|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 5 / 27
من الطبيعي أن تستوقفنا المتغيرات و المتبدلات الهامة التي طرأت في العقود الزمنية الخمسة الأخيرة ،على بلدان المشرق و شمال إفريقيا ، بما رافقها من تحولات في " الهوية الشخصية " و" الانتماء الاجتماعي " ، تحت تأثير الهجرة و الابتعاد عن البيئة الثقافية الأصلية ، نتيجة تخلخل المفاهيم في الأذهان فيما يخص الاجتماع و حقوق الفرد . حيث من المعلوم بهذا الصدد أن الهوية لا تنقل في البيئة الواحدة المتطورة ، بالوراثة بين الأجيال المتعاقبة ، فكم بالحري في بيئة جديدة مختلفة كليا . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية ، فإننا نأخذ بالرأي أن الانسان على عكس الشجر ، لا يغرّز جذورا في الأرض و انما يسير على قدميه .
استنادا إليه ، نستطيع القول أن للبيئة الاجتماعية التأثير المهم في كينونة الفرد الذاتية ، كما أن دور هذا الأخير في المجتمع يعكس درجة انتمائه له ، و لا شك في أن هذه المعادلة تتجدد مع الوقت ، في كل بيئة اجتماعية ينغمس فيها أبناء المهاجر و أحفاده ، من الأجيال المتعاقبة ، يُعتقد بهذا الصدد أن الصيرورة تكتمل اعتبارا من الجيل الثالث !
نكتفي بهذه التوطئة ، تمهيدا لمقاربة مسألة الهجرة و النزوح و الاستيطان ، عندما تكون جميعا مفروضة فرضا على الفرد في البلدان التي اشرنا إليها . فمما لا شك فيه أن حفيد المهاجر ، مختلف عن جده ثقافيا ، كونه ابن البيئة التي ولد فيها ، و تعلم في مدارسها و تزوج من سكانها الأصليين ، و مارس عملا في شركاتها أو إداراتها ناهيك من انه ليس مستبعدا أن يكون لا يتقن لغة جده الأم . و بالتالي من البديهي أن ما يربطه ببلاد جده الأصلية غير ما يربط هذا الأخير بها .
من نافلة القول ، أن ما ينطبق على المهاجر و النازح ، ألى بلاد أوروبية ، ينطبق أيضا على الفلسطيني الذي طرد قسرا و المستوطن الإسرائيلي الذي حل محله في فلسطين . ينبني عليه أن حفيد النازح الفلسطيني ، ما بعد الجيل الثالث ، لا يعتبر نازحا كما كان جده ، فهو من وجهة نظرنا ،مواطن " جديد " في البلاد التي التجأ إليها . وفي السياق نفسه ، يحق لحفيد المستوطن الإسرائيلي ، من الجيل الثالث و ما بعد أن يدعي انتماءه لمجتمع يتكون في فلسطين من سكانها الأصليين ومن المستوطنين اليهود ذوي الأصول الغربية بالإضافة لليهود الذين هاجروا من البلدان العربية في المشرق و في شمال إفريقيا إلى فلسطين انجذابا بدعاية الحركة الصهيونية .
لا نعتقد أننا نتجاوز فيما تقدم حدود المنطق أو الأعراف إلى الهرطقة و لا شك في أن دورس حرب طوفان الأقصى في قطاع غزة كثيرة و في ان ما بعدها سيكون بالقطع مختلفا عما قبلها . و بالرغم من أنه ما يزال مبكرا استخلاصها و استثمارها ، إلا أننا نستطيع القول أن إدانة اليهود لحرب الإبادة التي نشنها السلطات الإسرائيلية ، كانت مسموعة بوضوح في الساحات و الشوارع الغربية ، إلى جانب استنكار الشعوب الغربية عموما ، باستثناء التيارات اليمينية المتطرفة و العنصرية و الفاشية طبعا . حيث يمكننا القول ، قياسا على حركات التضامن مع الفلسطينيين في البلدان العربية ، ان الدافع سواء كان دينيا او عصبيا فئويا ، لاستنكار حرب الإبادة الإسرائيلية ، كان ضعيفا جدا و أحيانا مشبوها ، في المقابل كان صوت الناس ، الأفراد في التظاهرات التي عمت مدن العالم ، هو الأعلى ، و كانوا أكثر اندفاعا و ثباتا ، لأسباب إنسانية ضد التمييز العنصري و لأسباب سياسية ضد توحش الرأسمالية . لا شك في أنهم اختصروا الكلام و دلوا على الطريق إلى الحل !
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |