صاموئيل ݒيكت طفرة لما بعد ألحداثوية

ثائر ابو رغيف
2025 / 3 / 14

صاموئيل ݒيكت (1906–1989) كاتبٌ مسرحي وروائي وشاعر إيرلندي، يُعتبر أحد أبرز وجوه الأدب الحديث وأحد رواد مسرح العبث. عُرف بحياته المليئة بالتحديات النفسية والفكرية، والتي انعكست بوضوح في أعماله الكئيبة والساخرة التي تتناول العزلة واللامعنى في الوجود الإنساني. على الرغم من ندرة المعلومات المباشرة عن تفاصيل حياته الخاصة التي كان ݒيكت نفسه يُحافظ على خصوصيتها بصرامة إلا أن أن بعض المصادر الموثوقة تُشير إلى أن ݒيكت زار بيوت الدعارة خلال فتراتٍ مُحددة من حياته، وخاصةً في سنوات شبابه في باريس. لست هنا بصدد ذكر زيارات ݒيكت للمواخير بلا سبب ففي ثلاثينيات القرن العشرين، حين عاش ݒيكت في باريس، كانت المدينة مركزاً للفنون والتحرر الاجتماعي، حيث كانت بيوت الدعارة جزءاً من المشهد الثقافي لبعض المثقفين والكتاب. تشير بعض الشهادات إلى أن ݒيكت كان يرتاد هذه الأماكن أحياناً مع أصدقاءٍ من دائرة جيمس جويس، لكنه لم يروِ هذه التفاصيل علناً. بدلاً من ذلك، عكست أعماله لاحقاً نظرةً قاسية إلى الجسد البشري كرمزٍ للضعف والفساد، كما في مسرحية "أوه! الأيام الجميلة"، حيث تُدفن الشخصية
فݒيكت كان يعاني من صراعاتٍ عميقة مع العزلة والقلق الوجودي، وقد عبّر عن ذلك في أعماله التي تتناول هشاشة العلاقات الإنسانية. تُرجح بعض التحليلات أن زياراته لبيوت الدعارة كانت جزءاً من سعيه لفهم طبيعة الوحدة والاتصال البشري، أو هرباً من كآبته التي لازَمته طوال حياته. في رسائله الخاصة، وصف شعوراً بالاغتراب حتى في العلاقات الحميمة، ما قد يفسر تجاربه تلك كمحاولة لاستكشاف حدود التواصل الإنساني، وهو موضوع رئيسي في مسرحياته مثل "في انتظار گودو" ألذي لايأتي (1952)، تلك التي تحدت المفاهيم الكلاسيكية للدراما بتجاهلها للحبكة التقليدية والحوار المتماسك. العدمية وغياب المعنى الواضح تعكس رؤية حداثوية لتفكك اليقينيات في عالم ما بعد الحربين العالميتين. ستكون أحدى مقالاتي ألقادمة عن هذه ألمسرحية ألفلسفية ألرائعة
إستخدم ݒيكت التكثيف والاختزال في أعماله اللاحقة (مثل "نهاية اللعبة" أو "الأيام السعيدة")، فقد استخدم ݒيكت إطارًا مسرحيًا مُختزلًا، حيث تختفي التفاصيل الزائدة لتركيز الانتباه على التجربة الإنسانية المجردة و لإيصال فكرة عجز أللغة عن التعبير عن المعنى الحقيقي جعل ݒيكت حواراته مليئة بالتكرار والتناقضات والصمت. هذا يعكس النقد الحداثوي لسلطة اللغة كوسيلة لفهم العالم
في مسرحياته، أصبح الصمت جزءًا أساسيًا من النص، كتعبير عن استحالة الفهم الكامل، مما يربط أعماله بفلسفة الوجودية والعبث فوجودية العبث والانتظارفي شخصيات ݒيكت (مثل ڤلاديمير وإستراگون في "گودو") تعيش في عالم بلا معنى، تنتظر ما لا يأتي، وهو استعارة لقدرة الإنسان على الصمود رغم غياب الغاية أما مسألة العزلة والهوية في رواياته (مثل ثلاثية "مولوي"، "مالون يموت" و "اللامُسَمَّى")، يتحلل الجسد والهوية، مما يعكس أزمة الفرد في الحداثة
رغم ارتباط ݒيكت بالحداثة، فإن تجريبيته المتطرفة ورفضه للسياقات الواضحة جعلت أعماله جسرًا نحو ما بعد الحداثة، حيث التركيز على التشتت وغياب المركزية
حصل ݒيكت على جائزة نوبل للآداب (1969) لكتاباته التي "أعطت شكلًا جديدًا للرواية والمسرح في عصرنا الحديث". أثّر في مسرحيين مثل هارولد ݒنتر وفرناندو أرابال، وفي أدباء استخدموا التكثيف والعدمية.
ݒيكت يمثل ذروة التجريب الحداثوي في تفكيره الجريء حول الوجود الإنساني، مستخدمًا الشكل الفني لطرح أسئلة وجودية دون إجابات. أعماله تُجسّد روح الحداثة في تشكيكها باليقينيات وتفكيكها للأنماط التقليدية، مما جعله أيقونة في تاريخ الأدب العالمي
في النهاية، لم تكن حياة ݒيكت الشخصية بما فيها هذه التفاصيل سوى انعكاسٍ لرؤيته التشاؤمية للوجود، التي حوّلتها الكتابة إلى فنٍّ عالمي. رفض دوماً أن يُفسر أعماله أو حياته، قائلاً: "إذا أردت أن تعرف عنّي، اقرأ ما كتبته". حتى في أكثر أعماله قتامةً، ظلّت هناك لمحة من السخرية والرحابة الإنسانية، كما لو كان يبحث عن نورٍ في ظلام العبث.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي