|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

ثائر ابو رغيف
2025 / 4 / 25
نظرة في كتاب الرفيق رزگار عقراوي: الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة, تتعلق بموضوع الإغتراب وفقا لكارل ماركس.
في ظل الثورة التكنولوجية الحالية، يطرح الذكاء الاصطناعي تحدياتٍ جوهرية لبنية العمل والعلاقات الاجتماعية، مما يعيد إحياء مفاهيم كارل ماركس حول الاغتراب. وفقًا للماركسية، يشير الاغتراب إلى انفصال العمال عن منتجات عملهم وعملية الإنتاج ذاتها، وتحوّلهم إلى مجرد أدوات في نظام رأسمالي يستهدف تعظيم الأرباح. اليوم، يُعَد الذكاء الاصطناعي عاملاً مُعجِّلاً لهذا الاغتراب، إذ يُحوّل العمال إلى كيانات ثانوية في سلسلة إنتاجية تتحكم فيها الآلات والخوارزميات. هذا المقال يستكشف كيفية تعميق الذكاء الاصطناعي لظاهرة الاغتراب، مستندًا إلى تحليل ماركسي للعلاقة بين التكنولوجيا والرأسمالية
الاغتراب الماركسي: الأسس النظرية
عرّف ماركس الاغتراب في مخطوطات 1844 بأنه انفصال العامل عن أربعة جوانب:
- مُنتج عمله: يفقد العامل السيطرة على ما ينتجه
- عملية الإنتاج: يصبح العمل نشاطًا ميكانيكيًا مُجردًا من الإبداع
- زمالة العمل: تتحول العلاقات الإنسانية إلى منافسة استهلاكية (ألبقاء للأصلح)
- الطبيعة الإنسانية: يُحرم العامل من تحقيق ذاته عبر العمل وإغترابه عن وسائل الإنتاج
في عصر الذكاء الاصطناعي، تتعمق هذه الجوانب عبر أتمتة المهام التي كانت تُنفَّذ يدويًا، مما يحوّل نسبة ضئيلة من العمال ألمحظوظين إلى "مراقبين" لعمليات تتحكم فيها الخوارزميات، بدلًا من أن يكونوا مشاركين فاعلين فيها.
الذكاء الاصطناعي كأداة للاستغلال الرأسمالي:
وفقًا لماركس، لن تكون التكنولوجيا في النظام الرأسمالي محايدة، بل تُصمَّم لخدمة مصالح الطبقة المسيطرة. اليوم، تُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية وتقليل التكاليف، لكنها تُفاقم التفاوت الاقتصادي.
- استبدال الوظائف: تُقدِّر الدراسات أن 30% من الوظائف قد تُستبدل بالذكاء الاصطناعي، مما يخلق "جيشًا احتياطيًا من العاطلين" قد يستطيع نظام ألضمان الإجتماعي من دعمه ولكن ليس بشكل دائم الامر الذي سيقود الى الفوضى وارتفاع نسبة الجرائم.
- التحكم في العمل: تتحكم الشركات عبر أنظمة مراقبة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إيقاع العمل وقياس الإنتاجية، مما يزيد من ضغوط العمل ويُضعف الاستقلالية
- استغلال البيانات: تُحوّل البيانات الشخصية إلى سلعة تُستخرج قيمتها دون مقابل عادل، وهو ما يصفه ماركس بـ"تسليع العمل"
في الصراع الطبقي الجديد برزت حركات تطالب بـ"الدخل الأساسي الشامل" كرد فعل على تهديدات البطالة التكنولوجية مما يعكس محاولات لإعادة توزيع الثروة التي سيراكمها الذكاء الاصطناعي
رغم التشاؤم، رأى ماركس أن التكنولوجيا قادرة على تحرير البشر إذا أُعيد تنظيم المجتمع بشكل اشتراكي, تدعو المقاربة الماركسية إلى سياسات تضمن إعادة توزيع عادل للثروة الناتجة عن التكنولوجيا، مثل فرض ضرائب على الروبوتات أو تأميم منصات البيانات, ظهور نقابات رقمية تعمل على حماية حقوق العمال في الاقتصاد الرقمي، مثل حملات تنظيم عمل الاقتصاد التشاركي.
وفي ألختام اقول الذكاء الاصطناعي ليس عدواً للإنسان، لكنه مرآة تعكس تناقضات النظام الرأسمالي. بينما تُعجِّل هذا التكنولوجيا في اغتراب العمال، فإنها تفتح أيضًا الباب لإعادة تخيل العمل كفضاء للإبداع بدلًا من الاستغلال. كما كتب ماركس: «الآلات ليست سوى قوة إنتاجية للعمل المتراكم»، وطالما ظلت ملكيتها محتكرة، ستستمر في تعميق الاغتراب. لكن بتحريرها، قد تصبح أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية