حلبجة القتيلة صارت محافظة

ملهم الملائكة
2025 / 4 / 16

حلبجة التي قُتل آلاف من أهلها بالغازات السامة عام 1988، أصبحت اليوم المحافظة التاسعة عشر. ويبدو أنّ هذا الرقم المشؤوم مرتبط بالمدن والبلدان المبتلاة بجرائم صدام والبعث، فقد حملته لبضعة أشهر الكويت التي غزاها صدام وحولها إلى المحافظة التاسعة عشر عام 1990، وها هي حلبجة المدماة بنقيع بنيها تحمل نفس الرقم...يا لها من مصادفة؟
أغرب ما لفت نظري، أن نحو سبعين ألف كاتب ناشطون على صفحة الحوار المتمدن، لم يمروا حتى مجرد مرور بهذا الخبر!؟ لذا قررت أن أكسر هذا الصمت، وأقول شيئاً في حلبجة الجريحة، وقد أصبحت محافظة تتمرغ بمقتلتها الفظيعة التي لا تنسى.
لا أريد مناقشة حيثيات ما جرى عسكرياً وجيوسياسياً، فهذا اللسان الذي تقع فيه حلبجة موغل في داخل إيران، وكان سهلا على عناصر البسيج والحرس الثوري أن يقتحموه، ويقيموا في مساجده صلاة الجمعة المشتركة مع القوات الكردية التي كانت في حلبجة، ومن هنا صدر القرار الرئاسي بالإجهاز على الجميع بقنابل السموم الفظيعة؟ على الأقل هذا ما تقوله تسريبات الرواية العسكرية شبه الرسمية للجريمة المرعبة!
في النتيجة النهائية، والأكيد القطعي، أنّ طائرات القوة الجوية العراقية وسمتيات طيران الجيش قصفت المدينة وأهلها والمقاتلين الذين كانوا فيها بالقنابل الكيمياوية، وقُتل جمع هائل من المدنيين رجالاً ونساء وأطفالاً في هذا الاستهداف، وأصيب ألوف غيرهم بإصابات تركت عوقاً دائما في أجسادهم، فكل مصاب بالكيمياوي، كيف كان شكله يبقى يسعل بحرقة حتى آخر عمره، وقد التقيت بضعة منهم في مناسبات وتواريخ وبلدان عدة ونقلوا لي هذه الرواية. ويُسجل تاريخياً أن صدام حسين ونظامه هو أول نظام في التاريخ المعاصر يستهدف شعبه بأسلحة الدمار الشامل...أليست الأسلحة الكيمياوية أسلحة دمار شامل للكائنات الحية حصراً؟
اليوم باتت حلبجه محافظة، وقررت الحكومة العراقية تعيين نوخشة ناصح في منصب محافِظة حلبجة، ما اعتُبر حدثاً غير مسبوق في بلدنا، إذ إنها المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة منصب (محافظ) منذ قيام دولتنا الفتية (التي عمرها 98 سنة). نوخشة ناصح التي المولودة عام 1978، تولت المنصب بتشريحها وتعيينها من قبل مسرور برزاني رئيس وزراء كردستان، في سابقة من نوعها في البلاد ونَصّ القرار على أن تبدأ نوخشة ناصح مباشرة مهام منصبها كمحافظ لحلبجة إضافةً إلى استمرارها في وظيفتها السابقة "كقائمقام" المدينة، وفقاً لموقع كردستان 24.
حلبجة اليوم من أنشط مناطق التبادل التجاري مع إيران وتضم عدداً من المنافذ الحدودية، منها (شوشمي، توليه وبشتة). وحسب تقرير بي سي عربي الذي صدر اليوم، يبلغ عدد سكان حلبجة 145 ألف نسمة من إجمالي 6.37 مليون في كردستان، وفقاً لوزارة التخطيط العراقية. وبناء على هذه البيانات، قد تصل نسبة المحافظة الجديدة من الموازنة العامة 2.27 في المئة (أليست مفارقة محزنة أن نستقي معلوماتنا عن الوطن من الصحافة الدولية؟).
نوخشه، محافظة حلبجة القتيلة قالت البوم إنّ "استحداث هذه المحافظة يعني أن ضحايا مذبحة حلبجة يرقدون الآن في سلام" وفقًا لموقع "رووداو" الإلكتروني.
قضائياً، وجهت محكمة عراقية اتهامات لصدام حسين وابن عمه علي حسن المَجيد - الذي قاد قوات الجيش العراقي في كردستان في تلك الفترة - بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يخص الهجوم الذي تعرضت له حلبجة، وأعدم علي حسن المجيد شنقاً حتى الموت عام 2010 مدانا بارتكاب تلك المجزرة المسكوت عنها بشدة.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي