|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 7 / 20
شنت القوات الإسرائيلية في نهاية 2023 ، حربا على الفلسطينيين في قطاع غزة و في الضفة الغربية ، هذا هي من و جهة نظرنا ، حقيقة الحرب ، التي ما تزال مشتعلة ، اما الأسباب فنها أيضا ، مختلفة عن السردية الإسرائيلية التي تلقفتها و سائل الدعاية والسلطات الرسمية في دول الغرب الإمبريالي بكثير من الحزم و التصميم ، و تتلخص ببلوغ أزمات الاجتماع الإسرائيلي ، مستوى يجعل استمراريته غير ذات جدوى دون إيجاد حل للمسألة السكانية (الديمغرافية ) بما هو شرط ضروري للتوسع الجغرافي ولعكس تيار الهجرة اليهودية من إسرائيل الذي يزعزع " يهودية الدولة " و يسقط ورقة التين عن سياسة التمييز على أساس عنصري و ديني ، ابارتهايد ، و عن القرابة التي كانت تربط بين اسرائيل و جنوب إفريقيا العنصرية.
ثم ما لبثت أن تمددت هذه الحرب إلى لبنان و سورية ، سعيا على الأرجح لتحقيق نفس الأهداف المتوخاة في قطاع غزة و الضفة الغربية ، أي التوسع الجغرافي وإفراغ الأرض من سكانها الأصليين ، استعدادا لاستقبال مستعمرين جدد يقيمون دائما أو جزئيا في أطار انتماء مزدوج لإسرائيل و لأوروبا الغربية و الولايات المتحدة الأميركية .
يترافق ذلك كما لا يخفى ، بتوظيف إشكالية " المقاومة " في الوقت الحاضر ، في البلدان التي ما تزال معنية بالقضية الفلسطينية ، و هي أساسا ، بلاد الشام و العراق ، بالإضافة للإقليم الشمالي في اليمن ، بعد أن فشلت الحكومات العربية في التوصل إلى حل هذه القضية . حيث لم تستطع هذه الحكومات فهم العلاقة العضوية التي تربط بين "إسرائيل العدوة والدول الغربية الصديقة " مثلما أن المقاومة تعامت عن جهل أو عن قصد ، عن تبعية نظام الحكم العربي " الحليف " للولايات المتحدة الأميركية " العدوة "
لا يتسع المجال هنا لعرض تفاصيل سيرورة تراجع نظم الحكم العربية التي تمثل في الواقع شبه الدول العربية ، و تجسد في أصلها صيغة مؤقتة ، و متغيرة و متبدلة ، لما تتوصل إليه ، في ظروف معينة ، المساومات بين الجيش من جهة و بين الإسلام السياسي من جهة ثانية ، فنجم عنه استحالة قيام الدولة الوطنية !
بالعودة إذن إلى الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر تشرين أول 2023 ، نلاحظ أن مصر ،غائبة عنها أو تكاد ، لا شك في أن مرد ذلك إلى أسباب متعددة ، اقتصادية ، مشكلة سد النهضة في إثيوبية الذي من المحتمل أن يلغي فوائد السد العالي ، انهيار الأمن القومي بعد فقدان ليبيا ، و السودان ، و سورية ..و من المؤكد أن هذه الأخيرة غابت أيضا ، لا سيما أنها كانت عقدة وصل ، على الرغم من أن الحرب ضدها ، بدأت بعد الحرب على العراق ، تمهيدا لما نشهده اليوم ، و في الرأي بعض العارفين أنها بدأت في بداية الستينات ، حيث بادر الإخوان المسلمون إلى شنها ضد السلطة الناشئة ، باسم إحياء الخلافة الإسلامية في دمشق !
توصلنا مداورة إشكالية المقاومة الحالية ضد المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في الذهن ،إلى أن مردها على الأرجح إلى أنها " ليست وطنية " إذا جاز التعبير ، و أنما هي إسلامية دينية انسجاما مع مشروع " صحوة إسلامية " أطلقته الجمهورية الإسلامية في أيران ، فتصدت له شبه الدولة العربية "من المحيط إلى الخليج " ، باستثناء سورية ، بحجة الدفاع عن " إسلام الجماعة ، التقليدي " ضد "إسلام الهلال الشيعي الأمامي" . هذه من ناحية أما ناحية أخرى فأن ظهور هذا المشروع تسبب في تكتل غالبية نظم الحكم العربية ضده و لم يتوان بعضها عن محاربته بالتعاون مع الدول الغربية و إسرائيل ( التطبيع و حوار الأديان )، و أغلب الظن أنه كان أيضا عاملا رئيسا في توتر العلاقات بين أنصاره و بين المعترضين ضده ، مما ساهم ، إلى جانب أزمة شبه الدولة العربية بوجه عام ، في توفير الطروف الملائمة لإيقاد " ثورات الربيع الإسلامية من أجل الخلافة " التي أضعفت بالتأكيد حركة التحرير العربية بوجه عام .
مهما يكن فإن الحرب الدائرة ضده ، انطلاقا من قطاع غزة ، أدخلت من وجهة نظرنا تغييرات كبيرة في ميزان القوى بين الشعوب في بلاد الشام و العراق من جهة والإسرائيليين الراغبين في إبادتها و ترحيلها من جهة أخرى ، طمعا في ارضها ، حيث يمكننا أن نرصد من الآن فصاعدا ، دلالات الإشارات التي ظهرت في ميدان الصراع المشرقي في السنوات الأخيرة :
ـ لم تكن دولة إسرائيل و حدها في الحرب ، فقد كانت معها دائما الولايات المتحدة الأميركية ،و دول الاتحاد الأوروبي ، فرنسا و المانيا ، و بريطانيا . لا نبالغ في القول أننا حيال حملة عدوانية عسكرية أوروبية ـ أميركية . و لا شك في أن وراء ها أزمة اقتصادية ، عسكرية ، تقنية . هذا ليس موضوعنا ، فما يهمنا هو السلوك ، الذي قرأنا عنه في تاريخ الاستعمار حيث أن العنصرية كانت مبررا رئيسيا له و للعبودية و للإبادة الجماعية .من المعروف أن شعوبا كثيرة في هذا العالم عانت من هذه التصرفات ، التي لم ينجوا منها الأوروبيين أنفسهم ، في الحربين العالميتين ، لا سيما الحرب العالمية الثانية التي ظهرت خلالها العنصرية و الإبادة الجماعية في أبشع صورها على يد النظام الألماني النازي و حلفائه و المعجبين به في جميع أنحاء أوروبا .
من المعروف بهذا الصدد أن السلطات الأوروبية و الأميركية ، أنكرت مسؤوليتها عن جرائم الحرب العالمية و ثانية و استخدمت الحركة الصهيونية التي شهدت زورا ببراءتها بالنيابة عن اليهود . فمن يشهد اليوم زورا ببراءة سلطات الأوروبيين و الأميركيين و الإسرائيليين من المسؤولية عن جرائم الإبادة الجماعية في المشرق العربي . لا أحد!!
ـ ينبني عليه أنه من غير المستبعد أن يقدم هؤلاء المجرمين على استخدام أسلحة نووية إذا تفاقمت أزماتهم . الحرب على روسيا وإيران دلالة على ذلك
ـ المعطى الأخير الذي أفرزته حرب الغرب في المشرق : أن المقاومة الإسلامية غير مؤهلة الاضطلاع بمهمة التحرير الوطني ، فهذا لا يتحقق إلا على يد مقاومة وطنية !
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |