الاستسلام أو حبل المشنقة

خليل قانصوه
2025 / 5 / 19

توحي اللقاءات التي شهدتها مؤخرا ، الدول الخليجية ، بحضور الرئيس الأميركي و الرئيس " الانتقالي " في سورية ، باكتمال عملية " سيكامور" أو شجرة الجميز التي اطلقها في سنة 2012 ، الرئيس الأميركي السابق أوباما ، التي تمثلت بتكليف و كالة المخابرات بالتنسيق مع مخابرات دول عربية ، إسقاط نظام الحكم في سورية ، عن طريق استنهاض معارضيه و مدهم بالمال و السلاح و المرتزقة و توفير التدريب لهم والتخطيط لتحركاتهم . هذا ما أكّده لا حقا مسؤول قطري في مقابلات تلفزيونية .
أغلب الظن أن إسرائيل شاركت في العملية المذكورة ، من البداية حتى النهاية ، حنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة الأميركية و دول أوروبا الغربية و تركيا و دول عربية ، ضد السلطة السورية حيث تلقت هذه الأخيرة دعما ،صاخبا ، من إيران و لبنان ثم من روسيا ، دليلا على أن ما جرى في سورية ليس ثورة وطنية و إنما كان حربا بالوكالة ، أو بواسطة منظمات محلية و دولية .
من المعروف في هذا الصدد أن العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية و سورية ، ساءت بعد احتلال العراق في سنة 2003 ، على خلفية عدم الانصياع لإملاءات قدمها آنذاك وزير الخارجية الأميركي كولن بأول . لكن هذه العلاقات لم تكن سيئة قيل هذا التاريخ ، إلى حد تبرير قرار الحرب النهائية .
لا شك في هذا السياق أن أفول نظام الحكم في سورية نتيجة الحرب التي شنت ضد بلاده يمثل نهاية لمرحلة تاريخية احتلت خلالها مسألة الرابطة العروبية ، بين الشعوب " العربية " في بلدان المشرق و شمال إفريقيا ، نقاشا لم يرق فكريا و استراتيجيا إلى مستوى الخروج من شرنقة العصبية القبلية .
من نافلة القول أن الكلام عن التعاون و التعاضد بين هذه الشعوب ، باسم المصلحة المشتركة , و المصير أيضا ، صار لا يؤخذ على محمل الجد ، كما لو ان مطلقَه جاهلٌ أو حالمٌ . فها هم الفلسطينيون يقتلون و يشردون و يعذبون في إطار سيرورة تصفية و جودية في طل تواطؤ دولي استعماري ، بينما حكام شبه الدولة العربية يشيحون بأوجههم أو يصمون آذانهم ، أو أن لسان حالهم يقول دعهم ينالون جزاء معصية أمير المؤمنين !
من البديهي أن حقوق الإنسان و الحرص على المصير و الشراكة الديمقراطية في البلاد لم يكونوا جميعا سوى شعارات تغشية للمقاصد الحقيقية التي و ضعت "للثورات و الحروب " التي عصفت ببعض البلدان " العربية " بدءا من الجزائر في سنوات 1990 و انتهاء بسورية و الاستغناء عن " الوكالة ألأميركية للتنمية الدولية : USAÏD ) . الحرب على قطاع غزة و في الضفة الغربية ، نموذجا على الصعيدين الدولي و العربي! . لا جدال بهذا الصدد في أننا حيال سيرورة استعمارية غربية جديدة .
و بالعودة إلى الحرب على سورية و هي إلى جانب الحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة و الضفة الغربية تختصر المشروع الاستعمار الغربي الجديد ، نقتضب فنقول أن نظام الحكم السابق في سورية خسر في هذه الحرب على التوالي جميع الأوراق ، في مقدمها
ـ الفشل في توفير ظروف ملائمة لنشوء جبهة وطنية و اجتماع وطني ، وهذان هما عاملان أساسيان في الأزمات و في التصدي للحملات الاستعمارية .
ـ انتهازية نظم الحكم في شبه الدولة العربية
ـ خطر الاعتماد على هيئات الدين السياسي ، فهي إما صادقة و جاهلة و إما مارقة تريد الخلافة بأي ثمن . كل سياسة باسم الدين تقود إلى الكارثة !
خلاصة القول أن النظام السابق خسر على كافة الصعد لأنه لم يكن مستعدا و لم يكن كفءً للقيادة ، فلم يبق أمامه خيار غير الاستسلام للاستعمار الإسرائيلي الاستيطاني ، و لكن هذا ما لم يكن باستطاعته القيام به أيضا ، فنجا بنفسه من حبل المشنقة !

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي