|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 4 / 8
النبي والخليفة،
يخالج الناظر إلى الأوضاع في البلدان الموسومة بالعربية انطباع بأنها في بقعة جغرافية تدعي دول غربية أنها أحق بملكيتها من سكانها الأصليين ، وحجتها أن أسلافها عاشوا في قديم الزمان فيها ، قبل الميلاد، و أنهم أخرجوا منها ظلما ، على يد الفرس و الأشوريين والرومان . لا جديد تحت الشمس، «يعكر الحملُ دائما ماء الذئب".
من نافلة القول أن دولة الخلافة لم تتحول إلى دولة وطنية ومرد ذلك في اغلب الظن إلى أن "الخليفة " جعل نفسه "نبيا ". حيث شجع أعمال النسخ والتأويل والحديث و التفسير ، زاعما أن الغاية من ذلك هي تقريب المعنى. وما زاد الطين بلة هو أن الخلافة صارت دون إبطاء ، ملكية وراثية تميزت بنهج طريق مختلف عن " الخلافة" التي أزاحتها، غالبا بحد السيف .
لا نجازف بالكلام أن " الخلفاء "ما زالوا يتعاقبون على السلطة في معظم البلدان العربية التي رسمها المستعمرون البريطانيون والفرنسيون، بعد أن أجلوا آخر الخلفاء العثمانيين عنها . تبنوا أنظمة حكم الملكية والجمهورية، وارتدوا جميع الأزياء الإمبراطورية، والدينية والعسكرية، ولكنهم أبقوا الشعوب في " جناح الحريم ".
من الطبيعي أن يكون البقاء في السلطة هما شاغلا، حيث لا توجد سيرورة محددة تؤدي إلى استحقاقها أو إلى ضرورة التخلي عنها بعد ممارستها خلال مدة معينة ومعروفة. ،نجم عنه أن الصراع على السلطة كان دائما ومركزيا في شبه الدولة العربية، استخدمت فيه جميع الوسائل و في مقدمها ، " الشرعية الدينية " و" الشرعية الإقليمية " و " الشرعية الدولية " ، أما " الشرعية الوطنية " فكان دورها لا يتعدى التكملة و ضبط الموازين ، مؤقتا ، بين " الشرعيات " الثلاث ، لتمرير الصفقة أو الخدعة !
تحسن الملاحظة بهذا الصدد أن الخلفاء الأربع الأول قتلوا غيلة حيث لم تكن الخلافة وراثية ، على عكس الخلافة الأموية الوراثية التي استمرت حوالى قرنا من الزمن و العباسية الوراثية خمسة قرون تقريبا .
نكتفي بهذه اللمحات عن دور الإسلام السياسي في إدارة شؤون الناس ، و هو في صلب مقاربتنا للأوضاع في البلدان العربية ، لنقول أنه تصدر المشهد ، كما هو الحال عليه في الراهن ، حيث اقتضت حركاته و أحزابه من أتباعها إعطاء قسط كبير من أوقاتهم لممارسة العبادات و الشعائر إلى جانب توكيل " اولي الأمر" من قادتها بمعالجة جميع الشؤون السياسية و الإدارية و التربوية والاقتصادية و الصحية ، و الأمنية .
من البديهي أنه كان لهذا كله انعكاسات هائلة حالت دون نشوء مجتمع وطني ودولة وطنية ، مما حدا بالكثيرين الذين أحسوا أنهم ليسوا شركاء أو أنهم دون غيرهم مرتبة، بسبب معتقدهم أو عقيدتهم ،على البحث عن الإثنين في بلدان أخرى . لا سيما أن هناك إرهاصات بتوطين مهاجرين في سورية ولاجئين و نازحين في لبنان ، و ترحيل فلسطينيين إلى مصر و الأردن وسورية ، في سياق صياغة جديدة ، سكانية على أساس ديني طائفي و مذهبي ، تأكيدا على ان الناس في بلدان العرب " يتمايزون " على أساس المعتقد و العرق ، على عكس الناس في المجتمع العلماني .
مهما يكن ، لا بد من القول في الختام أن مشاريع الصياغات السكانية وخطط الصراعات الداخلية في هذه البلدان حيث تستأثر القوى الدينية الطائفية على أنواعها و ألوانها ، بالعمل السياسي ، توضع ، بالتنسيق و مساعدة أطراف خارجية . و سط تعتيم و خداع إعلامي ، شديدين . أغلب الظن أن الناس في مصر وسورية و فلسطين و الأردن و لبنان و العراق .. لا يعلمون يا للأسف، ماذا يطبخ لهم !
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |