![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2025 / 4 / 16
لا تصدق بما يقوله فلان و علان عن الحرب الامريكية – الإيرانية القادمة , لان الواقع الذي يمر به العالم لا يتحمل حرب كبيرة . العالم مشغول في قضية فرض الرئيس دونالد ترامب الضرائب الجمركية , الحرب الأوكرانية – الروسية , رد فعل الصين تجاه الضرائب على صادرات الصين الى أمريكا , القضية الفلسطينية والموقف الحرج في الشرق الأوسط . هذه الأمور لا تسمح بخلق توترات جديدة سواء في الشرق الأوسط او بجزء اخر من العالم , والرئيس الأمريكي يعرف ذلك تماما .
لماذا الحرب على ايران ضرره اكبر من منافعه ؟
التضخم المالي ما زال مرتفعا في أمريكا وقابل للزيادة , حيث ان الضرائب الاستيرادية بكل تأكيد سترفع الأسعار من ابرة الخياطة الى سعر طائرة البوينغ747. وبكل تأكيد فان الحرب مع ايران سيلهب أسعار الطاقة , وليس من المستغرب ان يصل سعر البرميل الواحد الى 250 دولارا .
واكثر ايلاما , ان هناك تنبؤات رصينة من اقتصاديين مرموقين تحذر , بان الاقتصاد الأمريكي في طريقه الى الركود الاقتصادي . راي داليو وهو من تنبا بالركود الاقتصادي العظيم عام 2008 , صرح قائلا "نشهد تحولات جذرية في النظامين المحلي والعالمي تشبه إلى حد كبير ظروف ثلاثينيات القرن الماضي. التاريخ يعيد نفسه، والأنماط تتكرر"، لافتا إلى أن تفاقم الديون الأمريكية، وهيمنة دائنين مثل الصين على نسبة كبيرة منها، بالإضافة إلى تراجع القاعدة الصناعية المحلية، تخلق ظروفا غير مستدامة.
ويطابق راي داليو ,الاقتصادي الأمريكي المرموق وأستاذ جامعة كولومبيا ورئيس إدارة التنمية المستدامة بالجامعة جيفري ساكس أن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب تشبه إلى حد كبير التعريفات الجمركية المعروفة باسم "تعريفات سموت هالي" لعام 1930، وهي عبارة عن إجراء تجاري حمائي وقعه الرئيس الأمريكي هربرت هوفر في الولايات المتحدة 17 يونيو 1930، وسمي باسم راعييه الرئيسيين في الكونغرس السيناتور ريد سموت والنائب ويليس سي هاولي، وقد رفع القانون التعريفات الجمركية على أكثر من 20 ألف سلعة مستوردة في محاولة لحماية الصناعات الأمريكية من المنافسة الأجنبية خلال بداية الكساد الكبير الذي بدأ في تشرين الأول 1929.
مثل هذه الإنذارات والتي انطلقت من كبار الاقتصاديين والماليين و الإحصائيين في الولايات المتحدة لها اذن تسمع في الكونغرس الأمريكي وفي البيت الأبيض , وبعكسه فان الحزب الجمهوري سوف يخسر أنصاره وينتصر الحزب الديمقراطي , وهذا ما لا يطيقه الرئيس ترامب.
سياسيا , ايران ما بعد 7 تشرين الأول 2023 , ليس بعده . حصار حماس في غزة و بدون ناصر , تسليم حزب الله امر الجنوب اللبناني الى القوات المسلحة اللبنانية , فيما حل احمد الشرع , الكثير الكره لإيران , محل بشار الأسد في سوريا . عمليا , اصبح لا دور لإيران في محيط إسرائيل , بل أصبحت إسرائيل هي التي تتحكم بالمناطق العربية المحيطة بها. دول الخليج العربية حسمت امرها بقبول إسرائيل في المنطقة , فيما اضطر العراق الى اسكات القوى الرافضة للاحتلال , وبذلك أصبحت منطقة الشرق الأوسط عمليا خارج نطاق شعارات السبعينات والثمانينات التي كانت تطالب ب " المقاومة" و "التحرير".
هذه التغيرات على خارطة الشرق الأوسط أصبحت لا تدعو الى حرب مع ايران , وانما مد يد السلام لها وبعكسه فان الحرب سوف لن تكون خاطفة تنتهي بظرف ستة ساعات او ستة أيام او حتى سنة . الولايات المتحدة ستقع في فخ , لان ايران سوف لن تكون وحدها في هذه الحرب ,وانما هناك دولا كبيرة لا تسمح للولايات المتحدة الامريكية التقرب منها .
واكثر من ذلك , ترامب يستطيع كسب ود الإيرانيون بكل سهولة . الحصار الاقتصادي والسياسي الذي ضربه الغرب عليها منذ ما يقارب الخمسين عاما ,افقر الشعب الإيراني وعطل التنمية الاقتصادية فيها , على الرغم من الإنجازات العملاقة التي انجزتها ايران في ظروف الحصار. ولكن يبقى التحرر من الحصار عاملا مهما في تحرير ايران في تعاملاتها الخارجية بدون عقبات .
الحصار عطل تطور القطاع النفطي في ايران , تأخير في تطوير البنى التحتية للبلاد و حرم المستثمر العالمي من التوجه الى ايران والاستفادة من أسواقها الواعدة . يكفي القول ان علاقات جيدة بين ايران والولايات المتحدة يدعم شركة صناعة الطائرات المدنية بوينج الامريكية , يدعم قطاع شركات الاعمار الامريكية , ويدعم شركات النفط الامريكية . لقد كان اخر تصريح للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان , بان ايران ترحب الاستثمار الأمريكي في بلده , وهي إشارة طيبة من ايران الى الإدارة الامريكية.
بالحقيقة لم يعد هناك سبب حقيقي للولايات المتحدة برفض صداقة ايران , خاصة اذا علمنا ان السبب وراء الخلافات بين البلدين هي القضية الفلسطينية والتي تركها العرب والمسلمين , وإصر الغرب و أمريكا على حماية الكيان الصهيوني بكل الوسائل حتى لو كانت هذه الوسائل منافية للقانون الدوالي و حقوق الانسان. لقد نجح الاعلام المعادي للقضية الفلسطينية من اخراج القضية الفلسطينية من قائمة الأهداف العربية وحل محلها سياسيين و رجال دين عرب يدعون بتبريء من القضية الفلسطينية , والكل سمع فتوى رجل الدين السعودي الذي قال فيها , ان " الله يسألك عن الطهارة لا عن فلسطين يوم القيامة"! وفي هذه الحالة سوف لن يسال الله يوم القيامة ايران لماذا أوقفت تسليح حزب الله.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |