|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 7 / 16
تكاد الحرب الأهلية ، أو الداخلية ، أن تكون دائمة في بلدان المشرق العربي ، أما أسبابها الأساسية فنتركها إلى علماء الاجتماع ، لذا نكتفي هنا بملحوظات عن الجزء العائم منها ، لا سيما أن هذه الحرب ليست في أغلب الأحيان " أهلية" صافية "مئة بالمئة " إذا جاز التعبير ، نظرا إلى أن هناك عاملين ثابتين لهما فعالية كبيرة في إشعالها و إيقادها ،هما الدين و الاستعمار الغربي ، إلى حد يجعل المراقب يتساءل ، عما إذا كانا مكونين اجتماعيين جوهريين في هذه البلدان و بالتالي تكون المعطيات التي نتداولها عن الوطن و الدولة و الاجتماع الوطني جميعا مبنية على سوء فهم علاقة تصادمية بين ثلاث قوى متنافرة مبدئيا ، هي قوى استعمارية غربية و قوى استعمارية دينية و قوى محلية وطنية تطمح إلى تقرير مصيرها في كيان مستقل ، و لكن على الأرجح أن هذه الأخيرة أخرجت في الراهن من المعادلة ، نتيجة تحالف الاستعمار و الدين ضدها ، وأن الصراع سيتواصل في أغلب الظن فيما بين القوتين الاستعماريتين في إطار معادلة ثلاثية جديدة تنضم إليها روسيا و الصين ، لا نتطرق لها في هذا الفصل .
الرأي عندنا أننا في المرحلة النهائية قبل ان يتبدد الحلم الوطني في بلاد المشرق العربي ، سواء على مستوى القطر الواحد أو على مستوى بلاد الشام و العراق ، و لا حرج في هذا السياق أن ننعتها بالمهزلة أمام المشهد الذي تتولى حلقاته في سورية ، حيث تدور " حرب أهلية " متنقلة ، تحت إشراف قوى استعمارية ـ امبريالية من جهة ممثلة بالولايات المتحدة الأميركية و اسرائيل و دول الإتحاد الأوروبي الرئيسية و قوى الاستعمار الديني من جهة ثانية ممثلة بتركيا و دول الخليج ممثلة بالسعودية .
نحن لا نعتقد أن " الحرب الأهلية " المتنقلة في سورية منذ شهر كانون الأول . دسمبر 2024 هي حرب طائفية ، و إنما هي حرب تشنها قوى استعمارية غربية محت من قاموسها مفاهيم مثل " الإنسان" و" الإنسانية " و استعادت مفاهيم " التفوق العنصري" و " إبادة الحيوانات على هيئة بشرية " التي زعمت أنها تابت من ارتكابها في أوروبا نفسها بين الحربين الأولى و الثانية ، و لكنها لم تتوب من جرائمها في المستعمرات ، كما كان يذكرنا بذلك شاعر المارتنيك أيميه سيزير .
إن ما نشهده في سورية ، في الساحل و في أحياء المسيحيين و في المناطق التي يسكنها الموحدون الدروز ، هي في جوهرها مرحلة في سيرورة أبادية ، إلغائية ، ترحيليه متواصلة في قطاع غزة و الضفة الغربية ، و لبنان ، ضد الفئات و المجاميع ، المرشحة لخلق بؤر مقاومة ضد الاستعمار الغربي و الاستعمار الديني الإسلامي . و المتعاونين مع هذا و ذاك في مختلف الطوائف و البيئات الاجتماعية دون استثناء . تحسن الإشارة في هذا الصدد إلى أن الوطنيين ، تعرضوا في فترات متكررة لتصفيات جسدية ، و للنفي ، في صفوف جميع الطوائف الدينية المشرقية المعروفة ، على يد العصابات " الدينية " أحيانا و عصابات نظم الحكم الفاشية أحيانا أخرى .
خلاصة القول و قصاراه ، أن ابن تيمية ليس نبيا و أن الاستعمار أمات الإنسان !
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |