مناديل النسوة و اختطافهن !

خليل قانصوه
2025 / 7 / 10


نسمع في كل اليوم بعد أن انتصرت " الثورة " في سورية ، عن فقدان الاتصال بطالبة أو امرأة او فلاحة ، في الساحل السوري ! لا شك في أن وضع النسوة تبدل في بلدان المشرق بين سنوات 1970 من القرن الماضي والزمن الحاضر ، أغلب الظن أن ذلك انعكاس لدخول شعوب المنطقة في المأزق الاجتماعي الذي ما فتئ يضيق إلى حد جعل المرء يلاقي الموت بطريق الصدفة في أية لحظة . كانت النسوة يضعن "غطاء" على الرأس ، ابيض اللون ، رقيقا ، ليس حاجبا و أنما على درجة من الشفافية ، كان اسمه منديلا ، و لكن بمرور السنوات صار حجابا ، ثم نقابا ، مماثلة بسيدات الفئات المحافظة ، وهن أقلية صغيرة ، كانت تحرص عادة على ان تتميز عن العوام ، باللباس و مظاهر التدين، تعبيرا عن هوية طبقية ، دينية إقطاعية متنفذة .
من البديهي أن وراء التحول من " المنديل "إلى " الحجاب " ، كون النسيج صار سميكا ، و صار ملونا ، غالبا ما يكون داكنا ، يحجب الشعر ، و العنق ، فلا يظهر من الوجه إلا الجزء الأمامي ، نجد تنامي حركات و تنظيمات " الإسلام السياسي " التي صنعت " إسلاميين " و أوكلت إليهم مهمات تمثلت بجذب " المسلمين " اتباع الدين الإسلامي ، إلى " السياسة " ليكونوا " إسلاميين " ، مجاهدين لنصرة " أمة إسلامية " في دولة" إسلامية" ، على حساب " المسلمين " البسطاء و" الدراويش "!
من المعروف بهذا الصدد ان فرق " الإسلام السياسي " صادرت في الواقع الديانة "الإسلامية" ، بحيث فرضت ألا يكون الإيمان نهجا يسلكه الفرد ، بذاته ، و أنما شعائر دينية تمارسها الجماعة حصريا في مسجد ينته او بني لها ، تعود صياغتها و إقرارها إلى فترات الصراعات و الفتن على السلطة . يحسن التذكير هنا ، ان فرق الإسلام السياسي ، لا تلتقي من حيث المبدأ ، استنادا إلى ان " النهج المقدس " لا يبدل و لا يعدل ، ينبني عليه أن تسوية الخلافات تتطلب تكفير كل طرف للطرف المنافس و هدر دم أنصاره !
بكلام آخر ، اكثر صراحة ووضوحا ، يمكننا القول أن حروب جماعات الإسلام السياسي هي نوعان :
ـ حرب ضد بلاد تقطنها شعوب تعتنق معتقدا غير الإسلام ، و غايتهم " الفتح " و نشر دعوتهم ، فمن يُقبل إسلامه نجا ، ومن لم يسالم عومل معاملة "أهل الذمة " ، وهذه هي شكل من العلاقة التي يقيمها المستعمرون مع المستعمرين في كل زمان!
ـ حرب ضد الكفار في دار الإسلام نفسه ، أي الذين آمنوا ثم ارتدوا و كفروا أو انحرفوا فاتبعوا "بدعة " . تشمل هذه الفئات فعليا ، جميع الذين لا يبايعون " الأمير " او الخليفة " ارتيابا بشرعيته أو اعتراضا على أحكامه ، هذا في مجال السياسية ، و في الدين ، الذين يحاولون التبحر في الرسالة النبوية ، أفرادا أو جماعة أو طائفة ، فيستخرجون لأنفسهم طريقة او مذهبا في ممارسة عبادتهم ، يُعد هؤلاء جميعا في نظر السلطة ، كافرين ، كما لو ان الاعتراض ضد الحاكم مثل نكران الخالق !!
مختصر الكلام و قصاراه ، ان " الثورة " ، التي رفدتها الولايات المتحدة الاميركية و أوروبا الغربية ، بالمال و الدعاية و السلاح و بآلاف المرتزقة ، قبل أن يصموها "بالإرهاب " ، و بعد أن فرضوا حصار التجويع على البلاد إلى أن توافرت شروط انهيار نظام الحكم ، اطلقوا من جديد فصائل مرتزقة " الثورة " لكي تتلقف هذا النظام ثمرة مهترئة ، توازيا مع تراجعهم عن الحصار و عن أتهام جبهة النصرة بالإرهاب ، كما أنهم غضوا الطرف عن الحرب ضد "الكفار " ، منعا للاعتراض على سياسة الجبهة والتشكيك بشرعيتها . التي اشتعلت في الساحل بترويع سكانه العلويين ، بتهمة الكفر ، كون معتقدهم لا يستوي مبدئيا مع البيعة لخلافة بني امية ، فقتلوا الألاف منهم ، و أحرقوا مناولهم و محاصيلهم الزراعية ، و اختطفوا بناتهم ، ليكونوا عبرة لجميع الطوائف وخاصة تلك التي يفترض أن تتقدم للبيعة دون قيد أو شرط ، وألا لقيت ما لقي أيضا الدروز و المسيحيون !

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي