![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
ويصا البنا
2025 / 3 / 18
أشجان الحياة ومعاناتها:
في كل زاوية من هذا العالم، هناك قصة لم تُحكَ، هناك قلب ينبض بالألم في صمت، وعيون تحدق في الأفق بحثًا عن إجابة لأسئلة لا تنتهي. الحياة ليست عادلة دائمًا، وهي لا تمنحنا ما نريد بسهولة، بل تجعلنا نمر بطرق وعرة، نتعثر، ننكسر، ثم نحاول النهوض من جديد. ولكن كم مرة يمكننا النهوض؟ وكم مرة يمكن للروح أن تتحمل؟
ألم الفقد والفراق: حين تمتلئ الأيام بالصمت
الفقد أشد الاختبارات قسوة، فهو لا يطرق الباب، ولا يطلب الإذن قبل أن يأخذ منا أحباءنا، بل يقتحم حياتنا بلا رحمة. نقف أمام واقع لا يمكن تغييره، نحاول التصالح معه، لكن عبثًا نحاول. تمر الأيام، ويظل مكانهم فارغًا، صوتهم عالقًا في الأذهان، وذكرياتهم تحاصرنا في كل تفصيلة صغيرة. بعض الفقد يُنسى، وبعضه يترك ندبة لا تندمل مهما مرت السنون.
هناك فراق آخر لا يقل ألمًا عن الموت، فراق الأحبة وهم على قيد الحياة. حين تبذل كل ما في وسعك، ولكنك تجد نفسك في نهاية المطاف مجرد ذكرى في حياة من كنت تعتقد أنهم حياتك. تكتشف أن البعض يختار أن يبتعد، والبعض يتغير، والبعض يخذلك رغم كل العهود. إنه ألم لا يضاهيه ألم، أن تحاول الاحتفاظ بشخص يهرب منك، أن ترى من كان يومًا ملاذك يتحول إلى غريب، أن تتساءل أين ذهب الحب، ولا تجد إجابة.
الأحلام المجهضة: حين يصبح الطموح عبئًا
كم مرة حلمنا؟ وكم مرة استيقظنا على حقيقة قاسية، تقتل ذلك الحلم في مهده؟ نحلم بوظيفة، ببيت، بحياة مستقرة، بنجاحات ترفعنا عن واقعنا، لكننا نصطدم بجدران الواقع الصلبة. تعبنا من المحاولة، من الطرق على الأبواب المغلقة، من البحث عن فرص لا تأتي أبدًا. ومع ذلك، نواصل التظاهر بالقوة، نخبر أنفسنا أن الغد سيكون أفضل، رغم أننا لا نعرف متى سيأتي هذا الغد الموعود.
الخذلن: عندما تنطفئ الثقة
لا شيء يكسر الإنسان أكثر من الخذلان. عندما تثق بأحدهم، تضع قلبك بين يديه، ثم يتركه يسقط دون اكتراث. نُطعن أحيانًا من أقرب الناس إلينا، من أولئك الذين ظننا أنهم الأمان. يقال إن الخيانة تعلم الإنسان، لكنها في الحقيقة تترك جرحًا لا يشفى. بعد الخذلان، لا نعود كما كنا، نصبح أكثر حذرًا، نتجنب التعلق، نخاف من الحب، ونرتاب في كل من يقترب.
الحنين: حين يصبح الماضي أثقل من الحاضر
الحنين سجن لا مفاتيح له. نتذكر لحظات كنا نظنها عادية، لكنها كانت الأجمل. نستعيد أصواتًا، ضحكات، أماكن لم نعد نزورها، ووجوهًا لم نعد نراها. يصبح الماضي أجمل كلما ابتعدنا عنه، ونصبح أسرى لذكريات لن تعود. نحاول العيش في الحاضر، لكن الماضي يتسلل إلى أذهاننا في أضعف لحظاتنا، في الليالي الطويلة، في الأوقات التي نبحث فيها عن دفء لم نعد نجده.
الوجع الصامت: حين تتكلم العيون بدلًا من الكلمات
هناك من يتألم في صمت، يبتسم أمام الآخرين، لكنه ينهار حين يكون وحيدًا. يتظاهر بالقوة، لكنه يحمل من الأوجاع ما يكفي لأن ينهار ألف مرة. هؤلاء الذين لا يشكون، هم الأكثر احتياجًا لمن يفهمهم، لمن يرى وجعهم المختبئ خلف ضحكاتهم. لكن العالم لا يبالي، فالجميع مشغول بمعاركه الخاصة، ولا أحد يملك الوقت ليسأل: هل أنت بخير حقًا؟
هل هناك ضوء في نهاية النفق؟
رغم كل هذا الألم، هناك دائمًا شعاع من النور. قد لا يكون واضحًا، لكنه موجود. ربما في صديق وفيّ، في لحظة صادقة، في كتاب ينقذنا من واقعنا، في أغنية تعبر عما نعجز عن قوله، أو حتى في دمعة نذرفها فنشعر بعدها أننا أصبحنا أخف وزنًا.
الحياة لن تكون سهلة يومًا، لكنها تمضي، سواء أحببنا ذلك أم لا. وكل ما نستطيع فعله هو أن نتمسك بأي أمل، بأي شيء يجعل الاستمرار ممكنًا، حتى لو كان مجرد وعد بأن الغد قد يحمل لنا شيئًا أجمل، ولو كان بسيطًا.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |