قراءة في مؤلف شرعية الاختلاف لعلي أومليل

حرشاش محمود
2025 / 4 / 16

قراءة في مؤلف شرعية الاختلاف لعلي اومليل
حرشاش محمود _تخصص فلسفة



تعد مسألة وشرعية الاختلاف ، إحدى المسائل والمفاهيم التي شغلت واقع وتاريخ الحضارات الإنسانية، فنجد تقدم هذه الأخيرة وازدهارها ورقيها محكوم بمدى أحقية ومشروعية الاختلاف بين اهل المعرفة والفكر في وسطها ، لذلك اعتبرها المفكر المغربي علي اومليل إحدى المسائل المحورية والمركزية التي من خلالها يمكن التعبير عن وجود وتقدم الشعوب طارحا هذه الفكرة من الزاوية التاريخية وارتباطها بواقعنا الفكري والنهضوي العربي المعاصر ، متسائلا عن حقيقة ومشروعية الاختلاف في الحضارة الإسلامية قديما ومدى إمكانية الحديث عن وجوده في فكرنا وحياتنا العربية المعاصرة طارحا إشكالات مفادها كيف كانت مواقف مفكرينا من الأخر المختلف و المناقض لهم ؟.
وكيف كانت نظرتهم الفكرية تجاههم ؟.
وكيف كان الجدل قائما مع هذا الأخر ؟.
وهل لهذا الرصيد دور في إعطاء أحقية ومشروعية الاختلاف في واقعنا المعاصر وهل يمكن ترسيخ قواعده وتقاليده في وسطنا الفكري العربي ؟.
ينطلق المفكر المغربي علي اومليل من فكرة مركزية ومحورية في مشروعية الاختلاف ، أن الكتاب الإسلاميين قد اثبتوا أن الاختلاف حقيقة واقعة قد عرفها الاسلام منذ عهده الاول مميزا في ذالك بين نوعين من الاختلاف :
اختلاف داخل المعتقذ الواحد ويكون ذالك الاختلاف في مستوى التأويل في فهم النص الديني وهذا نجده واضحا بين المذاهب الفقهية والفرق الكلامية
والمستوى الثاني من الاختلاف هو ذلك الاختلاف الواقع بين مفكري الاسلام مع الاطراف المناقضة ، وقد اتضح ذلك بقوة في المناظرة التي جرت بين المعتزلة والمانوية ، وقيمة المناظرة تكمن في كونها مناظرة بين نخبتين عالمتين والهدف من اهمية هذه المناظرة هو اثره في تطوير الفكر الديني الاسلامي نفسه وهذا ما نلاحظه مما قدمه المعتزلي القاضي عبد الجبار الهمذاني في كتابه المغني في ابواب العدل والتوحيد ، فنحن نجد أنفسنا أمام متكلم يناقش نقاشا جدليا عاليا غير الاسلاميين وبالاخص المانويين دون ان يستهين بالمستوى الفكري لخصومه والقضيىة لديه ليس قضية دينية ، بل قضية كلامية قائمة على المنطق ألحجاجي.
كما بين المفكر علي اومليل ان الإعجاب القائم في عصر البيروني بالعلوم والمعارف الهندية لم يترك ويجعل البيروني ينتقد هذه العلوم نقدا ظاهريا او يركن الى أحكام مسبقة ، فقد تأملها البيروني ودرسها دراسة العالم العارف ليصل

إلى قوة ومخزون المعرفة الإسلامية التي في رأي البيروني هي أكثر قوة ووضوحا من المعارف الهندية.
هذا ما يبين قوة ومشروعية الاختلاف الذي أقامه المفكرون المسلمون القدامى مع غيرهم وهذا ما اتضح مع العهد الذي قطعه الشهرستاني على نفسه بان يلتزم الموضوعية فيما كان بصدده من بسط عقائد البشر ومذاهبهم وهو قد التزم بذالك الى حد بعيد.
فرغم السعي نحو تحقيق المشروعية والأحقية في فهم النص وتحقيق مفهوم الجماعة الواحدة إلا أن تعدد القراءة يحعل ينتصب على رأس كل قراءة إمام يتعلق حوله اتباع وهكذا تنشا المذاهب و تختلف.
لكن هذا الاختلاف الذي قام داخل الحقل المعرفي الاسلامي بين الفقهاء والمتكلمين وبين اهل الملل والنحل مع المسلمين لم يسلم من وجود رؤى في هذا الاختلاف قائمة على مصادرة الرأي واضطهاده ، باسم الدين محتكر للمعرفة مصادر للحقيقة ،مشرع للاستبداد رافضا المشاركة في العلم او السلطة وهذا واضح في امثال القاضي الاسماعيلي قديما وهو النعمان بن محمد العقائدي الاكبر لدولة الفاطميين .
فقد امر بتعطيل العقل والولاء الاعمى لولي الامر وطاعته المطلقة له ضمن فكرة واصل قائم لديه هو ان دين الله قد اكتمل علمه عند الامام المعصوم.
كما نجد هذا الاضطهاد وهذه المصادرة قد وقعت للمورسكيين الذين اضطهدوا من الحكم الاسباني الكاثوليكي الاستبدادي والذي كانت نظرته مناقضة تماما لما وقع من إصلاح ديني لأوروبا البروتستانتية والقائم على التسامح والحرية مع مختلف العقائد والعرقيات .
وهذا ما جعل المورسكيين يخترعون لانفسهم ادوات للدفاع على راسها لغة أعجمية لغة اسبانية مكتوبة بالعربية وابتكروا لانفسهم مخيالا يقوي عزائمهم ويزيد من صبرهم من خلال ماضيهم المشرق كما ازدادت معرفتهم اكبر بالثقافة المسيحية والاسبانية .
مما يعني ان حضور الاختلاف يقتضي حضور الفهم القوي والإحاطة بمختلف مفاهيم الأخر وواقعه الحضاري والمعرفي وليس القائم على المعرفة السطحية والجاهزة فاصبحت المفاهيم البروتستانتية سلاحا لابد منه في يد المورسكيين .


لقد وصل المفكر علي اومليل الى استنتاج تاريخي مفاده :
ان حقيقة الاختلاف كانت تمثل اوج الحضارة الاسلامية وسر تقدمها وازدهارها وهذا يتضح في وجود اهل الذمة داخل الحقل الحضاري الاسلامي وان تحقيق هذا المبدا هو ضروري واساسي لتحقيق النهضة العربية المنشودة المرتبطة بالديمقراطية كنظام لارادة التعدد وحقوق الانسان كشرط اساسي وشرعية اي نظام فشرعية الاختلاف اساس لتحقيق التعددية وهوفي نظر المفكر ليس عودة الى طائفية اوقبيلة بل هو نظام لمجتمع مدني متعدد العناصر والمصالح تتعاقد حوله مؤسسات بناء على وفاق عام متجدد بالوسائل الديمقراطية فهي نظام مؤسسي لادارة تعددية المجتمع المدني وقبول الحوار ينطلق من التسليم بواقع الاختلاف وبشرعيته .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي