طيور الصبار وذكريات السنين ، جميل شموط

مهند طلال الاخرس
2025 / 3 / 13

طيور الصبار وذكريات السنين جميل عبدالقادر شموط كتاب يقع على متن 348 صفحة من القطع الكبير وهو من اصدارات دار الكرمل للنشر والتوزيع ينة 2003 في عمان الاردن .

كتاب سبرة ذاتية ومهنية ونضالية مهمة وملهمة وجادة تبرز معالم اللجوء والتشريد والنكبة وما تلاها من حياة المخيم وبؤسه وضيق الحال، حتى تمكن الفلسطيني من امثال شموط من شق طريقه في الحياة والتعليم والنضال بخطى بعزيمة ثابتة لا تكل ولا تلين، ولا يثنيها عن غايتها واهدافها النبيلة بالحياة الكريمة والحرية والاستقلال والعودة الى الديار اية عائق مهما علا الطغيان او تجبر.

الكتاب جاء ليقص علينا حكاية الخروج الرهيب والمأساوي من اللد على اثر نكبة ١٩٤٨، والتي رافقها كثير من حكايا العطش والجوع وحتى الموت على قارعة الطريق حتى الوصول الى قرية نعلين..فمن اللد إلى نعلين فرام الله، ومن هناك إلى الخليل فغزة، ثم تضيق به وبأهله الأحوال، فيلجأ إلى مهن بسيطة لاعالة نفسه وعائلته قبل ان يلتحق بمدرسة تابعة للأونروا، والتي ستاخذ المؤلف بعيدا في مضمار الاونروا وترقياته ونصالاته من خلال دروبها ووظائفها والتي عمل بها وبوظائفها المتعددة والتي اخذت حيزا كبيرا من سيرته ومسيرته ومن صفحات هذا الكتاب.

في السيرة يبدا معنا الكاتب من عند اللد مسقط راسه وبلده وبلد اجداده كابر عن كابر، فيبدا باتعريف بموقع اللد ونشأتها ومشاركتها في ثورة 1936 وتصديها للاحتلال عام النكبة... وحتى خروجه منها مع أهله بالقوة في منظر تقشعر له الابدان ويندى له الحبين، كل هذا وهو دون سن الخامسة عشرة.

وقد جسّد شقيقه الرسام المشهور إسماعيل شموط هذه الواقعة المأساوية في «جدارية الخروج من اللد».

الكتاب يمثل سيرة حية لاحد الرواد من جيل النكبة الذي شق طريقه غصبا، حاله مثل حال بقية شعبه، وحالهم جميعا كان كحال اسطورتهم طائر الفينيق؛ فهذا الشعب ما ان يعتقد الكثيرون انه ذبح وشرد وتلاشى، واذا به يلملم اشلاءه وينهض من تحت الركام من جديد ...

هذا الكتاب يمثل شهادة حية على دنس الاحتلال وجرائمه بحق شعبنا منذ النكبة .... وجارحة لانها تظهر مدى الجرح الغائر في صدر االشعب الفلسطيني... فالكتاب بهذه الصيغة جاء وثيقة جرم وادانة للمحتل واعوانه وانصاره من المتامربن تاريخيا على فلسطين وشعبها...

هذا الكتاب يحتوي كثير من المواد الارشيفية والوثائقية التي تخرج عن موضوع السيرة الذاتية؛ إلا انها ومع ذلك تصلح للاسترشاد بها والرجوع اليها بصفتها تمثل ارقاما واحصائيات خاصة بالمخيمات وسجلات الاونروا ، والتي تحصل عليها الكاتب بحكم عمله في الاونروا وتدرجه بوظائفها .

الكتاب في نصفه الاول والذي يجسد النكبة والخروج من اللد وحتى اللجوء الى مخيم خانيونس كتب بلغة جميلة ومعبرة مليئة بالمشاعر الجياشة، وبالذات اللغة الشعرية التي تخفف من هول المأساة الواقعة بفعل النكبة.

ويعد فصل عمل الكاتب وتواجده في لبنان هو الاكثر صخبا بالاحداث والفعاليات؛ فبعد حرب 1967 ينتمى جميل شموط إلى جبهة التحرير الفلسطينية (طريق العودة)، ثم في مطلع 1970 إلى «حركة فتح»، ويعمل سريا ضمن صفوف القطاع الغربي.. وفي هذه الفترة بقي صاحبنا مثابراً على عمله النقابي في الأونروا حتى وصل الى رئاسة اللجنة التنفيذية للموظفين في رئاسة الأونروا.

الا ان الفصل الاجمل في بيروت كان حكاية معسكر التدريب في كيفون بإشراف أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية ويقيادة العقيد الشاعر.

وفي 1960 شارك صاحبنا مع وفد فلسطين المشارك في مهرجان الشبيبة العالمي في صوفيا، وكان من المشاركين عن فلسطين سعيد كمال وتيسير قبّعة ومحمد صبيح وصلاح صلاح وربحي عوض وبسّام أبو شريف وإبراهيم العابد ومنذر عنبتاوي وفيصل حوراني وإسماعيل شمّوط، كما شارك أيضاً في 1973 مع الوفد الفلسطيني في مهرجان الشباب في برلين.

وفي بيروت شهد صاحبنا الصدام المسلّح بين المقاومة الفــــلسطينية والجيش اللبناني، وفي هذا الفصل يروي صاحبنا قصة تستحق الذكر مع الزعيم الخالد ياسر عرفات... فيروي تكليفه من قبل ياسر عرفات لتأمين ميزانية لتغطية النفقات المعيـــــشية لأهــــالي حيّ الفــــاكهاني والجامعة العربية ابان الحرب..

ومع تصاعد اتون الحرب الاهلية واتساع نارها انتقل صاحبنا مع الاونروا الى عمان ثم الى فيينا لتبدا هناك فصول حكاية اخرى من النضال والتغريبة الفلسطينية ...

سيرة جميل شمّوط «طيور الصبّار» سبرة تستحق ات تروى وتدون، فهي شهادة حية على سيرة ومسيرة جيل النكبة، ووثيقة جرم وادانة بحق المحتل واعوانه..وهي في نفس الوقت سجلٌ حافل لحياة مفعمة بالتحدّي والبقاء كتب فيه صاحبه تفاصيل اللجوء والنزوح ووثق وصور عذاباته الحسية، والتي لا يحسن التقاطها إلاّ ابن النكبة او مصوراتي بارع،اوسليل جرح غائر مازال ينز دما والما كلما ذكرت فلسطين...

واننا نحسب صاحبنا في هذا الكتاب قد اجتمعت اليه كل تلك الظروف والاسباب والتي مكنته من وضع هذا الكتاب بكل تلك المتعة الماثلة بين ايدينا والتي تنثال ذكرياتها ونحن نقلب صفحات اللجوء وحكايا النكبة...

فطوبى وطيب لجميل شموط وامثاله من جيل النكبة الذين تركوا لنا كل هذه الحكايا عن سيرة اشلائنا وابائنا وذكريات بلادنا الزاخرة والعامرة والمزدحمة بالوجع والالم...والطافحة بالحنين...

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي