سلسلة محاولات تبسيط بعض المفاهيم الإقتصادية – الجزء الثالث

الطاهر المعز
2025 / 4 / 15

بعض المُصطلحات الإقتصادية الشائعة
الرأسمالية هي نظام اقتصادي وقانوني واجتماعي يتميز فيه أصحاب وسائل الإنتاج ( أي الرأسماليون) عن أولئك الذين يستخدمونها، أي العمال الذين يتقاضون أجرًا، ويُؤدِّي تقسيم العَمَل إلى بحث أصحاب وسائل الإنتاج عن الرّبح الأقصى وتراكم رأس المال، وفق كارل ماركس الذي يُؤَكّد إن جوهر الرأسمالية يتمثل في استغلال العمال لتحقيق أقصى قدر من الأرباح، باسم مُكافأة الرأسماليين الذين يُخاطرون بأموالهم التي يستثمرونها وباسم "اقتصاد السّوق" أو التجارة الحرة، مما يخلق خطًّا فاصلا بين رأس المال والعمل...
الإنتاج: عملية الإنتاج هي نشاط اقتصادي يتطلّبُ توفُّرَ رأس المال والآلات والجُهْد البَشَري، لإنتاج السلع والخدمات التي يمكن بيعها أو تبادلها في الأسواق ويُفْتَرض أن يتحدّد سعر الإنتاج بقيمة التكلفة والوقت الذي يتطلبه إنتاج السّلعة أو الإنتاج.
قُوة العمل – السّكّان النّشطون: مجموعة السّكّان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا ويمارسون عملاً يتلقون مقابله أجْرًا (السكان النشطون العاملون) أو الذين يبحثون عن عمل (ضمن هذه الفئة العُمْرِيّة)، ولا يتم احتساب الشباب في المدارس والطلاب والجنود كعمال نشطين. أما معدّل النشاط فهو نسبة الأشخاص النشطين (العاملين والعاطلين الباحثين عن العمل) من إجمالي السكان، ومعدل البطالة هو نسبة العاطلين عن العمل ضمن السكان النشطين (العاملين والعاطلين الباحثين عن العمل)، ويمكن تقسيمهم إلى فئات بحسب العمر.
الاستهلاك: والمقصود تآكل الآلات، وهي عملية حسابية للعمر الإفتراضي للآلات ووسائل النقل والمباني وكل السلع المُعمّرة التي تنخفض قيمتها الإنتاجية السنوية لتصل قيمتها النّظَرية ( الإفتراضية ) إلى الصّفر ( إثْر إضافة قيمة الإصلاحات الجوهرية ) بعد فترة زمنية محدّدة، و"الإستهلاك" ( أي الإنخفاض التدريجي لقيمة الآلات) هو التآكل أو التقادم الذي يصيب معدات الإنتاج الخاصة بالشركة كالآلات والشاحنات.
الميزانية العامة للشركات: وثيقة محاسبية تنشرها الشركات كل سنة، وتمثل صورة عامة عن وضع الشركة وقت إعداد هذه الوثيقة، وتنقسم إلى "الأُصُول" أو ممتلكات الشركات، و"المُستحقّات" التي يجب سدادها كالدّيُون أو مُستحقات مُوَرِّدِي السلع، ويطالب القانون الشركات بنشر دَخلها السنوي الذي يتم اعتماده لاحتساب مبلغ الضريبة على أرباح الشركات والذي يختلف من قطاع إلى آخر ومن دولة إلى أخرى...
الإنتاجية: يتم تقييم الإنتاجية من خلال كمية الإنتاج خلال فترة محدّدة، وفقًا لتكاليف الإنتاج وكفاءة الوسائل (العمل ورأس المال) المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات، وتُقاس الإنتاجية ( إنتاجية العامل وإنتاجية الآلة) بإدماج مقياس الحجم والقيمة مقارنة بتكاليف الإنتاج، مع مراعاة التقدم التقني...
الناتج المحلي الإجمالي: هو مجموع ما يتم إنتاجه من سلع وخدمات داخل بَلَدٍ ما طيلة فترة زمنية ( سنة أو ثلاثة أشهر، على سبيل المثال) انطلاقا من القيم المضافة لجميع المؤسسات والإدارات، فضلا عن الرسوم الجمركية، ويُشكل الناتج المحلي الإجمالي قاعدة لاحتساب النمو الاقتصادي، ومقارنة الأرقام من سنة إلى أخرى.
القيمة المضافة: هي قيمة الثروة التي تم خَلْقُها من خلال تحويل السلع والخدمات (المواد الخام، والكهرباء، والمنتجات شبه المصنعة، وما إلى ذلك) إلى سلع أو خدمات قابلة للإستهلاك الفوري ( ما يُسمّى منتج نهائي) وتقيس القيمة المضافة مساهمة شركةٍ ما في الناتج الإجمالي لبلدٍ ما، وبالتالي فإن الناتج المحلي الإجمالي هو مجموع القِيَم المضافة للشركات القائمة في هذا البلد.
الناتج القومي الإجمالي: هو القيمة الإجمالية للإنتاج السنوي للسلع والخدمات التي تنتجها مؤسسات بلدٍ ما، سواء كان هذا الإنتاج يتم داخل البلاد أو خارجها، باستثناء الشركات التابعة للمجموعات الأجنبية المستقرة في ذلك البلد...
معدل الادخار: هو نسبة مدخرات الأُسَر - الدخل المتاح غير المنفق - إلى الدخل المتاح الإجمالي، ويختلف معدّل الإدّخار عن معدل العائد على منتجات الادخار المنظمة، التي تضمنها الدّولة عادةً.
معدل التضخم: يقيس الزيادة العامة في أسعار مجموعة مُحدّدة من السلع ( وليس كل السلع والخدمات) خلال فترة زمنية معينة عن طريق مقارنة مؤشر أسعار المستهلك في نهاية الفترة مع مؤشره في بدايتها.
سعر الفائدة: يقيس مدى ربحية رأس المال المقترض، وهو يمثل تكلفة القرض بالنسبة للمقترض، الذي يدفع للمُقْرِضِ فائدةً تُحْسَبُ بتطبيق هذا المعدل على رأس المال المقترَض، ويتم تحديده من خلال سعر الفائدة الرئيسي الذي يحدده المصرف المركزي، والسعر الرئيسي هو التكلفة التي تتمكّن المصارف من خلالها إعادة تمويل نفسها لدى المصرف المركزي، وعادةً ما يكون سعر الإقترض ( بين المصارف أو للشركات أو الأفراد ) أَعْلَى من السعر الرئيسي، ويُسمى الفارق "هامش الرّبح"، وقد تكون أسعار الفائدة ثابتة طوال مدة القرض، أو متغيرة بناءً على سعر مرجعي قد يتغير وفق تقلبات أسعار الفائدة.
معدل النمو: يقيس نمو اقتصاد بلد ما من سنة إلى أخرى عن طريق مقارنة كمية الناتج المحلي الإجمالي لسَنَةٍ ما مع السنة السابقة، و يتم قياس الناتج المحلي الإجمالي من حيث الحجم، حتى لا يتم تضمين تأثير التضخم في الحساب.
الميزان التجاري: هو التوازن بين الصادرات والواردات لبلدٍ ما خلال فترة زمنية معينة، اعتمادًا على إحصاءات الجمارك، يكون الفائض عندما تتجاوز الصادرات الواردات، والعجز عندما تتجاوز الواردات الصادرات.
ميزان المدفوعات: هو الفرق بين القيمة الإجمالية للسلع والخدمات ورأس المال الداخلة إلى بلد ما والخارجة منه خلال فترة زمنية معينة (ربع سنة مثلا)، ويتم تحديد ميزان المدفوعات عادة من قبل المصارف المركزية، ويُنعت ميزان المدفوعات بالسّلبي عندما يتجاوز إنفاق الدولة قيمة الإنتاج. أما "رصيد الحساب الجاري"، فهو جزء من ميزان المدفوعات، لا يسجل سوى التجارة الخارجية في السلع والخدمات دون رأس المال الذي يتم تسجيله في باب "تحركات رأس المال".
الاقتصاد الجزئي هو تفسير الظواهر الاقتصادية على أساس سلوك الأفراد، الذين يُفترض أنهم عقلانيون: المستهلكون، والمنتجون، والعمال (على عكس الاقتصاد الكلي الذي يبدأ من المجاميع). يهتم علم الاقتصاد الجزئي بالاختيارات التي يتخذها الوكلاء الاقتصاديون (الاستهلاك، الإنتاج، الاستثمار، العمل، إلخ) والطريقة التي يتخذون بها الاختيارات بين الخيارات المختلفة الممكنة، من خلال مقارنة تكاليفها وفوائدها، ويرتكز الأداء الإجمالي للنظام الاقتصادي، أي تخصيص موارد الاقتصاد، على هذه السلوكيات (الاختيارات والتبادلات بين الأفراد) التي يتم تعديلها من خلال آلية الأسعار.
الاقتصاد السوقي هو النظام الاقتصادي الأكثر انتشارا للتبادل في العالم اليوم، والذي يعتمد على قوانين السوق، وخاصة قوانين العرض والطلب، في بيئة تنافسية ( وهذا لا يحدّ من تأثير الإحتكارات أو التّواطؤ بين الشركات على حساب المُستهلك) ويعتبرها خبراء الإقتصاد "شكلا حديثًا من أشكال الرأسمالية"، التي تتجاوز حدود بلد ما بمجرد أن تمارس تجارتها الدولية مع بلدان أخرى تمارس هي الأخرى التجارة الحرة، وقد يتم تعزيز النمو من خلال احتواء التضخم والبطالة، وضمان الحماية الاجتماعية وظروف العمل الجيدة، كما كان يحصل في ألمانيا وأوروبا الشمالية خلال فترات حكم تيار "الدّيمقراطية الإجتماعية".
الليبرالية الاقتصادية هي مدرسة فكرية ترتكز على فكرة مفادها أنه يجب إزالة جميع العوائق التي تحول دون الأداء "الطبيعي" للسوق، ولذلك يعتقد أنصار هذا الرأي أن تدخل الدولة ينبغي أن يكون محدودا قدر الإمكان، "لأن الدولة لا تملك المعلومات التي تسمح لها بالتصرف بشكل أفضل من الوكلاء الاقتصاديين"، كما يعتبرون إن الدّولة تفرض بعض العقبات (المعايير التنظيمية وتحديد الأسعار والأُجُور، والحمائية، وما إلى ذلك) التي "تعيق الأداء السليم للاقتصاد" ومع ذلك فإن أنصار الليبرالية الاقتصادية يقبلون فكرة وجود إخفاقات في السوق وضرورة تصحيحها، ويُرحبون بتدخل الدّولة لإنفاق المال العام للمصارف والشركات الخاصة، زمن الأزمات...
الاحتكار: عملية قيام مُوَرّد واحد ببيع منتج أو خدمة معينة إلى عدد كبير من المشترين، بدون منافسة، مما يُمكّنه من تحديد السعر الأقصى لِجَنْيِ أكْبَر قدر من الربح، وهي عملية يتضرّر منها المُستهلكون في المقام الأول، لأن السعر المرتفع لا يضمن جودة أفضل للمنتج، كما لا يضمن الإبتكار ولا تعزيز النمو الإقتصادي، ولذلك وجب على الدّولة مكافحة احتكار الشركات الخاصة للمنتوجات والخدمات الأساسية.
العولمة (globalization ) تعني تدويل تبادل السلع والخدمات ورأس المال، ويرتبط ذلك بزيادة قدرة الناس والسلع على الحركة نتيجة الاختفاء التدريجي للحدود بفضل تكاثر وسائل النقل والاتصالات (الإنترنت، والهواتف المحمولة، وغيرها). ويؤدي ذلك إلى تزايد الاعتماد المتبادل بين الدول واقتصاداتها وبالتالي زيادة المنافسة بين الشركات وهذا يؤدي أيضًا إلى ضرورة إدارة بعض المشاكل على المستوى العالمي بدلاً من المستوى الوطني (الأزمات المالية، المشاكل البيئية، إدارة موارد الطاقة، إلخ)، والمُلاحظ إن العولمة مكّنت من فَتْح الحدود أمام الأفراد في اتجاه واحد ( من "الشمال" إلى "الجنوب" ) وإغلاق الحدود أمام الشّعوب الفقيرة والمُضْطَهَدَة وتمت ترجمة فتح الحدود أمام رأس المال بنهب ثروات البلدان الفقيرة وتهريب الأموال من "الجنوب" إلى "الشمال"

عبارات شائعة - هشاشة الوظائف
الهشاشة أو عدم الإستقرار هو الوضع الاجتماعي للشخص الذي تتسم ظروفه المعيشية (الدخل، العمل، السكن، الوضع العائلي) بعدم اليقين بشكل كبير، وعندما يتعلق الأمر بالدخل، فإن عدم الاستقرار يؤثر على أولئك الذين لديهم دخل منخفض أو ليس لديهم دخل على الإطلاق. إذا كان الدخل غير مستقر، فذلك يرجع عمومًا إلى أن الوظيفة نفسها غير مستقرة: العمل المؤقت، أو العقود محددة المدة، أو التدريب، أو أي شكل من أشكال العمل يعتمد على علاقة أجر محدودة الوقت. من المؤكد أن العقد الدائم في حد ذاته يشكل في كثير من الأحيان ضمانة وهمية، بسبب احتمالية الفصل من العمل دائماً، ولكن عدم الاستقرار هو القاعدة وليس الاستثناء في العقود المؤقتة أو المحددة المدة. وبشكل عام، يؤدي انعدام الأمن في الدخل إلى غياب الخطط طويلة الأجل، وصعوبة إدارة الدخل غير المنتظم وغير المتوقع، وما إلى ذلك.
يشير مصطلح "الوظيفة غير المستقرة" إلى الوظيفة التي تقدم ضمانات قليلة للغاية للحصول على دخل "مقبول" أو الحفاظ عليه في المستقبل القريب.
الوظائف غير المستقرة هي وظائف ذات دخل غير ثابت ولا توجد ضمانات لمدتها التي يمكن أن تكون ( هذه المدة ) محدودة: عقود محددة المدة، أو تدريب، أو مُدّة غير مؤكدة: عمل مؤقت (لا نعرف بالضرورة على وجه التحديد متى سينتهي العقد)، كما يمكن اعتبار الوظائف التي لا توفر دخلاً كافياً للعيش "غير مستقرة": مثل الوظائف بدوام جزئي التي لا يتم اختيارها، والتي لا توفر أجراً كافياً للعيش، فضلا عن العمل في القطاع الموازي حيث لا ضمانات ولا حماية
يستخدم مصطلح "غير مستقر" بشكل عام للإشارة إلى نوع العمل الذي يُقابله أجر زهيد، وهو غير محمي وغير آمن، ويشير انعدام الأمن الوظيفي إلى العمل غير مثير للاهتمام، والأجر الضعيف، والتهميش داخل المُؤسّسة المُشَغِّلَةة، مما يخلق شعورًا قويًّا ومَشْرُوعًا بالظلم، كما إن معظم العمال الذين يعملون في وظائف غير مستقرة معرضون للخطر، وهم عادة عمال شُبّان أو محدودي التجربة أو متقدمين في السن ويتم توظيفهم للقيام بمهام خطيرة أو تتطلب جهدًا بدنيًا، مما يعرضهم – أكثر من غيرهم - لخطر أكبر للحوادث والإصابات والأمراض المهنية...
إن انعدام الأمن الوظيفي يعني عدم القدرة على التخطيط للمستقبل المهني، وعدم ضمان الحماية الاجتماعية على المدى الطويل، وعدم الاستفادة من استدامة علاقة العمل، وعدم استقرار مستوى الدخل، ويرتبط عدم الاستقرار الوظيفي بغياب الأمن المادي والنّفسي، مما قد يؤدي إلى الفقر المدقعويؤثر على عدة مجالات من الحياة، لأن الروابط بين عدم الاستقرار والفقر وثيقة للغاية دائماً، فالأشخاص الذين يعيشون في حالة عدم استقرار غالباً ما يكونون فقراء أو يصبحون كذلك بسبب ضعف دخلهم ووسائل معيشتهم، ويُؤَدِّي عدم الاستقرار الوظيفي إلى البطالة والتهميش. إن العمل المؤقت هو شكل من أشكال عدم اليقين ويؤدي إلى عدم استقرار ظروف العمل والحياة الأُسَرِية والسكن والعلاقات الإجتماعية وما إلى ذلك.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي