اسقاط الرئيس اسقاط النظام

خليل قانصوه
2025 / 6 / 18

إذا استثنينا مصر حيث ان الدولة الوطنية راسخة عميقا في الوجدان الشعبي تحت إشراف الجيش على مساحة التراب الوطني كله ، و تونس التي وضع أسس دولتها في سنة 1956 فريق من الوطنيين المخلصين ، و دولة الجزائر بما هي دولة جيش التحرير الوطني ، فإن نظام الحكم سقط في جميع أشباه الدول التي ضربها " الربيع العربي " تحت شعار " اسقاط الرئيس " ، نجم عنه تفكك شبه الدولة و تمزق سكانها وتشقق و حدة أراضيها ، كما لو أن شعار " إسقاط الرئيس " كان يخفي في الواقع تطييرا لمشروع الدولة الوطنية في المشرق و شمال إفريقيا .
مسؤولية "المثقفين " الذين تلقوا بعد انهيار الإتحاد السوفياتي ، نظرية "نهاية لتاريخ " وانتصار النظام " الغربي الحر " ، فأسقطوا من حساباتهم ما كان معروفا عن الاستعمار و الهيمنة السياسية و نهب المواد الأولية ، بحجة أن النظام الجديد هو أساسا ، معولم ، بمعنى أنه سيقبل للعمل في خدمته دون تمييز ، جميع الذين يختارون "التغريب" الثقافي و الاقتصادي ، على مستوى العالم قاطبة ، مما حدا بهم إلى الانضواء تحت لواء الولايات المتحدة الأميركية في " ثورة الربيع العربي " ، إلى جانب فصائل سلفية دعوية سورية تعهدتها ماديا السعودية و قطر من جهة و أخرى ضمت مرتزقة من دول القوقاز و آسيا الوسطى استحضرهم و شجعهم النظام التركي .
توصلنا هذه المراجعة لسؤال عن الدور الذي أضطلع به " المثقفون ، الحداثيون ، التائقون للحرية و الديمقراطية " الذين تعجّلوا النتائج " الثورية " عن طريق انضمامهم للتحالف المعروف ، بين الدول الاستعمارية ـ الامبريالية من جهة و تيارات الإسلام السياسي من جهة ثانية ، حيث تراود هذه الأخيرة " أفكار " عن احتمال إحياء " الدولة الإسلامية " بمساعدة الولايات المتحدة و دول اوروبا الغربية .
مهما يكن فإن قصور المعرفة الذي ينم عنه هذا الموقف يجعل " الثوار ، العلمانيين ، الحالمين بالديمقراطية " و التيارات المذكورة المتعاونين معها ، تحت الوصاية الاستعمارية ـ الامبريالية ، على حد سواء ، أو انتهازيين يأجرون أنفسهم و خطابهم "عن التحرر" و التنوير .
مجمل القول أننا على الأرجح ، حيال سيرورة أطلقتها الولايات المتحدة الأميركية ، منذ بزوغ حركة " التحرر " العربية ، بداية من سنوات 1950 ، بهدف إلى تنشيط حركات الإسلام السياسي و دفعها لمقارعة المنظمات و الأحزاب الوطنية بالتنسيق ومشاركة حكام شبة الدولة . لا شك بهذا الصدد في أنها حققت إنجازات كبيرة ، تمثل ذلك بنظم الحكم التي جاءت بها "تورات الربيع العربي "و بانحسار تأثير الحركات الوطنية إلى حد كبير و سقوط المستوى الفكري لدى بقاياها في بعض المواقع حيث صار من الصعب أحيانا التمييز بين الطروحات التقدمية من جهة و الرجعية من جهة ثانية ،و بين المواقف الفاشية العنصرية مقابل المواقف الإنسانية صدا عن المساواة بين الناس !

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي