(انْكِسَارُ النَّفْسِ)

سعد محمد مهدي غلام
2025 / 4 / 16

1
أَنْزِعْهُ،
أَقْطَعُ عَنْهُ النُّورَ،
يَلْبَسُنِي رَغْمًا،
يَجُوبُ بِيَ الْعَتْمَةَ،
يَتَهَجَّسُ مَسَامَاتِ حَبِيبَتِي...

لَسْتُ أَنَا الْمَشْطُورَ،
لَكِنْ... لَا أَدْرِي،
أَيُّنَا أَنَا؟
هُوَ؟
أَمْ أَنَّهُ أَنَا؟

هٰذَا الْوَطَنُ الْمَسْحُورُ،
الْمَلْعُونُ بِسُكُونٍ يُطْبِقُ جَفْنَيْهِ،
هُوَ فِيَّ؟
أَمْ أَنَّنِي فِيهِ؟
لَا أَعْرِفُ...
أَرَى لَهُ الضَّرِيحَ،
بِقُبَّتِهِ الزُّرْقَاءِ،
صُنْدُوقِ الْخَشَبِ الْمَفْتُوحِ عَلَى الْمَقْبُورِ...

أَيْنَ أَكُونُ فِيهِ؟
هُوَ أَيْنَ يَكُونُ فِيَّ؟
لَا يَعْنِينِي الآنَ!
فَمَا حَاجَتِي لِلنُّورِ؟

ظِلُّهُ ظِلِّي،
ضِلِّي ضِلُّهُ،
الأَصْلُ وَالظِّلُّ،
ظِلَالٌ فِي الضَّلَالِ...

إِلَى الْجَحِيمِ الأَصْلُ...
مَا دُمْنَا، أَنَا وَهُوَ، وَحْدَنَا،
لَيْلًا نَهَارَ الظِّلِّ،
وَالظِّلُّ
يَسْكُنُ سَمْتَ الضِّلِّ،
عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ...

وَرْدَةٌ
مِنْ خَصْرِ حَدِيقَةٍ عَامَّةٍ، اسْتَلَّهَا،
قَصَبَةٌ
مِنْ ظَهْرِ الْهُورِ، سَرَقَهَا،
اصْطَادَ ضَوْءَ النَّافِذَةِ،
تَجَسَّسَ عَالَمَ الْأَغَارِيدِ وَالزَّقْزَقَةِ،
أَفْرَغَ جُيُوبَ وُجُودِ النَّاسِ مِنْ خَوَاطِرِهَا...

يَفْصِلُنِي عَنْهُ
قِشْرَةُ لِحَاءِ السِّنِينَ،
قَشَرْتُهَا
بِشَفْرَةِ حِلَاقَةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ
فِي أَيَّامِ التَّجَوُّبِ فِي مَحَطَّاتِ التَّشَرُّدِ...

تَجَرَّدْتُ مِنْهُ،
تَجَرَّدَ مِنِّي،
وَقَعْنَا مَعًا
فِي مِصْيَدَةِ الشِّبَاكِ الْمَنْصُوبِ
فِي صَحْرَاءِ الْغُرْبَةِ،
الْمَنْسُوجِ مِنْ خُيُوطِ عَنْكَبُوتِ الذِّكْرَيَاتِ...

تَشَابَكْنَا،
شَاكَسْتُهُ،
شَاكَسَنِي،
مِنِّي صَارَ،
أَنَا صِرْتُ مِنْهُ...

مَنْ فِينَا الشَّاطِرُ؟
مَنْ فِينَا الْمَشْطُورُ؟
الْمَنْفَى...
الْغِيَابُ وَالْحُضُورُ...
كُلُّهُ مَقْدُورٌ،
كُلُّهُ مَقْدُورٌ...

2
قَالَ:
الضُّحَى...
جُرْحُ الأَيْكِ،
عَصَافِيرُ عُشٍّ مَيْتَةٌ...

تَأَمَّلْتُهُ،
مَطْعُونًا
بِالتَّجَاعِيدِ...

شَارِعٌ أَشْمَطُ،
مَصَاطِبُهُ مَهْرُوسَةٌ،
وَالْحِضْنُ...
مِسْنَدُهُ مُتْخَمٌ
بِالْغُبَارِ الثَّقِيلِ...

كَانَ الْمَاضِي
هَزِيلًا حَتَّى الرَّشَاقَةِ،
وَالْيَوْمَ
مُنْتَفِخٌ أَوْدَاجُ الْبَطْنِ،
بِسَاقَيْنِ
عَلَيْهِمَا قَبَّلْتُهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ...

حَفِظَ السِّرَّ،
شَفْرَةَ الْخَرِيفِ...

أَغْرَوْرَقَتْ عُيُونِي
بِالْكَرَزِ الْمُجَمَّرِ،
كَفُّهَا بِكَفِّي،
قَبَّلْتُ نَحْرَهَا
الْمَالِحَ،
لَكِنِّي... أَرْقُبُ الرُّوشَةَ،
وَحِيدَةً...
تَتَلَقَّى صَفَعَاتِ الْمَوْجِ الأَرْعَنِ!

حَشْدُ دَبَّابِيرَ،
يَتَجَحْفَلُ جَنَادِبَ
عَلَى الْحَائِطِ،
يَسْفُّ سِرْبَ النَّمْلِ،
جُنْدُ سُلَيْمَانَ نَامُوا،
إِذِ اغْتَرَفُوا كَفًّا
مِنْ مَاءِ النَّهْرِ الْعَاطِلِ،
الْمَلْعُونِ!

تَقَاعَدُوا عَنْ خِدْمَتِهِ،
تَقَاعَسُوا عَنْ مَهَمَّتِهِ،
تَنَكَّبُوا طَرِيقَ الْعَوْدَةِ،
يَحْلُمُونَ بِالِاسْتَبْرَقِ،
بِالْغِلْمَانِ،
بِالْحُورِ الْعِينِ...

فِي وَسَطِ بَيْرُوتَ،
تَحْتَ أَرْزَةٍ
تُومِئُ بِمِنْدِيلٍ،
أَوْ...

احْتَشِمِي...
أَسْدِلِي جَفْنَيْكِ...
إِنِّي فِي عَيْنَيْكِ،
مَعَكِ... أَعُومُ!
3
فِي مَوْسِمِ الْهِجْرَةِ،
أَخْلَعُ شَفَاهِي،
أُغَطِّي عُرْيَ وَرْدَةٍ
مِنْ عُيُونِ الزَّرَازِيرِ...

طَبَعْتُ صُورَتَهَا،
طَوَيْتُهَا بِالْخَفَاءِ
تَحْتَ جَفْنِ كَأْسِي
الْمُتْرَعَةِ بِالرُّضَابِ...

قَلَّدْتُ صَوْتَ الْغَاقِ
لِأُفَزِّعَ الْغِرْبَانَ...

الرَّشْنُ قَامَ!
الرَّشْنُ قَامَ!

كُرْدْمَنْدٌ بَارِدَةٌ بِإِفْرَاطٍ،
جَوَامِعُ الْفَلُّوجَةِ
مُفَرِّخَةٌ لِلْبَيْضِ الْفَاسِدِ...

فَائِدَةُ،
صَاحِبَتِي الْعَيْسَوِيَّةُ،
تَحْفَظُ لِي غَيْمَةً مِنْ مِسْتَكِي
فِي زَاوِيَتِهِ...
لَا زَالَتْ تَغْسِلُ نَهْدَهَا
كُلَّ صَبَاحٍ بِالْعَيْنِ!

تَضْحَكُ،
مِلْءَ شِدْقَيْهَا،
صَبِيَّةٌ عَذْرَاءُ،
وَأَنَا...
أَتَأَلَّمُ،
جِدًّا...
وَجِدًّا...
جِدًّا...

فِيشِخَابُورَ،
لَوْ تَقْتَرِنِ
دِجْلَةُ عِنْدَهَا بِالْفُرَاتِ...


تَنْحَرُ الْقُرْنَةُ
زَهْرَةَ النِّيلِ،
يَنْشَفُ الْبَطَائِحُ بَرْدِيًّا،
الزَّابُ...

لَوْ جَزِيرَةُ عُمَرَ مَفْتُوحَةٌ
عَلَى قَامِشْلِي الْجَزِيرَةِ،
تَجُوبُهَا قِطْعَانُ بَنِي حَمْدَانَ...

لَوْ تَلُفُّ مَرَاعِي شَيْخُونَ
وَالنُّخَيْبِ
بِمِنْدِيلِ طُوغِ الْجَيْبِ...


الشَّمْسُ تُوضَعُ
فِي الْعَبِّ
الأَجْرَبِ...
الْمَنْخُوبِ...


لَوْ...
تَشْخُبُ...
تُشَنِّفُ...
أَنْ تَكُونَ؟

إِذَا فِي اللُّغَةِ
مُوشُورُ لَوْنِ اللَّحْمِ،
اللَّحْمِ الْحُرِّ النَّابِضِ
بِمِحْنَةِ الشَّهْوَةِ...

إِذْ انْهَارَ عَمُودُ السُّرَادِقِ؟
رَبُّ الْقَبِيلَةِ...
شَجَّ!
نَزَفَ!
إِلَى...
الرَّمَقِ الأَخِيرِ...

4
لَوْ أَنَّ النَّحْوَ قَوَاعِدُ،
وَالْقَوَاعِدُ نَحْوٌ،
وَالشَّرْطُ... تَمَنٍّ،
وَأَخَوَاتُ "كَانَ"
يَتَبَادَلْنَ الْمَوَاقِعَ
مَعَ أَخَوَاتِ "إِنَّ"...

تُكْتَبُ الْقَصَائِدُ
بِالْمَقْلُوبِ...
مِنَ الأَسْفَلِ...
مِلَاطٌ، أَسْفَلْتٌ، رُخَامٌ
يَهْبِطُ بِالْمِظَلَّةِ
سَقْفُ الْعَرْشِ الأَزْرَقِ
بِحَرْفٍ
يَسْتَبِيحُ أَحْلَامَ الشَّاعِرِ؟!

الرُّضَّعُ
تُوضَعُ أَلْسِنَتُهُمْ
فِي عَجَائِزِهِمْ...
جَدُّ جَدِّ الْجَدِّ الْأَعْلَى،
لَمَّا كَانَ قِرْدًا،
لَوْ... لَمْ يُولَدْ!

لَيْلَى...
أُجْهِضَتْ،
عَذْرَاءُ
نُطْفَةُ رَحِمٍ مُصْمَتٍ...


سَيْفُ الدَّوْلَةِ
يَمْرَضُ
عَلَى أَسْوَارِ الْحَدَثِ الْحَمْرَاءِ،
وَالْمُتَنَبِّي...
يَخْنُقُ الإِخْشِيدَ،
ابْنُ الطَّرْطَبَا
يَغْتَالُ الْحَمْدَانِيَّ!


لَوْ غَيَّرَ اللهُ
رُسُومَ التَّارِيخِ،
بَشَمَاتِ الْمَوْءُودَةِ بِالسُّؤَالِ...

أَيُّوبُ...
يَؤُوبُ
إِلَى الْمَدِينَةِ،
وَالْمُخْتَارُ يُحْرِقُهَا
عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهَا
كُوفَان!

عَبْدُ اللَّهِ...
لَمْ يَتَرَجَّلْ!

فِي الطُّوفَانِ،
فُلْكُ نُوحٍ
يَجْنَحُ بِالْعَطَالَةِ
قَبْلَ انْبِجَاسِ الْجُودِيِّ...

شَآمُ،
بَابُ الْقِبْلَةِ،
مَكَّةُ،
بَغْدَادُ...

التَّهَجُّدُ
فِي مُنْتَصَفِ النَّهَارِ...
نَوَّارُ عَوْسَجِ خُرَاسَانَ،
نَلِجُ الدَّارَ
بِالْقَدَمِ الشِّمَالِ الْمَبْتُورَةِ...

أَنْبَأْتُ ابْنَ ذِي الْجَوْشَنِ،
مَهْدِيَّهُ
يَبْعَثُ حَاجِبَهُ زُونْبِيَّا...

ابْنُ مَرْجَانَةَ
يَؤُمُّ جَحَافِلَ قُطَّاعِ الدَّرْبِ...

أَهْلُ الأَيْقُونَةِ
فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ
بِأَمْرِ الْحَجَّاجِ...

تُنْجِبُ فَارًّا
حَدِيقَةُ الشُّهَدَاءِ،
كَالْجَبَلِ
لَمَّا تَمَخَّضَ
بِأَوْزَارِ الْعُقْمِ...

5
مُسَيْلِمَةُ
عَلَّمَ سَجَاحَ تَأْوِيلًا،
خَاتَمُ الأَشْعَرِيِّ السُّلَيْمَانِيِّ،
مِنْسَأَةُ أَرْطَأَةَ...
لَقَفَهَا لَنْكٌ
وَرَاءَ النَّهْرِ...

الْمُهَلْهِلُ...
شَقَّ جَيْبَ الثَّوْبِ
الْمُدَنَّسِ...
بِعَارِ خَوَارِ قِطَارِ حَمَدْ!

النَّوَّابُ
سَكْرَانٌ،
مَسْطُولُ الْحَرْفِ،
يَمُطُّ نَفْخَ الصُّورِ الإِسْرَافِيلِيِّ...

أَوْلَادُ
زِنَا الْمَحَارِمِ
فَضُّوا خَفَرَ حُرٍّ
غِيدَاءَ...

كَرَامَتُكُمْ؟
خَنَازِيرُ الأَدْغَالِ الأَمَازُونِيَّةِ
أَطْهَرُ
مِنْ حَضْرَةِ حَظِيرَتِكُمْ!

نَهَارًا جَهَارًا،
طُرُودْتُ:
صَنْعَاءَ،
بَغْدَادَ،
دِمَشْقَ،
طَرَابُلُسَ...

...
...
...

مَنْ سَتَنْكِحُ غَدًا؟
الْحَائِطُ مَبُولَةٌ،
وَالصَّخْرَةُ لِلنَّجَاءِ؟!

قَطْرَةُ حَيَاءٍ...
جَبِينُكُمْ عَاهِرٌ
بِخَرَاءِ!

لَا حَيَاءَ لِزَنِيمٍ،
يَا عَاهَةَ الأُرُومَةِ،
لَا أَبَ لَكُمْ!
لَا بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ!

أَبَادَكُمْ
مِنْ أَلِفِ الْأَفَاكِينَ
إِلَى يَاءِ يَزِيدَ!

شَيْخٌ!
رَئِيسٌ!
مَلِكٌ!
أَمِيرٌ!

الْحُوذِيُّ،
وَالْعَرَبَةُ،
وَالْحِصَانُ،
الْحَاجِبُ،
وَالْوَزِيرُ،
وَالْخُصْيَانُ...

6
نُهُودُ صَبَايَا فَارِسَ
تَنْتَعِظُ بِبَرْدِ بَسَاتِينِ دِجْلَةَ الْعَلِيلَةِ!

طَيْسَفُونُ:
عَادَتْ طَوَاوِيسُهَا،
تَنْفُشُ الرِّيشَ،
الْحِيرَةُ
تَطْرُدُ لَخْمًا...
يَنْهَبُهَا الْعُرْبَانُ...

أَطْلَالٌ:
مُتَرَدِّمٌ!
تُوبَاذُ!
عَبْقَرُ!
حِرَاءُ!

مُنْدَرِسَاتٌ دِمَنٌ
خَضِرَتْ:
حَنَّتْ بِحِضْنِ
هُبَلٍ،
والْعُزَّى...
أَقْدَاحٌ
لَيْسَتْ مِنْهَا...

عَمَاءٌ:
لَا كَافَ،
لَا لَامَ،
لَا مِيمَ...

عَظِيمٌ!
الأَتْرَاحُ الْجِسَامُ،
أَفْرَاحُ الْجِنْرَالِ:
الإِمَامِ!

لَا تَسْتَعِيدُ الْعَصَافِيرُ
ذَاكِرَتَهَا قَطُّ؛
عَقْلُ سَمَكَةٍ،
لَا تَارِيخَ،
مَصِيرُ الْأَطْلَالِ
بَائِنُ طَلَاقِ النُّفُوسِ...

كَسَبَ كَفَنَهُ...
بِالْمَجَّانِ!

لَيْسَ مِثْلُهُ،
النُّفُوسُ خَسِرَتْ
نَفْسَهَا
مِنْ زَمَانٍ!

أَلَا يُنْسَى؟
قَبْلَهُ لَيْسَ بَعْدَهُ...
احْفَظُوهُ
رَمْزًا شَخْصِيًّا!!

أَيْقُونَةٌ...
وَطَنُ الأَشْبَاحِ الْكُهُولِ؛
بَلْسَمُهُ،
سُمُّ الإِكْسِيرِ...

الْعَجَائِزُ:
أَمَلٌ...

أُبَثُّ:
شَكْوَى لَوْعَةِ الثَّرَى،
لِقَادِمَاتِ السَّوَانِحِ،
ذِكْرَيَاتُ الزَّادِ:
الزَّقُّومُ!
الْحَيُّ الْقَيُّومُ:
هِجْرَةُ قُرُودٍ،
هٰذِهِ الْمَعْمُورَةُ!

يَشْتَغِلُ الْيَوْمَ
بِخَلْقٍ... آخَرْ.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي