![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
خليل قانصوه
2025 / 7 / 5
على ذمة الذين يقومون هذه الأيام ، بتسريب أخبار عن تسويات حدودية بين اسرائيل من جهة وسورية من جهة ثانية ، تفيد بأن حاكم سورية ، سيتخلى على الأرجح عن هضبة الجولان استجابة لشروط وضعها الإسرائيليون و عملا بإملاءات أميركية و تركية وخليجية.
من البديهي اننا لا نستطيع بناء عليه ، أو نؤكد أو ننفي هذه الأنباء ، و لكننا نتوقف عندها فقط لنقول أن فرضية أن يكون مطروحا للتداول في مجال البحث عن هيكلية جديدة على مستوى المشرق العربي ، هو في الأصل عمل غير مشروع ، لأنه لا تتوافر من وجهة نظرنا شروط ملائمة لكي يعبر الناس عن آرائهم ، و بالتالي هم لم يوكلوا أمرهم ،فعليا ، لحاكم ذي ماض غامض ، مستند إلى خلفية أصولية ، او لرجل دين و ما أكثر رجال الدين أو لرجل " فتوة " و هؤلاء صاروا أصحاب السلطة الحقيقية . فالناس يعبرون كما هو معروف بل كما تعلموا ، بالصمت بما هو تعبير سلبي بامتياز ، إذا لم يكن ما يريدون فلن يقبلوا بما يريده الحاكم المجهول و رجل الدين ، المتقلب !
يأخذنا هذا كله إلى مسألة الوطن . فمن يعطي الإسرائيليين هضبة الجولان ، هو من حيث المبدأ يعترف ، يُطبِّع معهم كما يُقال في دول الخليج ، " يبايعهم " على فلسطين ، مقابل " مبايعتهم " له على رأس "ولاية" ، موعودة .
لا حرج في القول أن شبه الدولة ، التي رسمت حدودها حسب الخطة التي وضعتها في سنة 1916 القوى الاستعمارية ، بريطانيا و فرنسا ، تحت عنوان سايكس ـ بيكو ، لم تتحول إلى دولة وطنية . يمكننا التأكيد بهذا الصدد أن المعطيات التي تبلورت خلال العقود الزمنية الأربع الماضية ، تثبت هذه الخلاصة بقوة بحيث لا حاجة لدليل أو برهان على عدم لزوم شبه الدولة و على حتمية سقوطها .
ما يهمنا هنا هو أن مشروع " الوطن " فشل في سورية ، و علامة فشله ظاهرة في الإتيان على الإنجازات بواسطة جماعات من المرتزقة ، و في تعيين شخص ذي سجل إرهابي حافل على المستوى المحلي و الإقليمي و الدولي ، حاكما رمزيا ، يوقع " رسميا " على ما يطلب منه في سياق إعادة رسم خريطة البلاد ، جغرافيا و سكانيا و ثقافيا . صارت معالم هذا الفشل واضحة . و لكن هذا ليس موضوع هذا الفصل ، لا سيما أنه يحتاج إلى دراسة علمية معمقة ، فنحن لا نرى إلا الشكل و ما يطفو على السطح ، فنستخلص أسئلتنا و تحذيراتنا ، التي ندسها في مقالاتنا لعلها تلفت نظر العارفين أصحاب الاختصاص.
مهما يكن فالرأي عندنا أن الجيش العربي السوري اضطلع منذ دخول القوات الفرنسية إلى البلاد ، منذ معركة ميسلون في سنة 1920، بمشروع الوطن السوري .ثم تجسد ذلك بعد الاستقلال بتغلغل الأحزاب العقائدية الوطنية العروبية او السورية في صفوفه ، والصراعات التي دارت بين أنصارهم في صفوفه ، و الانقلابات العسكرية المتكررة التي نجمت عنها.
نكتفي بهذا ، لنقول أن سلطة الجيش اصطدمت على الدوام ، بمعارضة مسلحة من جانب فصائل إسلامية ، متفرعة من حركة الاخوان المسلمين الام ، التي لا تعترف أصلا بالوطن القومي ، الأمر الذي برر لها التعاون منذ بداية سنوات 1960 ، مع جميع الذين وقفوا ضد قيام الوطن السوري بما فيهم دوائر استعمارية الغربية و حكام عرب كانوا يعترضون ضد النهج الذي كان يتبعه نظام الجيش في سورية ، على المستوين الإقليمي و العربي . نذكر في هذا السياق ، ان خطة الولايات المتحدة الأميركية لإسقاط نظام الحكم في سورية خرجت إلى العلن في سنة 2006 ، فهذا الأخير قدم كل الخدمات المطلوبة إرضاء لخصومه في داخل البلاد و للأعداء في خارجها و لكنه لم يكن قادرا جوهريا على الاعتراف بدولة إسرائيل و التنازل عن جزء من التراب الوطني ، فكان لا بد من أسقاطه و إحلال بديل عنه ، يوقع على حل الجيش العربي السوري و تهجير الأقليات الوطنية ، و تقسيم البلاد ! هكذا كان .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |