![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
صادق جبار حسين
2025 / 3 / 17
الإتاوات والابتزاز في العراق من الظواهر التي تفاقمت بعد عام 2003 نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة وضعف سلطة القانون وانتشار الجماعات المسلحة والميليشيات
حيث تُعاني الشركات الأجنبية والمحلية بالإضافة إلى المستثمرين وأصحاب المحال التجارية من عمليات ابتزاز ممنهجة تمارسها الميليشيات والعصابات المسلحة بل وحتى بعض شيوخ العشائرتتضمن هذه العمليات فرض إتاوات مالية مقابل السماح لهم بالعمل وتهديدهم بتعطيل مشاريعهم أو التعرض لأمنهم الشخصي في حال الرفض .
حيث تواجه الشركات الأجنبية العاملة في العراق ضغوطًا مستمرة من قبل الميليشيات المسلحة .
على سبيل المثال تعرضت شركة أستثمارية لبنانية تعمل في مشروع سكني بمحافظة النجف لهجوم مسلح أدى إلى حرق موقع العمل وتدمير المعدات جاء هذا الهجوم بعد رفض الشركة دفع إتاوات للمسلحين الذين ادعوا ملكيتهم للأرض نتيجة لذلك قررت الشركة الانسحاب من المشروع والعودة إلى لبنان .
بالإضافة إلى ذلك أكد مستثمرون أن جميع الشركات الأجنبية التي عملت وتعمل في العراق "تدفع حصصًا للميليشيات لأجل استمرار أعمالها " بعض هذه الشركات تعرضت لسرقة معداتها أو منعها من إكمال أعمالها في حال عدم دفع الإتاوات.
ولم تقتصر ممارسات الابتزاز على الشركات الأجنبية فحسب بل أمتدت لتشمل الشركات المحلية وأصحاب المحال التجارية ففي المناطق المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" بدأت الميليشيات بفرض إتاوات على المقاولين بحجة حماية المشاريع و في حال رفض المقاول دفع المبلغ المطلوب يتم تعطيل مشروعه أو تهديده بالقتل .
تتخذ هذه الظاهرة أشكالًا متعددة في العراق حيث تشمل
1. الإتاوات على التجار وأصحاب الأعمال
حيث يتم فرض مبالغ مالية على أصحاب المحال التجارية والأسواق والمشاريع مقابل "الحماية" أو السماح لهم بمواصلة العمل .
بعض هذه الإتاوات تُفرض من قبل جماعات مسلحة أو ميليشيات وأحيانًا حتى من قبل جهات رسمية فاسدة .
2.الابتزاز السياسي والإداري
بعض الموظفين والمسؤولين يتعرضون لضغوط من أجل تمرير عقود أو صفقات لصالح جهات معينة.
حيث يتم استغلال النفوذ السياسي لفرض أجندات معينة أو الحصول على أموال غير مشروعة.
3.الإتاوات في نقاط التفتيش والمنافذ الحدودية
بعض نقاط التفتيش غير الرسمية تفرض مبالغ مالية على سائقي الشاحنات لنقل البضائع عبر الطرق أو بين المحافظات.
بلإضافة الى الابتزاز الجمركي في المنافذ الحدودية حيث يتم إجبار المستوردين على دفع أموال إضافية لتسهيل دخول بضائعهم .
4. الخطف مقابل الفدية
تمارس بعض الجماعات عمليات خطف لرجال الأعمال أو شخصيات مؤثرة للمطالبة بفدية مالية كبيرة مقابل إطلاق سراحهم .
أحيانًا يتم ابتزاز عائلات الضحايا حتى بعد دفع الفدية مما يفاقم الخوف وعدم الاستقرار .
ومن الأسباب المؤدية إلى تفشي هذه الظاهرة واستفحالها
- ضعف سلطة الدولة وعدم قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الجماعات الخارجة عن القانون .
-الفساد الإداري وتواطؤ بعض الجهات الرسمية مع هذه الممارسات .
- الوضع الاقتصادي الصعب الذي يجعل البعض يلجأ لهذه الأساليب كمصدر للدخل .
- انتشار السلاح خارج إطار الدولة مما يسمح بفرض النفوذ بالقوة .
أدت هذه الممارسات إلى تعطيل آلاف المشاريع الاستثمارية في العراق فقد أنسحبت العديد من الشركات الأجنبية من البلاد بسبب التهديدات والابتزاز لهم مما أثر سلبًا على الاقتصاد العراقي وأعاق جهود إعادة الإعمار بالإضافة إلى ذلك يعيش أصحاب المحال التجارية والمستثمرون المحليون في حالة من الخوف المستمر من التعرض للابتزاز أو التهديد مما يعيق نمو الأعمال والاستثمارات المحلية .
هؤلاء الطفيليات التي تعيش على معاناة العراقيين يستغلون ضعف الدولة وفساد المسؤلين ودعمهم لهم ليحكموا قبضتهم بفرض الإتاوات وممارسة الابتزاز ضد المستثمرين والتجار وحتى المواطنين العاديين ما يؤدي إلى تدهور بيئة الأعمال وهروب رؤوس الأموال وتراجع الاستثمار الأجنبي فبدلاً من أن يكون العراق بيئة جاذبة للاستثمارات أصبح بيئة طاردة له حيث بات الأمن الاقتصادي مهدداً ولم يعد التجار وأصحاب الشركات يشعرون بالأمان في ممارسة أعمالهم .
وأخذ الكثير من إصحاب رؤوس الأموال العراقيين والتجار والشركات يفضل الاستثمار في دول إخرى آكثر أمانًا وإستقرار من العراق
إن انتشار هذه الممارسات أدى إلى ارتفاع الأسعار وتراجع مستوى الخدمات وزيادة معدلات البطالة حيث يضطر العديد من أصحاب المشاريع إلى إغلاق أعمالهم أو تقليص نشاطهم خوفاً من التعرض للابتزاز .
لا يقتصر خطر هذه الجماعات على الاقتصاد فحسب بل يمتد إلى تهديد الاستقرار السياسي حيث تستغل بعض القوى هذه الممارسات لفرض نفوذها السياسي والمالي ما يؤدي إلى إضعاف الدولة ومؤسساتها ويزيد من حدة الأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد .
أن ظاهرة العصابات المسلحة التي تمارس الاتاوات والابتزاز تمثل تحديًا خطيرًا لاستقرار العراق واقتصاده ولا يمكن القضاء عليها إلا من خلال إجراءات حكومية حازمة تشمل فرض سيادة القانون وملاحقة المتورطين وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية لمواجهة هذه الجماعات إن التصدي لهذه الظاهرة ليس خيارًا بل ضرورة لاستعادة هيبة الدولة وضمان بيئة آمنة للتنمية والاستثمار بعيدًا عن سطوة الخارجين عن القانون .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |