|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

خليل قانصوه
2025 / 3 / 24
لا جدال في أن ما جرى في الساحل السوري هو عمل شنيع يمنع التئام اللحمة الوطنية ، فهو يحاكي المجازر التي ارتكبتها في ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضي ، المنظمات الإرهابية الصهيونية، التي كان يرويها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات و كنا نستمع لها كما لو كانت "حكايات" خيالية ، إلى أن حققها مؤرخون إسرائيليون (المؤرخون الجدد) ، بعد أن افرج عن محفوظات الدولة الاسرائيلية ( التطهير العرقي في فلسطين ـ إيلان بابيه مثالا ) ، حيث صارت " المجزرة " حقيقة ملموسة ترافقنا في الحاضر و تغلق أفق المستقبل أمامنا ، بما هي وسيلة من و سائل الاستعمار الاستيطاني تتدرج بحسب الأهداف المرسومة من الترهيب إجبارا على الرحيل إلى الإبادة الجماعية إلغاء كاملا للوجود .
هذه توطئة تمهيدا لمقاربة طبيعة المجازر التي و قعت في آذار الجاري 2025 ضد العلويين في سورية ، حيث من المعلوم أنها ترافقت مع مجازر في قطاع غزة تقترفها الدول الغربية علما أن إسرائيل لا تعدو لقبا من ألقابها ، تكاد أن تصل من وجهة نظرنا إلى درجة الإبادة الجماعية في محاولة لإفراغ السكان ، و مع مجازر مماثلة تجري في جنوب لبنان بغية بلوغ نفس الهدف أيضا ، لكن الفرق أن الجرائم ترتكب في سورية على أساس الانتماء الطائفي على يد جماعات إسلامية أصولية متطرفة ، من السوريين ومرتزقة إسلاميين من بلدان شمال إفريقيا و أسيا الوسطى و الصين و برومانيا ، أمسكت بزمام السلطة بواسطة أطراف أجنبية (تركيا و الدول الغربية) ضد العلويين السوريين .
أما انغماس سوريين في قتل سوريين بطرق فظيعة فإنه يرتجع أمام الذاكرة حرب الإبادة الإثنية التي و قعت في البلاد الإفريقية راوندا بتحريض من دول غربية ، من أجل السلطة و من أجل توفير ظروف أفضل لاستغلال مناجم بلاد ثالثة ،هي الكونغو المحاذية .
من حقنا ، استنادا إلى هذا كله أن نتساءل عن الأسباب الكامنة و راء ما يمكننا ان ننعته بالعداوة البدائية أو الفطرية ،ضد العلويين و هم جماعة من السكان الأصليين ، على أساس معتقد موروث كجميع المعتقدات ؟
ـ هل نجد الإجابة في حالة راوندا ، حيث يبدو أن بعض الدول الغربية أرادت توظيف العصبية الإثنية لإيقاد نار الحرب في بلدان شرق إفريقيا المسماة منطقة البحيرات الكبرى ، رواندا ، أوغندا ، الكونغو ، بورندي ؟ و بالتالي من الطبيعي أن تتجه أنظارنا إلى تركيا و إسرائيل ، و هما الدولتان اللتان كان ظلهما مخيما على سورية طيلة عملية انتقال السلطة إلى الإسلاميين الأصوليين ، ناهيك من أن زيارات وفود الدول الغربية التي تبنت منذ 2011 سيرورة أسقاط النظام السابق ، تتوالى لمتابعة خطواتهم أول بأول في الحكم و تغذيتهم ماديا و ديبلوماسيا في حدود ما يلزم سلطتهم فقط ، دون ما يلزم السوريين المفقَرين و المنكوبين .
ـ و لا شك في أنه يحتمل ظهور أجوبة على تساؤلاتنا من خلال ما ستؤول إليه الأوضاع في الجزيرة السورية حيث من المعروف أن الحركة الصهيونية طالبت في سنة 1930 ، الانتداب الفرنسي بحق الاستيطان فيها . و على الأرجح أيضا أن أجوبة أخرى تنتظر التعديلات المزمع إدخالها على الخريطة الجغرافية ، لو تحققت ، و موقع المحافظات السورية الجنوبية ، و المحافظات السورية الشمالية ، و محافظات الساحل السوري ، بالإضافة إلى شرقي و شمال لبنان ، في التقسيمات القطرية المرسومة .
مجمل القول و قصاراه أن تحالف مجاميع الوطنيين و الديمقراطيين و التقدميين السوريين مع الدول الغربية ، و الدول الخليجية ، و أفرع الإخوان المسلمين ، كان سلوكا غير مسؤول . حيث ليس مستبعدا ان يطيح ليس بالوطن السوري فحسب و لكن يدول المشرق جميعا و بالقضية الفلسطينية أيضا