|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 4 / 25
لا نبالغ في القول أننا نجتاز" وجوديا و مصيريا " مرحلة حرجة على حافة السقوط والضياع ، بالتالي طبيعي أن يتساءل المرء عن الأمل أو اليأس . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية عن ظروف عيش الإنسان الشارد ، " خارج القطيع " العائلي أو الطائفي ـ الديني و الإثني .و عن رغبته و حظوظه في الانضمام إلى "جماعة " مهنية و مجتمعية دون أن تؤخذ بعين الاعتبار الأصول الجغرافية و القومية و المعتقدات الدينية ، التي يحمل عادة تبعاتها ظلما ، " الانسان الشارد " !
لا بد من التوقف مليا أمام ما جرى ، لعلنا نستنبط الإجابة على السؤال المطلوب خلال مغامرة "الشرود " الذي يكاد أن يكون حكما شرعيا مؤكدا و مضمرا . فعلى ذمة الأخبار ، تلفظ أمواج البحر بين الفينة و الفينة ، جثثا على الشواطئ السورية واللبنانية ، هي على الأرجح ، لضحايا المجازر ضد العلويين ، القيت أجسادهم " وليمة لأعشاب البحر " ، بأمر من أمير المؤمنين !
من البديهي أننا لا نملك هذه الإجابة ، ولكن تجارب " الشرود " تنوعت كما هو معلوم بحسب الظروف المتغيرة خلال نصف قرن من الزمن ، تحديدا بعد إفشال مشروع الدولة الوطنية في مصر و بلاد الشام و العراق في حرب حزيران 1967 ، حيث بات معروفا أن قيام هذه الدولة ممنوع ، و في هذا السياق ، اظهرت تلك التجارب من و جهة نظرنا ، معطيات كثيرة بخصوص الأوضاع الاجتماعية السائدة ، لم نستفد منها أو لم نعرف الاستفادة منها ، لأسباب لسنا هنا بصدد البحث فيها ، لذا نكتفي في مستهل مداورة هذه المسائل في الذهن بالتمهيد لها من خلال ملاحظتين تبطنان بحسب رأينا دلالات جوهرية:
1ـ لا بد أولا من التذكير بأن الهجوم العدواني ، لدول الغرب الأوروبي ، بتوجيه من إسرائيل و بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ، بدأ بشكل خاص ، في مصر و العراق و بلاد الشام ، في وقت كان فيه هؤلاء المعتدون في " زهو الانتصار" على الإتحاد السوفياتي ، و احتلال القطبية الأولى في العالم حيث باشروا دون تأخر و تردد إلى وضع أسس نظام " معولم " ضمانة لسلطتهم و خدمة لمصالحهم . نقتضب هنا فنقول أن فترة الهيمنة الغربية المطلقة استمرت بين سنتي 1991 تاريخ سقوط الإتحاد السوفياتي و 2022 بداية الحرب في اوكرانية ضد روسيا .
يتفق في الراهن الكثيرون من المراقبين و الخبراء على أن حملة التحالف الغربي على روسيا عبر أوكرانيا ، هي في طريقها إلى الفشل . ينبني عليه ان بلاد الشام والعراق تتعرض منذ السابع من أكتوبر 2023 لعدوان من جانب تحالف غربي " مهزوم " . بكلام اكثر صراحة ووضوحا ، إن هذا الأخير ليس كما كان منتصرا ، عندما اطلق سيرورة ما سمي " الربيع العربي " استنادا إليه يمكننا القول أن سلوك المهزوم في الحرب ليس كمثل سلوك المتفوق فيها الواثق من الفوز . هذا من جهة أما من جهة ثانية فإن الذين الحقوا به هزيمة ( في ساحة أوكرانيا ) لن يتركوه طليق اليدين لكي يحقق مكاسب تعوض خسارته .
مجمل القول ان خسارة الدول الغربية في أوكرانيا تدخل بالقطع متغيرات في ميزان القوى لصالح الذين يدافعون عن حقوقهم في العيش بسلام .
2ـ الملاحظة الثانية : ليس من حاجة لأن يكون المرء خبيرا في موضوع الصراعات الاجتماعية و الدولية لكي يعفي نفسه من دراستها و مراقبة العوامل المؤثرة في نتائجها وارتداداتها . لذا نعتقد أن باستطاعة المتابع العادي لا سيما إذا أتاح له موقعه يا للأسف ، بأن يكون شاهدا على الحروب التي تفجرت في مصر و بلاد الشام و العراق بين سنة 1956 و 2023 ، أن يروي ما حفظه عنها بإيجاز :
ـ لا شك في ان المدافعين افتقروا دائما إلى القيادة الميدانية و السياسية ، الواعية و العارفة و الفعالة . ظهر عجز القيادة في كل تصادم وقع مع المستعمرين . ناهيك من أن العصبية العائلية أو الطائفية أو الحزبية ، مثلت و تمثل دائما ، عاملا رئيسيا في اختيار القائد و الفريق المقاوم . ما يعني أن المجتمع يتفكك عادة قبل المواجهة ، نتيجة "الاستئثار" ! خذ إليك مثل الحرب على قطاع غزة ، حيث يسوقها الإسرائيليون إعلاميا ، بانها ضد جماعة من الفلسطينيين و ليست ضد جميع الفلسطينيين ، و قس على ذلك في لبنان و سورية و العراق واليمن .
ـ الاشكال الثاني في مسألة القيادة ،يتمثل بممارسة القائد " الوصاية " المطلقة ، الدائمة ، على الناس , كما لو أنه " العارف " و " العالم " بكل ما يجري حاضرا و مستقبلا ، لذا تراه يسمح لنفسه بان يتفرد بوضع الخطة و بتجزئة القضية على حساب كليتها . خرج مانديلا مع شعبه ضد التمييز العنصري ، فتمسك بالهدف حتى النهاية . خرج الفيتناميون ضد الاستعمار فلم يوقفوا الحرب قبل ان تتحرر بلادهم . على عكس الفلسطينيين الذين ذهبوا إلى أوسلو . و أغلب الظن أن اللبنانيين و السوريين و العراقيين ذاهبون إلى ما يشبه أوسلو ، أفرقاء متنازعة متهافتة على بلدان مجزأة مفتتة، على حساب كليتها جغرافيا و سكانيا ..
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |