رأيتكِ ..

جاسم ألياس
2025 / 3 / 13

رأيتكِ من بعد عشرينَ ..كيفَ..؟
طويلاً أسائلُ عنكِ المدى

أسائلُ سربَ العصافيرِ زرقاءَ،
حمراءَ يهبطنَ فوق الربى

أسائلُ تلكَ البداياتِ، هل
تذكرين، تسرْبلنَ بالمرتجى

وبالحسراتِ، وبالخوفِ أنَّ
الرحيل َ قدومٌ بما يُصْطلى

وأنَّ المساءَ الذي طالما كان
منّا سيغدو غريبَ اللُمى

فلا الوجهُ للوجهِ ظمآن يشكو
ولا السرُّ بالسرّ يعلو الحشى ..

..
..

رأيتكِ يالَلْلِقاءِ الجليلِ
ويا للهناءِ ويا للْشذى

تفتَّحَ فيَّ رواءُ الحياةِ
وفارَقني كمدٌ كم عتى

وهو الوصالُ نقيُّ اللحاظِ
يَزيحُ الهمومَ كشأنِ الرّدى ..

..
..

رأيتكِ…كيف ..؟؟ لكِ العمرُ غَمْراً
ويسقيكِ جَذْلاً كؤوسَ المنى

لكِ الفرسُ الجامحُ المُسْتنيرُ
بلا كبواتٍ يجوبُ الفلا

لكِ الخيرُ من طائرِ الماءِ أيّانَ
سرتِ يُهيلُ رذاذَ السَّقا

لكِ الحجرُ القزحيُّ العيونِ
وفيهِ الدعاءُ مخافةَ وثبِ القذى

لكِ المجدُ إلا بواديهِ وهو
البعيدُ ومثلُهُ لا يُقْتدى

لكِ النخلُ، جُرْحُهُ والسّعفُ
يقتتلانِ ويقتسمانِ الأذى

لكِ الجذرُ ما زال غضَّ العُروق ِ
أبى بين كَرِّ الدهورِ الونا

إذا عقَّهُ الماءُ هَشَّ الجبينُ
وإنْ خانهُ الصَّحبُ أبقى الوفا

لعِلَّةِ أنَّ الأمُهَّاتِ رغم
العقوقِ يُرينَ مثالَ السّما ..

..
..

رايتكِ ِ، هاتِ يديكي وغنّي
وليسَ غناءً كشدوِ الصَّبا

رحاهُ تراتيلُ نأيٍ وبعدٍ
وكشفُ مضامينِ هذي الدُنا

وفيهنَّ أمسُكِ نشوانَ يعدو
ويحملُني نحوَ عذبَ الكرى

ونحو شواطيءِ بغدادَ حيثُ
النخيلاتُ والريحُ والمُجتنى

وعزُّ المقامِ وعزُّ اللواءِ
وحيثُ الرزايا غدوْنَ الحمى

عجبتُ من الناس تلقى الهمومَ
وتوعزُ إقبالهُ للقضا

يقينٌ به تستظلُّ القلوبُ
فتبدو المهاوي نظيرَ الذُرى

يقينٌ وكم رفد الجائرينَ
وكم جعلَ الشعبَ رهنَ الوبا ..

..
..


رأيتكِ سمراءَ ذاكَ الطريقِ
وذاك العذابِ وذاك الضنى

سمراء تلكَ الخيالاتِ تيهاً
يرودُ مناكبُهُنَّ الثرى

أنا المستهامُ وقلبي المريدُ،
ويَنْزُلْنَنِي في رواقِ السَّنا

فأشعرُ أني من الأرضِ قطبٌ
ومن لجُجِ البحرِ موجٌ زهى

وأشعر أنّي المرايا وذاتي
المقاماتُ بالوجدِ والمُصْطَلى

وأشعرُ والنجمُ طيُّ الجوانحِ
أنَّ المطافَ رديفُ الرجا

وأنَّ التقاويمَ فِعْلَ الإباءِ
تشبَّثْنَ بالبّدْءِ في المبتدى

فيا ظبيةَ الحلم ِ بين الظبا
أما آنَ للحالمينَ اللِقا

تقضَّى أوارُ الخوالي فهل
عَوَضٌ عنهُ في ظامئاتِ الإنَا

ثلاثونَ أضربُ في الكونِ رحلي
كثيرَ الحنينِ .. غريبَ الخطى

فهات يديكِ وتلكَ الطيوفَ
أنا متعبٌ من مريرِ الوجى

ومتعبةٌ قسماتي من البينِ
حيناً وحيناً منَ المُبتغى

وهاتِ مواويلنا الناضراتِ ،
لكِ العمرُ هاتِ سجوفَ الشجى

وذاكرةَ الماءِ ماءِ الجنوبِ
يتيهُ على حافتيه الشذى

وضمَّةَ كفَّيكِ كم جالتا بين
صمتيَ فرطَ أنينِ الجوى

وكم حامتا بين آفاقِ روحيَ
فاخضرَّ عودٌ وعشبٌ زها

ألا هاتها ما على ساعديكِ
من القبلاتِ جوارَ الدِّما

من الومضاتِ على الحاجبينِ
وفوقَهما شغفي مُنْتَدى

وددتكِ قربيَ .. هاتِ المثول َ
وما طيَّه ُ من صليل ِ النوى

معي أنتِ .. لم يلثمِ السأمُ كفِّي
ولا اليأسُ حين إحتشادِ الدجى

ولولا خيالكِ ما كنتُ أسعى
وما كنتُ امسكُ هامَ الذُرى

وعنّي الجماهيرُ ما ساءلتْ
ولقد خبرتْني نصيرَ الملا

لآلامها انزُلُ الصخرَ كدّاً
وادرأُ عنها مريرَ الطّوى

هو الفكرُ والفعلُ إنْ لم يؤولا
نضالاً فَسَمِّهِ سَقْطَ الثرى

فما قيمة ُالحرفِ مهمازُ جورٍ
وما قيمةُ الجُهْدِ جَرْدُ الجنى

معي أنتِ رغم الأعاصيرِ .. رغمَ
المنافي ورغمَ ارتدادِ الضحى

من الطينِ رفَّتْ مواويلُنا
ومن طَفحِ الأُنْسِ بين الثرى

من الكركراتِ الظميئاتِ رحنَ
يمازجْنَ بين الأسى والرجا

من الأقحوان ِ تهادى شمالاً
وحيداً يُرَكِّبُ حلماً كبا

من القيظِ يقظانَ فوق السقوفِ
يسامرُ أحزانَ زغبِ القطا

سقى الغيثُ يا حلوةَ الدربِ أمساً
خليطٌ ً بهِ حسراتُ الصِّبا

فكم مازجَ القلبَ هَمُّ بأنَّ
الأراجيحَ للرهطِ .. رهطِ الغنى

لماذا تجوعُ الشبابيكُ في
وطني والجدارُ وزهرُ الربى

لماذا المزاميرُ حكرٌ لهم ولماذا
الأغاريدُ والجازُ والمُكْتَسى

لماذا أراكِ ويرتدُّ حزني
وأعرفُ أنَّ الزمانَ قسا

لماذا القطار أتاني وغابَ
ووحديَ فيهِ ولفحُ الصّدى

وبضعُ حقائبَ من باب ِجدِّي
ومثليَ يندبنَ فجراً غفا

ومثليَ يسألن دهراً ودهراً
علام الذبولُ والأماني متى

متى الكلماتُ يَزِحْنَ الأنينَ
ليُوخِزُهُنَّ رفيفُ الهنا

متى الرافدانِ الجليلانِ إنْ
جَرَيا يرقصُ الخيرُ بين الطمى

قرونٌ وما ضمَّخَ العيدُ سعفي
وما أطفأ البرقُ عينَ البلى

لماذا عراقُ تنام ُ كليلاً
وتصحو عليلاً وتبدو سُدى

امثلكَ يشقى ودنياكَ دنيا
امثلكَ..؟! لو تستفيقُ القُوى

لو الأرضُ تطرحُ اثقالَها ــــ
ولوِ النهرَ تغسلُ عينُ المها

لو اليمُّ يطردُ أغرابَهُ .. لو
على وثب جرح ٍيضجُّ الفلا

لو نحنُ محرابَ عينيكَ ندخلُ
ليس لنا غيرُ طقسِ الفدى

لو لا نساومُ إذْ تُسْتَضامُ ،
ولو لا نكابرُ إذْ تُخْتَشى

لو نطردِ الأرذلينَ الطُغامَ
عراقُ نراكَ نراكَ الحمى ..
..
..


تعالي ساشعلُ فيضَ الشموع ِ
وفيضَ الحنين وفيضَ الرجا

سادعو عصافيرَ بيتي القديمِ
وما فوقهُ من رسومِ السّرى

سادعو الخلاخلَ والأمْنيات ِ
وفي طيِّهنِّ هديلُ الحيا

تعالي هنا حجرُ الأرجوانِ
يخبِّأُ زهواً أمانٍ لنا

هنا المقعدُ الخشبيُّ العتيدُ
مراراً عليه ِكلانا أرتمى

عليه ِ وتدرين َ هاجت عيونٌ
وقارعهُنِّ لذيذُ المنى

رعى النخلُ ذاك المساءَ
يسلِّمُنا لضروبِ العلا

ويدفعُنا لأعزِّ الضفافِ
فنبصرُ ما لا سعيدٌ يَرى

نرى العاشقين ولاةَ الأمورِ
وبالعشقِ لا غيرَ يسمو الورى

تعالي أنا العاشقُ البِكْرُ ..أنتِ
الطوافُ .. انا الصوتُ .. أنتِ الصّدى

أنا أنتِ .. أنتِ أنا .. حالتانِ
وتمتزجانِ فذيَّاك ذا ..



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• شاعر من سنجار ..





حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي