|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 5 / 17
لا جدال في ان البلدان العربية في المشرق خصوصا و شمال إفريقيا عموما ، تمر في ظروف صعبة جدا ، أدت في بعضها من و جهة نظرنا ،إلى خلخلة كل ما كان قائما اجتماعيا على الاطلاق ، في سياق صيرورة عشوائية يتعذر في الراهن رسم تصورات للمتغيرات و المتبدلات الآتية ، نتيجة الخسائر البشرية الهائلة تحت أنقاض المدن والبلدات وعلى طرقات المنفى و الهجرة و النزوح الناجمة عنها .
لا شك في أنه كان للعقل الديني أو بتعبير أدق لسطوته على الناس دور كبير في دفعهم إلى التقوقع في طوائفهم و منعهم من التقارب فيما بينهم و امتزاجهم في إطار مجتمع و طني . يحسن التذكير هنا بأن اقتحام هذا العقل للساحة السياسية بدأ على الأرجح ، في سنوات 1950 توازيا مع المحاولات الانقلابية ضد حكم ورثة الاستعمار البريطاني أو الفرنسي ، و ضباط ووجهاء للدولة العثمانية قبل أفول نجمها.
مجمل القول أن انبثاق إشكالية العقل الديني تعود لفترة الناصرية ، في التصدي لتيار القومية العربية حيث من المعلوم انه تمظهر في مصر ، في التناقض بين السياسة الناصرية من جهة و السعودية بالإضافة إلى الإخوان المسلمين من جهة ثانية ، و في سورية أيضا في الصراع الدموي ، الوجودي ، بين الإخوان المسلمين و حزب البعث العربي الاشتراكي . في حين أن الأزمة الوطنية في العراق كانت أكثر تعقيدا ، حيث أن العقل الديني كان حاضرا من خلال مواقف سلبية مردها في أغلب الظن لقوة الحركة الوطنية العراقية آنذاك التي كانت تعبر على الأرجح ، بطريقة أفضل عن تطلعات العراقيين ، من الناصريين و البعثيين و أصخاب الفكر الديني .
مهما يكن لسنا هنا بصدد التفكر في جوهر العقل الديني و السياسة التي حاول فرضها بكافة الوسائل التي توفرت له و أعطيت له ، و لكن نحاول أن نسلط الضوء على بعض النتائج التي ترتبت عن ذلك ، حيث كان في مقدمها بالقطع ، من و جهة نظرنا أفشال نشوء المجتمع الوطني و الدولة الوطنية في بلدان العرب عموما . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فالرأي عندنا أن هذه العقل يفتقر أصلا القدرة على إلهام نشاط سياسي بأفكار و خطط إيجابية في سياق سيرورة وطنية إنمائية و حضارية معاصرة ، ناهيك من أن هذا العقل هو في جوهره عقل مغلق ، كونه في طبيعته عقلا " آمرا ناهيا" ، لا يختلف من حيث المبدأ عن العقل ، "العسكري الانقلابي " في المرحلة التي سبقت إحياءه في محطات مفصلية في تاريخ المنطقة العربية الحديث .
من البديهي أننا لا نستطيع التوسع و الإحاطة بكل جوانب موضوع العقل الديني ، علما أننا نقاربه هنا ،من منظار السياسة الوطنية ، و في الذهن تجارب الربيع العربي التي رعتها من وجهة نظرنا الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بعد أن حجّبتها بعباءات دينية .
مجمل القول أن قادة الحركات الدينية لا يختلفون عن العسكر قادة الحركات الانقلابية ، نوايا حسنة و حماسة وطنية ، و قناعات خطأ و جهل و سذاجة ، و انتهازية !
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |