![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
عقيل الخضري
2025 / 7 / 5
عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرَّم، الشهر الأوّل من السّنة القمريّة أو التقويم الهجريّ، وكان اسم هذا الشهر في الجاهليّة مؤتمِر.
في هذا اليوم "10 محرَّم عام 61 للهجرة، 10 تشرين أوّل 680" اُستشهد الإمام الحسين بن علي، حفيد النّبي محمّد، في مذبحةٍ طالت من معه من أخوته وأولاده وأولاد أخيه وأنصاره، وحتى طفله الرّضيع،(1) وقطع رأسه وحمل إلى يزيد بن معاوية في الشام، كما اخذت أخته زينب بنت فاطة بنت النبي، و نسائه وبناته سبايا.. ويستذكر المسلمون الشّيعة هذه المناسبة بطقوسٍ من الحزنِ الشديد والبكاء ولطم الصُّدور..
بينما يرى غالبيّة المسلمون السّنة، أنَّ هذا اليوم يومِ فرحٍ وصومٍ، لأنّه يصادف يوم نجاة النبي موسى من فرعون؟!
و القصة نقلت عن ابن عبّاس، عند مسلم والبخاري، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.(2)
عن أبي قتادة، أن النبي قال: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ" أخرجه مسلم..
يعني صيام يوم يكفِّر عن ذنوب سنة، وصيام يومين يكفِّر عن ذنوب سنتين.
وعن أبي هريرة، أنّ رسول الله قال: "مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ". أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان".
يقول ابن القيم الجوزية: لا ريب أن قريشا كانت تعظّم هذا اليوم، وكانوا يكسون الكعبة فيه، وصومه من تمام تعظيمه، ولكن، إنما كانوا يعدون بالأهلة، فكان عندهم عاشر المحرّم، فلما قدم النبي المدينة، وجدهم يعظمون ذلك اليوم ويصومونه، فسألهم عنه فقالوا: هو اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون، فقال: نحن أحق منكم بموسى فصامه، وأمر بصيامه تقريرا لتعظيمه وتأكيدًا، وأخبر أنه وأمته أحق بموسى من اليهود، فإذا صامه موسى شكرًا لله، كنا أحق أن نقتدي به من اليهود، لا سيما إذا قلنا: شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يخالفه شرعنا.
فإن قيل: من أين لكم أن موسى صامه؟ قلنا: ثبت في "الصحيحين" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألهم عنه فقالوا: يوم عظيم نجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا لله، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم . فصامه وأمر بصيامه.
فلما أقرهم على ذلك ولم يكذبهم، عُلم أن موسى صامه شكرا لله، فانضم هذا القدر إلى التعظيم، الذي كان له قبل الهجرة، فازداد تأكيدا، حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي في الأمصار، بصومه، وإمساك من كان أكل، والظاهر أنه حتم ذلك عليهم وأوجبه. (3)
من يؤمن بهذا فهذه كارثة تنسف كل الصروح التي توارثناها، وتستحق اللطم على حال الأمة التائهة، أكثر مما يلطم الشيعة.
فالنبي الذي يأتيه الوحي من سابع سماوات، يأخذ معلوماته من يهود المدينة، ويأمر وفقها بفرض صيام؟! دون العودة لسؤال الله.
وهل النبي لا يعرف أنّ اليهود يعتمدون التقويم العبري الذي يسمى أيضًا التقويم اليهودي - وهو التقويم الذي يقول اليهود إنه بدأ منذ خلق الله الأرض إلى يومنا هذا- و لا يأخذون بالتقويم الميلادي ولا التقويم الهجري.. فكيف مرّت على النبي (ص)؟!
يصوم اليهود و يحتفلون بهذه المناسبة بعيد الفصح "بيسح"، وليس بيوم عاشوراء، والفصح عيد رئيسي يهودي مذكور في التوراة، يحتفل به في ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر هربًا من فرعون بقيادة النبي موسى، وتعني كلمة بيسح "פסח" العبور.
ويمتدّ عيد الفصح 7 أيام، ويختلف كلّ عام حسب التقويم العبري، ويحظر دينيًا العمل في اليوم الأوّل والأخير من العيد.
يصوم اليهود اختياريا اليوم الذي يسبق عيد الفصح، وتسمى عشية العيد باسم ليلة المنهاج "ليل هسيدر".
يعني، لا علاقة لليهود بالاحتفال والصوم في يوم عاشوراء، فكيف مررت إلى النبي؟ أو من نقلها عن النبي كحديثٍ صحيح!
ألا يعرف النَّبيُّ أنّ أخيه النبيّ عيسى المسيح عليه السّلام، قد أُلقِيَ القبض عليه وأُرسِلَ ليتمَّ تنفيذ صلبه في يوم الفصح في التقويم اليهوديّ.
كيف لا يحزن النّبيّ على صلب النبيّ عيسى ويفرح بالصيام لنجاة النبي موسى.
وإن لم يصلب المسيح حقيقة كما ذكر في القرآن، إلّا أنّها ذكرى عذاب ومأساة نبيِّ سلامٍ ومحبةٍ.
---------------------------------------------------------
1- استشهد مع الإمام الحسين بن علي في معركة كربلاء 72 رجلًا من أهل بيته وأصحابه، منهم: ابنه علي الأكبر، وأخوته: العباس وعبد الله وجعفر وعثمان، وأبناء أخيه الحسن: القاسم وأبو بكر وعبد الله، وبنو عقيل: جعفر بن عقيل وعبد الرحمن بن عقيل وعبد الله ومحمد ابنا مسلم بن عقيل، وأبناء عبد الله بن جعفر الطيّار: عون ومحمد، ولم يبق سوى ابنه علي بن الحسين، وكان غلامًا عليلًا، وهو الذي حفظ نسل أبيه من بعده. هناك مصادر تاريخية تذكر أن عدد شهداء معركة كربلاء 82 رجلًا عدا أهل بيته، وأخرى ترفع العدد إلى رجلًا 114.
2- البخاري/ 3943. مسلم /1130.
3- ابن القيم الجوزية/ زاد المعاد في هدي خير العباد2/ 67.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |