|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 4 / 1
المقصود من "الطغمة الدينية " هو الفئة او بعض أتباع ديانة من الديانات المعروفة . يتناول موضوعنا هنا الديانة الإسلامية تحديدا ، في سياق مداورة الحدث السوري سياسيا ،في الذهن ، حيث تجري محاولة إرساء نوع من النظام السلطاني بين "الأصول و سنن الواقع " بحسب تعبير السوداني حسن الترابي ، من قبل " طغمة دينية " لا تمثل بالقطع جميع المتدينين بديانتها .
سنحاول إذن الإجابة ببساطة ،على سؤالين :
1ـ الطغمة الدينية و السلطة في الدولة الوطنية ، الدولة السورية نموذجا :
لا شك في أن نظام حكم حزب البعث السابق في سورية كان قد وقع في أزمة خانقة و كان يفتقد لآليات ووسائل للخروج منها ، حيث أن مؤسسات الدولة أو شبه الدولة التي أرسى دعائمها ، كانت خالية منها . تحسن الملاحظة هنا أن الصراع على السلطة في سورية بدأ قبل أن يتسلمها حزب البعث ، و مرد ذلك عائد لأسباب خارجية و داخلية و تواصل خلال حكمه ، بينه من جهة و بين جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص ، لكن هذه المسألة ليست جزءا من موضوع هذا البحث .
فما يهم الآن هو أن نظام البعث سقط ، أغلب الظن نتيجة لفقدانه القدرة على مقاومة أعدائه ، بعد أن تخلى عنه بعض حلفائه و ضعف بعضهم الأخر . مجمل القول ان عوامل ذاتية و داخلية و خارجية تضافرت لطي صفحة عهده ، وفتح صفحة جديدة لحكم " طغمة دينية " ، أتيَ بها إلى بلاد الشام ، بعد أن تم إعدادها في مناخات "إسلامية ـ جهادية" تحاكي تلك التي توافرت شروطها في أفغانستان و بلاد الشيشان (سنوات 1980 و 1990) حيث دارت أهم معارك الدول الغربية تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد الإتحاد السوفياتي ثم ضد روسيا . يحسن التذكير بهذا الصدد أن كثيرين من قيادات " الطغمة الدينية " في سورية تعمدت في صفوف منظمات مثل القاعدة و داعش بالإضافة للسجون الأميركية في العراق ، و تطعمت بأعداد كبيرة كما يبدو ، من المرتزقة و"المهاجرين الإسلاميين " !
لا نجازف بالقول أن ما يجري في سورية هو سيرورة عبثية ، محيّرة . فما يخطر بالبال لأول و هلة هو التناقض بينها و بين مجتمع متعدد ، غني ، متحرك ، مضطرب ، ثقافيا و علميا و اقتصاديا ، إلى حد انه يخيل للمراقب أننا حيال فسيفساء ، او متحف يحتوي على عينات اجتماعية و حضارية من مختلف العصور . ينبني عليه أن الذين جاؤوا "بالطغمة الدينية " ، أنما جاؤوا بها " لحاجة في نفوسهم " ، بعد أن أغووا من "الوطنيين " من استطاعوا إغواءه ،و أحبطوا جهود آخرين من السذج . من البديهي أن هذه " الطغمة " لن تكون مقبولة من السوريين !
2 ـ السؤال الثاني عن الدين و السياسة و الحكم :
نقتضب بهذا الصدد فنقول ، استنادا إلى اطلاع متوسط على المسألة الدينية ، في بعض البلدان المشرقية العربية ، و في بلدان أوروبية يتوافد إليها المهاجرون من الأولى ، هو أن الرسالة الدينية ، لا تعدو كونها رسالة ، و بالتالي سواء تلقاها الفرد مصادفة ، أو فرضت عليه فرضا أو أختارها بملء إرادته ، فإنه يأخذ منها ما يسمح به مستواه العلمي و الفكري و النفسي و الأخلاقي ، أي بدرجة مختلفة عن غيره ، إدراكا و اقتناعا. ناهيك من أن ما نعلم به فرادى في كتاب او جماعة بمناسبة محاضرة ، لا تنسج بيننا علاقة وراثية تؤدي إلى تشابهنا كما لو صار كل منا نسخة للأخرين . لا سيما أن التوائم لا يكونون على درجة واحدة من الوعي و الذكاء . لقد تابعنا في مراحل تعليمنا على سبيل المثال ، مناهج في مختلف المواد ، فهل كانت علاماتنا في الامتحان متساوية في مادة تعلمناها معا على يد المعلم نفسه ؟
قصارى القول في الختام أن الديانة هي جزء من التراث الثقافي ، على عكس العمل السياسي و الدولة الوطنية و نظام الحكم ، فهذه مجالات لا تفرض الأمور فيها على الفرد ، فرضا أو " شرعا " إذا جاز التعبير . ليس من حاجة للدلالة على ذلك ، فأحوال العباد و البلاد شاهدة على ذلك .
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |