الاعلام العربي لم يكن منصفا مع مذبحة العلويين

محمد رضا عباس
2025 / 3 / 18

لم يدهشني ذلك . فقد وقف الاعلام العربي ما بعد التغيير في العراق موقفا سلبيا أيضا . لقد اخذ الجانب المذهبي من المحنة العراقية . وسميتها محنة لان ما جرى بحق العراقيين من ماسي يعجز القلم من وصفها , في بعضها تستنكف وحوش الغاب منها , لان وحوش الغاب يقتلون حين يجعون , القتل في العراق كان على يد مجاميع شبعانة الا من لحوم ودماء البشر.
الاعلام العربي لم يكم منصفا وهو يبث اخبار العمليات الإرهابية اليومية في العراق و هو يصف شهداء العمليات الإرهابية بالقتلى , تقليل اعداد ضحايا العمليات , تسمية المجاميع المسلحة بالمجاهدين , تقليل من ضخامة الحدث او مروره مرور الكرام عليه , و ضيافة عراقيين أعداء للتغيير على برامجهم اليومية وهم يعطون معلومات غير حقيقية للمستمع. فلا عجب لحد هذا اليوم ان نقرا تعليقات من بعض العرب تترحم على صدام حسين , واعتبار نظامه النظام المثالي للعرب ولولا اسقاطه لتحررت القدس ولبنى دولة عربية عرضها من الخليج الى المحيط .
هذا الاعلام نفسه وقف منحازا لمحنة العلويين وهم يذبحون بدم بارد على يد الارهاب الذي جاء مع احمد الشرع . عناوين بعض المحطات الفضائية العربية عن المجزرة كانت تميل الى النظام السوري الجديد و بشكل مقرفه , وفي الحال يصل المشاهد الى استنتاج ان هذه المحطات الفضائية عندها مشكلة مع المكون العلوي السوري . ضيفت احد المحطات واحدا من اهل اللحى من اهل سوريا لم اضبط اسمه ,كان يتحدث وكانه مسؤول وهو يعلل أسباب المجزرة من حيث ان أبناء القرى المجاورة لأحياء العلويين كانوا يتناولون الإفطار , وكانوا يتوقعون ان احبائهم المعتقلين في سجون بشار الأسد ان يكونوا احرار بينهم بعد التغيير , ولكنهم اصطدموا بعدم رجعتهم , فتوترت اعصابهم وهجموا على العلويين ذبحا . طبعا , المتحدث لم يقل كلمة " ذبحا" وانما قريبة منها . هذا التبرير لو عرض في دولة تحترم البشر لكان مصير صاحبه السجن.
محطة أخرى بدلا من ان تهدئ النفوس وتتحدث عن الالام واوجاع من فقد أعزاءه و تندد بتعامل المسلحين مع الضحايا , فسرت الاحدث على انه غضبة شعبية ضد تهديدات الحشد الشعبي العراقي وجيش القدس الإيراني و حزب الله الذي يلعب " شاطي شباطي " في سوريا , خاصة وان مواطنو الساحل السوري يتعاطفون مع ايران ! ولكن لم يكن بين شهداء المجزرة شخص من حزب الله او من العراق . وحسب علمي ان العراق قد بنى جدارا بينه وبين سوريا , فمن اين جاءت تهديدات الحشد الشعبي العراقي ؟ ثم ان الحدود العراقية محروسة من الجيش وليس من الحشد الشعبي , ولكن هذا الشخص ذكر حزب الله والحشد الشعبي حتى يعطي المبرر لأعداء ايران عن سبب قتل العلويين بدم بارد . ايران حلت محل الكيان الصهيوني على قائمة الكره العربية.
ومحطة عربية أخرى فسرت الجرائم بحق العلويين على انها جاءت بسبب المواجهات العسكرية . العلويون قتلوا خمسة عشر من امن الدولة , فجاءت القوات الحكومية لمواجهة المجاميع المسلحة التي قتلتهم , مما أدى الى سقوط ضحايا بين المدنيين . ولكن كل منصف لا يقبل بهذا التفسير , لأنه لم تكن هناك مواجهة بين قوتين . الكل شاهد ان مسلحين يقتلون ناس مدنيين لا سلاح بأيدهم . واذا فرضنا انه كانت هناك مواجهات مسلحة بين الجانبين , فماذا يقول الاعلام عن قتل أطفال ونساء في بيوتهم ؟ وماذا يقول عن حرق منازل العلويين بعد سرقتها ؟
ومحطة فضائية أخرى ادعت بان هناك محاولة انقلاب على " الثورة" وارجاع نظام بشار الأسد من جديد ! واستذكرت القرى المحيطة بالساحل جرائم بشار الأسد ضدهم , فاخذ كل مواطن سلاحه الخاص نحو الساحل دفاعا عن الثورة . هذا التفسير مضحك حقا , ويبين كيف ان الاعلام بدون ضمير يزور الحقائق و يشوه عقول مستمعيه . هذا هو نفس الاعلام الذي يروج بان حركة حماس حركة خارجية وحزب الله عميل لإيران وان الفلسطينيون يستحقون القتل و التشرد لانهم قطعوا يد من كان يجهزهم بالماء والكهرباء .
هل من المعقول ان مجموعة مسلحة قد يكون عددها الف مسلح تستطع بتغير نظام مدعوما من تركيا والولايات المتحدة و إسرائيل ؟ هل يعقل ذلك ؟ الانقلابات العسكرية تحتاج الى تحضيرات ومنها القبول الشعبي , وجود فرق عسكرية مؤيدة له , ونظام سياسي مخترق . أتذكر انقلاب عام 1963 في العراق والذي قام به البعثيون , كانت هناك فرق عسكرية كثيرة أعلنت الولاء للانقلابين , دول عربية ركضت بالاعتراف بالنظام الجديد و بنفس اليوم , إضافة الى ضعف نظام الراحل عبد الكريم قاسم حيث كان مخترقا من قبل البعثيين والقوميين .
اما اسخف تفسير لما حدث للعلويين جاء من اعلامي سوري على احدى القنوات العربية يقول فيه , ان " الفتنة" اندلعت بدعم من روسيا بعد ان طالب احمد الشرع إعادة 40 مليار دولار نهبها بشار الأسد , و تسليم بشار الى السلطة السورية , وكان التخطيط " للمؤامرة" هو هجوم العلويين من الساحل , وقسد من الشرق , والدروز من الجنوب , وان الذين قتلوا من العلويين كانوا مجرد دروع بشرية استخدمهم فلول النظام السابق , واحسن برهان على ذلك , انه كان هناك اغلاق محلات العلويين التجارية قبل يوم من المجزرة. و عندما لح مدير البرنامج على المتحدث بان هناك مسلحين أجانب دخلوا الساحل , أجاب المتحدث ان كل دول العالم تستخدم اشخاص من جنسيات مختلفة مثل ما يتم في الامارات العربية و السعودية والبحرين وقطر . وعندما سأله عن قتل ناس مدنيين وأطفال , أجاب المتحدث ان اعداد كثيرة من البشر قد قتلت في حرب اليمن مع السعودية على الرغم من ان السعودية تعير اهتماما بالغا بحياة الناس !
العجيب ان اعلاميون كثر يعتقدون ان استخدام القوة المفرطة ضد المعارضة انما تقوي عود النظام نماما مثل ما فعل الرئيس التركي اوردغان مع الانقلابين عام2016 , حيث خرج اوردغان اقوى من قبل المؤامرة. المدافعون عن النظام السوري لم يذكروا الشهداء وعددهم وكم اب فقد ابنه وكم طفل فقد اباه او امه ولم يتحدث عن احراق البيوت والسرقات , ولم يتحدث عن هجرة الالاف من العوائل العلوية الى الأرياف والى لبنان, وحسب المثل القائل " الشجرة تعرف من ثمارها", بمعنى هذا العنف الذي مر بالعلويين سوف لن ينجي أحدا منه في سوريا ان لم يكن هناك رادع حقيقي له. وبدون ردع حقيقي فان اليوم الذي مر على العلويين سيمر أيضا على الدرز ,و بعدها على الشيعة والسنة.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي