دوامة العنف

علاء هادي الحطاب
2025 / 3 / 14

د. علاء هادي الحطاب


تعاني الدول التي تتخلص من أنظمة سياسية دكتاتورية من ارتفاع الحالة الثأرية بين الضحايا وعناصر هذا النظام الدكتاتوري الذي تخلصت منه، كون الضحايا وجدوا الطريق سالكة أمامهم لاسترجاع ما أُهدر من حقوقهم وكراماتهم، لذا وجد المفكرون في النظم السياسية والسياسات العامة وصفات متعددة من خلال مراحل انتقالية، تُسن فيها التشريعات وتُتخذ فيها الإجراءات لتفادي تضخم حالات الثأر والثأر المقابل، لذا وجدت وصفة العدالة الانتقالية وغيرها من الوصفات كعلاج لمثل هكذا حالات تمر بها الدول التي رزحت تحت حكم دكتاتوري ولد جلادين وضحايا، لكن يبقى نجاح أي من تلك الوصفات مرهونا بسلوك رجالات النظام السياسي الجديد، والإرادة السياسية التي تطوع المجتمع لقبول هذه المرحلة الانتقالية من خلال قوانين واضحة وإجراءات فاعلة، وعادة ما تستهدف هذه الوصفات طرفي معادلة الصراع (الضحية والجلاد ) من خلال محاكمة المنتهكين لحقوق الإنسان وتعويض الضحايا وهناك مجموعة استراتيجيات لتحقيق ذلك، ويبقى نجاح ذلك مرهونا بعوامل وظروف أخرى ليس المجال متاحا للتوسع في ذلك.
ما يحدث في الساحل الشرقي لسوريا تجاوز حتى الحالات الثأرية لعناصر النظام وقادته الذين ارتكبوا جرائم وانتهاكات بحق المدنيين الأبرياء، بل ما يحصل هو تصفية عرقية وطائفية بحق مدنيين من نساء وأطفال ورجال لم يكونوا جزءا من النظام وعناصره وأدواته، وواضح ذلك من خلال تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي اختص منذ سنوات بهذا المجال، فضلا عن مقاطع الفيديو التي انتشرت لعناصر يقتلون المدنيين من الرجال العزل من دون أي سلاح، فضلا عن النساء والأطفال.
ما يحدث في سوريا اليوم يكشف طبيعة سلوك الفصائل والجهات المتنفذة اليوم في سوريا، الأمر الذي يقلص وربما ينهي فرص الاستقرار الاجتماعي والسياسي، لأن دوامة العنف دارت ولا يمكن ايقافها إلا من خلال قوانين وتشريعات واجراءات رادعة لحملة السلاح، سواء من المؤدلجين بأفكار دينية متطرفة، او المؤدلجين بدوافع عرقيّة.
سوريا وهي تعيش مرحلة انتقالية بين نظام دكتاتوري شمولي حكمها من خلال حزب واحد لأكثر من خمسين عاما وبين سلطة لم تنجز شرعيتها بعد من خلال مصادقة الشعب السوري عليها، ستبقى تعيش حالة الفوضى والاقتتال الداخلي، اذا لم تتدخل الشرعة الدولية لضبط انفلات السلاح وحملته فيها، او تلجأ الإدارة الجديدة فيها إلى إجراءات صارمة تجاه تجار الدم وحاملي الأفكار المتطرفة الذين تعددت جنسياتهم وعقائدهم وانتماءاتهم وفصائلهم وولائهم.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي