطلوب
يتناول الكاتب البيروفي ، ماريو فارغس يوزا ، موضوع هذه المكابس ، في روايته المترجمة إلى الفرنسية تحت عنوان " حلم السلتيكي " .
مجمل القول أنه ليس مستبعدا أن تكون المخابرات البريطانية التي تميزت ، بحضورها القوي في الثورات في سورية و العراق ، بواسطة السرديات و بث الإشاعات و مقاطع الفيديو .. أن تكون وراء " اللغط " في موضوع المكابس ، و لكن المجازر المتنقلة و مصادرة المنازل و اختطاف النسوة ، تجاوز ابشع الكوابيس و أفظع العذابات

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي