![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
علاء اللامي
2025 / 3 / 13
ضرورة التمسك بالحشد وإصلاحه وفصله عن أحزاب الفساد ليكون له دوره في التصدي للمجازر والكوارث المحتملة وفي إنهاء نظام الطائفية السياسية والفساد مستقبلا: يعيش رجال حكم المحاصصة التوافقي في العراق حالة من الذعر والرعب منذ وصول الفصائل السلفية المسلحة السورية إلى الحكم بدعم كثيف تركي وقطري، وقد أوفدوا مبكرا، وفدا حكوميا أمنيا رفيع المستوى للقاء الجولاني شخصيا في بادرة اعتراف لا تقبل الجدل. وقد تفاقم هذا الرعب بعد مجازر الساحل السوري التي ارتكبتها المليشيات التكفيرية. ثم تحول هذا الرعب إلى كابوس لقيادات أحزاب الفساد الحاكمة حين استمرت الإدارة الأميركية بطرح مطالبتها بحل الحشد ودمجه في الجيش الحكومي. فبعض أطراف الحكم وهي الغالبية تدعو إلى الاستجابة الى الطلب الأميركي من أجل البقاء في الحكم والبعض الآخر يرفض الاستجابة دون أن يطرح بديلا معقولا.
*تفادياً لمذابح جديدة قد يرتكبها التكفيريون في العراق مستقبلا ومن أجل الاعتماد على النفس وإخراج العراق وشعبه من دائرة الموت والعجز والهيمنة الأجنبية، أعتقد أن الواجب يحتم على الاستقلاليين والوطنيين على ندرتهم - ليس فقط التمسك بالحشد الشعبي - بل أيضا بإصلاحه، وضمان استقلاليته عن أحزاب ومؤسسات الفساد في الحكم، والفصل بينه، كمؤسسة دستورية، وبين فصائل مسلحة مستقلة عنه.
*لقد كان الحشد في الأساس موجة تطوعية جماهيرية عفوية مستقلة أثارها الانهيار الفاضح للجيش الحكومي الذي شكله المحتلون الأميركان لحكومة نوري المالكي، ثم تحول الحشد إلى مؤسسة دستورية لاحقا ولأسباب لا علاقة لها ببواعث تشكله العفوية، ولا علاقة تأسيسية لها بفتوى السيستاني التي دعا فيها العراقيين إلى التطوع في الجيش والمؤسسات الأمنية الحكومية وقال فيها نصا: "ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس." علما بأن الموجة التطوعية الشعبية سبقت هذه الفتوى بعدة أيام ولكن الفتوى والحق يقال سرعت إيقاعها وضاعفت قوة زخمها وعنفوانها رغم أنها جاءت في سياق آخر غير سياق تشكُّل الحشد الشعبي، ومن يقول اليوم إن الحشد الشعبي هي حماية المذهب والطائفة الشيعية فهو إنما يسيء لدماء شهداء الحشد وتضحيات جرحاه وذويهم وهم الذين هبوا لتحرير المحافظات ذات الغالبية العربية السُّنية الثلاثة من الطاعون الداعشي ولا يختلف جوهرا عن الجولاني وأتباع!
*إنَّ نظام المحاصصة الطائفية والعرقية التوافقي القائم في العراق منذ سنة 2005، والمستمر بموجب لعبة انتخابية فاسدة ومصممة لتستمر هكذا لتحجب وتزور إرادة أكثر من أربعين مليون عراقي وعراقية، ولا تتجاوز نسبة المشاركة فيها باعتراف القائمين عليها عشرين بالمئة من المسجلين أي بحدود عشرة بالمئة ممن يحق لهم التصويت، إنَّ هذا الواقع جعل العراق مستعمرة ومحمية أميركية عاجزة عن الدفاع عن نفسها.
*فالعراق ومنذ سنة 2003، ممنوع من أن يتسلح بشكل حقيقي ومستقل وممنوع من ترميم وتطوير البنية التحتية ومن مكافحة الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة كلها. العراق اليوم بلد قررت دولة الاحتلال أن يحكمه ساسة طائفيون فاسدون مقابل أن يجعلوه ميتا سريا، وأن يحولوه إلى بلد استهلاكي مستباح لا جيش فيه، ولا صناعة فيه ولا زراعة ولا صحة ولا تعليم ولا ثقافة... ثمة وحسب الأسواق والمولات المتكاثرة في جميع المدن والبلدات العراقية.
*وعلى هذا وبسببه، وعذرا للتكرار، لابد من التمسك بالحشد الشعبي وإصلاحه، وضمان استقلاليته عن أحزاب ومؤسسات الفساد في الحكم، والفصل بينه كمؤسسة دستورية وبين فصائل مسلحة مستقلة عنه، وضرورة أن يكون لهذا الحشد الشعبي فعلا والمستقل حقا دوره الرئيس في الإطاحة بحكم المحاصصة الطائفية وطرد القواعد والقوات الأجنبية المفروضة قسرا وليكون نواة جيش العراق الديموقراطي المستقل والقادم مستقبلا.
*أعرف جيدا أن هذا الكلام قد يحسب على مناط الرغائب والأحلام لا السياسة وهذا صحيح، لكني سأحسبه أيضا على مناط الشهادة والتحذير فمن لا يحلم لا مستقبل له!
*لا فرق بين المعولين على واشنطن في الدفاع عن العراق وشعبه والمعولين على إيران أو غيرها، وإنَّ شرط الاستقلال الوطني يكون في بناء عوامل القوة الذاتية العراقية وفي مقدمتها التمسك بالحشد الشعبي وإصلاحه وتخليصه من هيمنة الفاسدين في أحزاب الحكم ليكون سيف الشعب لا سيف الفاسدين وسارقي ثروات الشعب والمفرطين باستقلال وكرامة العراق.